ابتكارات التدوير في المغرب تواجه صعوبات رغم الإغراءات

الحكومة مطالبة باعتماد نظام أكثر كفاءة لدفع القطاع.
الاثنين 2021/12/20
كيف لنا أن نعرف قدرة معالجة المصنع؟

اعتبر خبراء مغاربة أن مساعي ترسيخ قطاع تدوير المخلفات بالبلاد لتنسجم مع الاستراتيجية العالمية لصداقة البيئة تمر بصعوبات على الرغم من الإغراءات الكثيرة والدعم المقدم من المانحين لتنميتها، وهو ما يتطلب مراجعة الخطط الراهنة حتى تكون أكثر مردودية.

مكناس (المغرب) – يواجه المغرب تحدي إضفاء المزيد من الزخم على خطط تدوير المخلفات، التي باتت ضمن دائرة اهتماماته لدعم طموحاته بما يدعم هذه الصناعة الواعدة، وكذلك تقليل الأثر البيئي جراء تلك النفايات.

وتكشف أرقام وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة أن البلاد قامت في 2015 بتدوير 6 في المئة فقط من النفايات المنزلية أي ما يعادل 420 ألف طن من مجموع سبعة ملايين طن سنويا.

وخلال السنوات الماضية حصلت المبادرات التي أطلقتها السلطات من أجل النهوض بالقطاع على دعم كبير من البنك الدولي، لكن يبدو أن المغرب لا يزال يحتاج إلى بذل المزيد من الجهد.

وأنشأت مجموعة إيليفان فير في 2012 بالمنطقة الصناعية أغروبوليس بمدينة مكناس وسط البلاد أكبر مصنع في أفريقيا متخصص في تدوير وإنتاج المواد العضوية والسماد الطبيعي. وهو يشغل نحو 50 عاملا بطاقة إنتاجية تناهز 40 ألف طن سنويا.

ويقول محمد كابوس مسؤول الإنتاج بالشركة وهو يمسك بقبضته خلطة من السماد الطبيعي أنتجته شركة سويسرية متخصصة في تدوير النفايات العضوية “هنا لا شيء يضيع، كل شيء يدوّر”.

مصطفى براكز: عملية معالجة النفايات في المغرب أشبه بقنبلة موقوتة

وفي مدخل المصنع تنتشر المكاتب العصرية بجدرانها ذات اللون الأخضر العشبي والمزينة برسوم الغرافيتي، لكن سرعان ما يتغير الديكور فور الوصول إلى موقع التصنيع حيث تتكدس بقايا الخشب والنشارة المكوّمة وأغصان من أشجار مثمرة وصناديق صغيرة.

ويوضح كابوس مراحل التصنيع قائلا لوكالة الصحافة الفرنسية إنه “بعد خلط المواد العضوية الغنية بالكربون وبقايا الحيوانات التي تحتوي على الآزوت، يأتي دور الطبيعة”.

ولا يتم استعمال النفايات العضوية المنزلية في هذا المصنع. وبرر كابوس ذلك بأنها “مكلفة لأن ثقافة الفرز تكاد تكون غائبة تماما في المغرب”.

ويتم جلب النفايات من مناطق إنتاج أخرى على غرار مصانع الخشب وتعاضديات استخراج الزيوت الطبيعية.

وتستغرق عمليات التخمير في الهواء الطلق أربعة أشهر للحصول على خليط السماد من دون أن ينتج عن ذلك روائح عفن كريهة، لأن الخشب من المواد الطبيعية الممتصة للروائح بل بالعكس تصدر رائحة تراب الأرض.

وتنتج الشركة السماد العضوي وتضيف إليه الفسفور أو البوتاس. ويتم بيع المنتج أساسا في السوق المغربية لصالح المزارع البيولوجية والمنشآت الزراعية الكبرى، التي تعاني أراضيها من الاستعمال المكثف للأسمدة الكيمياوية.

وتعتبر الزراعة ركيزة أساسية في الاقتصاد المغربي. ويؤكد محمد كابوس أنه “يرتفع الطلب من قبل المزارعين الحريصين على الحفاظ على التربة والمقدرين لضرورة التوجه نحو زراعة سليمة ومستدامة”.

وتبدو ملامح تطور وازدهار قطاع إنتاج المواد العضوية في المغرب مع ظهور عدة مبادرات مثل مركز معالجة النفايات الفرنسي سويز في مكناس الذي يعالج 7 آلاف متر مكعب، لكن البلاد لم تتمكن بعد من إرساء منظومة فعالة لزيادة زخم الاستثمار في النفايات.

وكما هو الوضع في دول المغرب العربي، يتم طمر غالبية النفايات بالكامل في المغرب. أما الصناعية منها على غرار البلاستيك والكارتون والتجهيزات الإلكترونية فتدوّر بنسبة 12 في المئة.

ويعد هذا الرقم ضئيلا بالرغم من العديد من المشاريع، من بينها الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وبرنامج معالجة النفايات بهدف بلوغ نسبة 20 في المئة من التدوير في العام 2022، لكن تم التمديد في هذا التاريخ إلى نهاية العقد الحالي.

ويرى الخبير في معالجة النفايات مصطفى براكز أن “هذه الاستراتيجيات التي أنجزها تكنوقراط من دون جدوى لأنه تم استنساخها على نماذج أوروبية وهي مخالفة للعادات المغربية”.

ويستدل في ذلك بمثال هو أن حوالي 80 في المئة من النفايات المنزلية بالبلاد عضوية بينما لا تتجاوز النسبة 30 في المئة في الدول الأوروبية.

وبحسب الأرقام الرسمية يتواجد في أنحاء البلاد حوالي 26 مركزا للطمر والتثمين، وتم استصلاح 66 مكبا عشوائيا.

وأكد براكز أن كل الجهود موجهة للمعالجة عبر الطمر دون إيجاد حلول للفرز، واصفا عملية التصرف في النفايات أشبه بـ”قنبلة موقوتة”.

وأشار إلى أنه تم إنشاء مكبات إضافية وأماكن للتخزين دون معالجة المشكلة من المنبع. وقال إنه “من الضروري التفكير في نظام شامل ينطلق من الفرز وصولا إلى مراكز التدوير”.

11