اتحاد الشغل في تونس يلوح بالتصعيد في حال إفشال مبادرته

تونس - دعا الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو المركزية النقابية ذات النفوذ الواسع في تونس، الرئيس التونسي قيس سعيد إلى التفاعل مع مبادرته للحوار الوطني، ملوحا في نفس الوقت بالتصعيد في حال إفشالها.
وقال سامي الطاهري الأمين العام المساعد باتحاد الشغل في تصريح لوسائل إعلام محلية، "إن مبادرة الحوار الوطني التي قدمها الاتحاد تشمل الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني"، مشيرا إلى أن المنظمة الشغيلة قامت بدورها وهي تنتظر تفاعلا من الرئيس سعيّد، معربا عن ثقته في قدرة الرئيس على التجميع في غياب التوافق داخل البرلمان.
وأكّد الطاهري أن الاتحاد لن يقف موقف المتفرج من الأزمات التي تمرّ بها البلاد في صورة فشل الحوار الوطني، إذ لا بد من وجود مسالك أخرى ومبادرات أخرى لها سياقاتها، قائلا "إذا لم تمر مبادرتنا فلسنا معنيين بأيّ مبادرة أخرى".
واعتبر الطاهري أن سبب استثناء الاتحاد لبعض القوى السياسية من المشاركة في الحوار الوطني لكونها المتسببة في الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، مشيرا إلى أنه تم استثناؤها لا إقصاؤها من الحوار على اعتبار أنها ترفض مدنية الدولة وتعادي قوى المجتمع المدني.
وأفادت أوساط سياسية بأن مبادرة الاتحاد تستثني ائتلاف الكرامة الذي يتزعمه سيف الدين مخلوف، والذي يتهمه الاتحاد بتبييض الإرهاب وبإذكاء الاحتجاجات في الجنوب التونسي، فيما أكدت الأطراف المقربة من الرئيس سعيد أنه يشترط استثناء حزب قلب تونس.
وقدم نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الاثنين للرئيس سعيّد مبادرة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
ولئن رحب الرئيس سعيد بمبادرة الاتحاد إلا أنه تمسك بموقفه بعدم إشراك من أسماهم بالفاسدين قائلا "لا مجال للحوار مع الفاسدين ولا مجال أيضا لحوار بالشكل الذي عرفته تونس في السنوات الماضية بل يجب أن يتم في إطار تصور جديد يقطع مع التصورات القديمة، ويكون قائما على الاستجابة لمطالب الشعب الحقيقية، بعيدا عن أي حسابات سياسية ضيقة".
وتتضمن مبادرة الاتحاد التي عمل على إعدادها فريق من الخبراء والمختصين مجموعة من المقترحات لإطلاق حوار وطني سياسي، اقتصادي واجتماعي بين الفاعلين السياسيين والمنظمات الوطنية بهدف تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف وتهدئة الأجواء السياسية المتشنجة وإعادة الاستقرار والخروج برؤية مشتركة.
ويسعى الاتحاد من خلال اقتراح الرئيس التونسي مشرفا على الحوار الوطني كونه الشخصية الجامعة ورئيس جميع التونسيين حسب الدستور، لقطع الطريق أمام بعض الأحزاب الراديكالية، وعلى رأسها حركة النهضة الإسلامية وحليفاها، والتي تعيش صراعا غير معلن مع قرطاج.
وترفض النهضة أن تكون لسعيد اليد العليا في هذا الحوار، لذلك تكررت تصريحات قياداتها بأن المكان الطبيعي للحوار هو في البرلمان تمهيدا لقيادة الغنوشي المبادرة (إلى جانب قياداته البرلمان، والحزب، ومكتبه التنفيذي).
ويقول مراقبون إن النهضة متوجسة من أن تكون مجرد مشارك في هذا الحوار، لذلك كانت البيانات الأخيرة ترجمة لذلك، ملمحة إلى أنها هي من دعت إلى الحوار وأنه من الأسلم أن يترأس قائدها التاريخي المبادرة.
وأكد راشد الغنوشي رئيس البرلمان التونسي وحركة النهضة أن ''الحوار يجب أن يجمع المنظمات الاجتماعية والمهنية والحكومة والبرلمان والأحزاب لوضع الدولة على سكة الإصلاحات الكبرى".
وكانت النهضة قد طرحت مبادرة تحت عنوان ''الأوليات الاقتصادية والاجتماعية وسبيل تحقيقها ضمانا لأمن وطننا ونجاح مسارنا وتحسين ظروف عيشنا''، وهو عنوان يشبه إلى حد كبير ما اقترحه الاتحاد.
وتتخوف حركة النهضة من إقصاء الحزبين الحليفين لها، ما يضعها في موقف ضعف لا يمكنها من فرض أجنداتها خلال مراحل الحوار المنتظر، خاصة بعد تصريحات الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي الذي تحدث في وقت سابق عن عزمهم التصدي لمشروع أخونة تونس، في إشارة إلى أجندات النهضة وحلفائها.
ويرى مراقبون أن كافة الأطراف السياسية ستكون مرغمة على اتباع المسار الذي يختار اتحاد الشغل والرئاسة انتهاجه، خاصة وأنه سبق للاتحاد أن لعب أدوارا بارزة في سياق تهدئة اجتماعية أو الحوار الوطني الذي رعاه عام 2013، ما يجعله مؤهلا أكثر من غيره للتوسط ورعاية حوار جديد يخفف من حدة التوترات بين مكونات المشهد السياسي.