اتحاد الشغل يدخل بمواجهة مع قيس سعيد ثم يشتكي من الاستهداف

أوساط سياسية تونسية ترى أن من حق السلطة الدفاع عن هيبة الدولة وتوظيف ما يسمح لها به القانون لترد على ابتزاز الاتحاد.
الجمعة 2022/06/10
شعارات فضفاضة لتعطيل الاصلاحات

تونس - قطع الاتحاد العام التونسي للشغل كل أبواب التواصل مع الرئيس قيس سعيد ومع حكومة نجلاء بودن وجهّز نفسه لدخول مرحلة ليّ ذراع وتصعيد مع السلطة، قبل أن يصدر تحذير من بعض قياداته من أن الاتحاد مستهدف بشكل كبير، في خطوة قالت أوساط سياسية تونسية إنها تعكس منتهى التناقض لدى المنظمة النقابية.

واعتبرت الأوساط السياسية التونسية أن الاتحاد اختار التصعيد، وكان يفترض أن يكون عارفا بأن الدولة لن تصمت وأنها ستجهز بدورها طريقة للرد على هذا التصعيد، وعلى حملات الاستعلاء والاستهانة برموزها.

وأضافت أنه إذا كان الاتحاد قد لجأ إلى الإضراب لإجبار الرئيس سعيد على التعامل معه كطرف قوي في البلاد، وكجهة سياسية مؤثرة لا يمكن لأيّ حوار أن يتم دون مشاورتها والأخذ بخارطتها، وإذا كان قد ضغط على الحكومة لإجبارها على تبني إصلاحاته بدل إصلاحاتها، فإن من حق السلطة أن تتحرك لتدافع عن هيبة الدولة وقيمتها كطرف فوق الجميع، وأن توظف ما يسمح لها به القانون لترد على ابتزاز الاتحاد من ذلك مواجهة الإضرابات بالخصم المالي وبشكل آلي.

وتساءلت هذه الأوساط كيف يتباكى الاتحاد تحسبا لردة فعل قوية من السلطة إذا كان قد اختار التصعيد ولم يراع أن البلاد في مرحلة سياسية واقتصادية حرجة وكان يفترض أن يدعو من جهته إلى هدنة اجتماعية تمتد لثلاث سنوات على الأقل للسماح بتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتنفيذ الإصلاحات العاجلة التي يعرقلها تحت شعارات فضفاضة.

وقال الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي الخميس إن الاتحاد “مستهدف بشكل كبير” من السلطات بعد رفضه المشاركة في محادثات بشأن الدستور الجديد التي دعا إليها الرئيس سعيد الشهر الماضي.

ولم يذكر الطبوبي تفاصيل عن “الاستهداف” لكن مصادر مقربة من النقابة العمالية قالت إن هناك خشية حقيقية من أن يستخدم سعيد القضاء ضد النقابة. لكنّ مراقبين قالوا إن الأمر قد يكون محاولة استباقية من الاتحاد لكسب التعاطف في حال فتحت السلطة مختلف ملفاته وحوّلتها إلى القضاء.

وأشار المراقبون إلى تصريحات خبراء مقربين من الرئيس سعيد عن أن التراكمات المالية على ذمة الاتحاد وإلغاء تفرغ موظفين يقلقان الطبوبي بعد أن انجر إلى مواجهة مفتوحة مع السلطة، معتبرين أن أمين عام الاتحاد قطع طريق الرجعة وجعل نفسه في الضفة المقابلة التي تعادي قيس سعيد، وعليه أن يتحمل نتائج ذلك.

وتساءل هؤلاء المراقبون إن كان قيس سعيد سيقابل التصعيد بتصعيد مضاد، أم سيكتفي بالتركيز على ملفات أخرى، وهو عارف أن تصعيد الاتحاد ليس أكثر من سعي إلى لفت النظر والبحث عن دور أكبر ولو قليلا تحت مظلة الحوار الذي يقترحه قيس سعيد؟

وأجلت محكمة الاستئناف الحكم في قضية رفعها نقابيون معارضون للطّعن في شرعية المؤتمر النقابي الذي أعاد انتخاب القيادة الحالية لاتحاد الشغل. وأتاح هذا المؤتمر تعديلا للفصل 20 من النظام الداخلي ما يسمح لعناصر قيادية من الاتحاد بينهم الطبوبي التمديد في فترة وجودهم بالمكتب التنفيذي وهو ما لم يكن ممكنا في القانون سابقا، ومن شأن صدور قرار قضائي ضد التعديل أن يضع الاتحاد في حالة فراغ بعد أن يسحب الشرعية عن أغلبية عناصر المكتب التنفيذي الحالي.

حراك 25 يوليو يطالب بالتدقيق المالي في موارد الاتحاد ويعتبر أن أمينه العام غير شرعي في ظل الطعن بمؤتمره الأخير

وتوتّرت علاقة اتحاد الشغل مع الرئيس سعيد بعد رفض النقابة القوية الشهر الماضي المشاركة فيما قالت إنه “حوار شكلي يهدف فقط إلى تزكية قرارات جاهزة”.

كما دعا الاتحاد إلى إضراب وطني في الشركات العامة في 16 يونيو احتجاجا على السياسة الاقتصادية للحكومة.

وطالب حراك 25 يوليو المساند لإجراءات قيس سعيد خلال مؤتمر صحافي الخميس ”بمحاسبة الاتحاد العام التونسي للشغل بسبب إمكانية تنفيذه لإضراب سياسي”، مع التأكيد ”على ضرورة التدقيق المالي في موارد الاتحاد متهمين المنظمة الشغيلة بالفساد”، ومعتبرين أن ”أمين عام الاتحاد غير شرعي بموجب قضيّة الطعن في المؤتمر الأخير”.

كما هاجم الحراك الإضرابات وأولها إضراب القضاة واصفا إياه ”بإضراب جبهة الخلاص (المعارضة التي تضم النهضة وحلفاءها)” وذلك وفق تصريح عضو الحراك أحمد الركروكي الذي اعتبر أن إنجاح الاستفتاء واجب وطني.

ونقلت إذاعة موزاييك الخاصة عن عبدالرزاق الخلولي عضو المكتب الوطني لحراك 25 يوليو قوله ”إنه على اتحاد الشغل أن يثبت وطنيته بالانخراط في مسار الإصلاح”، معتبرا أن ”القيادة الحالية في المنظمة الشغيلة زاغت عن مبادئها”، داعيا إلى إفشال إضراب 16 يونيو. الذي دعا له الاتحاد ويشمل القطاع الحكومي ككل.

وهناك إجراءات أخرى كثيرة يمكن أن تلجأ إليها الدولة كتلك التي ذكرها رابح الخرايفي الباحث في القانون الدستوري والتي من بينها دفع الاتحاد لديونه لفائدة صندوق الضمان الاجتماعي، وهي بملايين الدينارات، وإنهاء جميع التفرغات واستعادة الدولة لموظفيها من الاتحاد”، فهناك قيادات عليا ووسطى في الاتحاد متفرغة تماما للعمل النقابي، وتحصل على رواتبها كاملة من الدولة.

وتساءل الخرايفي “إذا كانت الدولة ستمتنع عن الاقتطاع لفائدة الاتحاد على اعتبار أن الدولة لا تشتغل لفائدة أيّ جهة نقابية فإن في ذلك تكريسا لمبدأ الاستقلال واحترام مبدأ المساواة مع التشكيلات النقابية الأخرى”.

1