ابتعاد تونس عن صندوق النقد ليس بالسوء المتوقع

دراسة: تونس نجحت نسبيا في أخذ مسافة من صندوق النقد الدولي ورفض شروطه.
الثلاثاء 2025/01/28
تونس تخير الاعتماد على الذات

تونس ـ خلصت نتائج دراسة حديثة أعدها مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية (مستقل) إلى أن تونس نجحت ولو جزئيا في تجنب وصفة صندوق النقد الدولي الموجعة في علاقة برفع الدعم ووقف التعيينات والتقليص من كتلة الأجور.

وقال أمين بوزيان، باحث ومؤسس المركز، خلال ندوة انتظمت الاثنين إن “الدراسة التي أطلقت في السنة الماضية وتم تقديم نتائجها في يناير الحالي، أكدت أن تونس نجحت نسبيا في أخذ مسافة من صندوق النقد الدولي ورفض شروطه.”

وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد أوقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ورفض شروطه وإملاءاته التي قال إنها تهدد السلم الاجتماعي في البلاد، علما أنه بتاريخ الخامس عشر من أكتوبر 2022 توصلت تونس إلى اتفاق خبراء مع الصندوق.

الرئيس التونسي قيس سعيد أوقف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ورفض شروطه التي قال إنها تهدد السلم الاجتماعي

وتهدف الدراسة المقدمة إلى تقييم جدوى المحافظة على منظومة دعم أسعار المحروقات والمواد الأساسية والكهرباء أو التوجه نحو البديل الذي تدعو إليه المؤسسات المالية العالمية وهو رفع الدعم كليا وتعويضه بنظام التحويلات المالية.

وأكد بوزيان، في هذا السياق، أن “تونس رفضت إملاءات وشروط صندوق النقد الدولي الذي يؤكد على رفع الدعم نهائيا بحلول سنة 2026″، موضحا أن البلاد أخذت مسافة من هذا التوجه وأظهرت مدى اختلاف موقفها مع طلب الصندوق.

ولفت المحاضر إلى أن “الدراسة أظهرت أن تونس حافظت على دعمها لمنظومة الدعم في مستويات مرتفعة من معدل 4 مليارات دينار سنة 2019 إلى 12 مليار دينار (3.78 مليار دولار) سنة 2022.”

وأوضح أن “تونس نجحت جزئيا في إجابتها على الوصفة التقشفية لصندوق النقد الدولي الذي يطلب التحكم في التوازنات المالية والتقليص من الإنفاق العمومي وتجميد الأجور والتعيينات في الوظيفة العمومية والقطاع العام ورفع الأسعار عن المواد المدعمة إلى جانب التحكم في كتلة الأجور”، لافتا إلى أن “تونس نجحت في عدم تطبيق الوصفة التقشفية التي لها مخاطر كبيرة أظهرتها الدراسة بل تمكنت في ظرف وجيز من بلوغ أهداف التحكم في كتلة الأجور من 16.1 في المئة إلى مستوى 13 في المئة منتظرة لسنة 2025 مع العودة إلى التعيينات من 8 آلاف في 2023 و13500 في عام 2024 و21 ألف مناظرة في سنة 2025.

وتطرق إلى اتخاذ تونس إجراءات أخرى على غرار الزيادة في الأجر الأدنى المضمون في القطاع العام وفي القطاع الزراعي والمتقاعدين علاوة على تطور النفقات وتطور الميزانية.

الجهود الإصلاحية في المجال الضريبي من شأنها أن تعزز قدرة البلاد على مواصلة سياستها الاجتماعية بإقرار إجراءات أكثر جرأة وقوة

وأبرز بوزيان أن “تونس توفقت خلال السنوات الأخيرة في التحكم في عجز الميزانية والنزول به من 7.4 في المئة في 2023 إلى 6.3 في المئة السنة الماضية”، وتوقع بلوغه 5.5 في المئة من الناتج الداخلي الإجمالي في السنة الحالية على الرغم من أن برنامج صندوق النقد كان يتوقع بلوغ هذه المستويات في أفق سنة 2026.

وكشف أنه “تم التوفق لأول مرة في إيقاف المنحى التوسعي للتداين مقارنة بالناتج الداخلي الخام إثر أخذ تونس مسافة من صندوق النقد الدولي وعدم الامتثال إلى إملاءاته.”

وبخصوص مخرجات ومقترحات الدراسة، أكد الباحث أن “التعويل على الذات يظل أمرا محمودا غير أنه يبقى أمرا منقوصا لاسيما على المستوى الجبائي بالرغم من النهج الإصلاحي في الغرض”، داعيا إلى “بذل جهود إضافية لتعزيز العدالة الجبائية من شأنها أن تعزز قدرتها على التعويل على مواردها الذاتية.”

واعتبر أن “الجهود الإصلاحية في المجال الضريبي من شأنها أن تعزز قدرة البلاد على مواصلة سياستها الاجتماعية بإقرار إجراءات أكثر جرأة وقوة.”

وفي جانب آخر كشفت نتائج الدراسة عن غياب خطة لإنعاش الاقتصاد المحلي مرتكزة على الاستثمار العمومي. ومن ضمن مسارات الإصلاحات الأخرى، قال أمين بوزيان إنه “يتعين تعبئة الموارد المالية الضرورية لتمويل خطة الإنعاش الاقتصادي.”

واعتبر أن “تعبئة الموارد المالية تكون داخلية وتحديدا جبائية”، مشددا على أن “هناك مجالا واسعا للترفيع فيها دون إثقال كاهل الطبقات الضعيفة والمتوسطة بتفعيل مثلا الضريبة على الثروات الكبرى التي تم إقرارها في قانون المالية لسنة 2023.”

4