إيقاف الآلية الثلاثية للحوار السوداني يفسح المجال أمام المبادرة السعودية – الأميركية

الخرطوم - أعلنت قوى سودانية، الأربعاء، أن الآلية الثلاثية أبلغتها بوقف الحوار الوطني لحل الأزمة السياسية في البلاد بعد انسحاب المكون العسكري منه، ما يفتح المجال، حسب مراقبين، للمبادرة السعودية الأميركية المنفصلة والتي حققت بعض الاختراق فشلت الآلية الثلاثية في تحقيقه.
وتتكوّن الآلية الثلاثية من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد).
وفي الثامن من يونيو الماضي، انطلقت في الخرطوم عملية الحوار المباشر برعاية الآلية الثلاثية لإنهاء الأزمة السياسية، وبعد أربعة أيام أعلنت الآلية تأجيل جولة الحوار الثانية إلى موعد يُحدّد لاحقا.
وجاء في الخطاب المنسوب إلى الآلية الثلاثية أنه “دون مشاركة الجيش، وهو عنصر أساسي، في الاجتماعات المقبلة، لن يكون هناك حوار عسكريّ – مدني، وعليه لن تكون هناك جدوى من مواصلة المحادثات على شكلها الحاليّ”.

نورالدين صلاح الدين: الوساطة السعودية – الأميركية تسعى إلى تذليل العقبات
وقال رئيس قوى الحراك الوطني التجاني السيسي، في مؤتمر صحافي بالخرطوم الأربعاء “استلمنا خطابا من الآلية الثلاثية قالت خلاله إنها ألغت الحوار مفسّرة ذلك بخروج المكون العسكري من الحوار”.
وأضاف أن “الآلية الثلاثية أكدت أنه لا يمكن أن يستمر الحوار لغياب المكون العسكري”.
وتابع السيسي أن القضية هي قضية الشعب السوداني، وتتطلب قيام الحوار “السوداني السوداني” للاتفاق على إدارة المرحلة الانتقالية.
والاثنين، أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في خطاب متلفز عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار الوطني برعاية الآلية الثلاثية.
وأوضح أن “انسحاب الجيش يأتي لإفساح المجال للقوى السياسية والثورية والمكونات الوطنية لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة تتولى إكمال مطلوبات الفترة الانتقالية”.
وأضاف أنه “بعد تشكيل الحكومة التنفيذية، سيتمّ حلّ مجلس السيادة وتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع (تابعة للجيش)”.
ومؤخرا بدأت الوساطة السعودية – الأميركية تقبض بحذر على زمام المبادرة في السودان بعد تراجع دور الآلية الثلاثية، ما يشير إلى إمكانية حدوث اختراق لإنهاء حالة الانسداد السياسي الراهنة في الخرطوم عبر وساطة تلعب فيها الرياض دورا مهما، لأنها اختصرت طريق التفاوض.
وعقد ممثلو قوى الحرية والتغيير والمكون العسكري اجتماعا ثانيا في منزل السفير السعودي بالخرطوم علي بن حسن جعفر مؤخرا، لمتابعة آخر التطورات منذ أول لقاء بينهما في العاشر من يونيو الماضي، من دون أن تُعلن الأطراف المشاركة فيه عن النتائج المترتبة عليه أو القرارات المتفق عليها بصورة محددة وواضحة.
الوساطة السعودية – الأميركية بدأت مؤخرا تقبض بحذر على زمام المبادرة في السودان بعد تراجع دور الآلية الثلاثية
وسلم وفد الحرية والتغيير رؤيته إلى المكون العسكري، والتي تتضمن حل مؤسسات السلطة التي نشأت بعد الانقلاب العسكري في أكتوبر الماضي، وتشكيل مؤسسات جديدة وفقا للاتفاق النهائي بين الأطراف السودانية، واقترح توقيع وثيقة باسم “إجراءات إنهاء الانقلاب” بين القوى المختلفة كإعلان مبادئ مُلزم للجميع.
ولا تزال بعض الأوساط السودانية ترى أن السعودية قادرة على أن تلعب دورا مهما في جمع القوى المختلفة معا وحثّها على توقيع اتفاق يمكن أن يتم تطبيقه على الأرض.
وأضحت بعض القوى الفاعلة في الحوار السوداني على قناعة بأن أي مباحثات تتجاوز التحالف الحكومي السابق والقوى المؤثرة في الشارع لن تقود إلى نتائج إيجابية، وأن إيقاف الاجتماعات التي تشرف عليها الآلية الثلاثية أمر طبيعي بدلاً من الاستغراق في تفاصيل لن يقبل بها الشارع وقد تؤدي إلى المزيد من الغضب.
ويقول القيادي بحزب المؤتمر السوداني نورالدين صلاح الدين إن الوساطة السعودية – الأميركية ترى هناك معوقات تعترض طريق الآلية الثلاثية وتحاول تذليلها ما يساعد في السير إلى الأمام، واختارت التواصل مباشرة مع أكثر الأطراف تأثيراً في معادلة التسوية السياسية، غير أنه غير واضح إذا ما كانت ستنجح في مهمتها من عدمه.
وتؤكد مصادر سودانية أن واشنطن لديها قدرة على إحداث الضغط المطلوب على المكون العسكري لتقديم المزيد من التنازلات، وأن الاجتماع الأول الذي عقد بمنزل السفير السعودي شهد تحذيرا على لسان مساعدة وزيرة الخارجية مولي فيي، أشارت فيه إلى وقف تحويل مسار 700 مليون دولار مخصصة كمساعدات للسودان كانت على وشك أن تتحول إلى مشاريع أخرى.