إيقاع الاستثمار بصناعة الهيدروجين يتسارع في عُمان

سرعت الحكومة العمانية من وتيرة إيقاع الاستثمار في الهيدروجين الأخضر بعرض حزمة من العطاءات لجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية للمساهمة في تنمية هذا القطاع الواعد، الذي ترمي من ورائه مسقط إلى أن تصبح مركزا عالميا لتجارته في غضون سنوات.
مسقط - صوبت سلطنة عمان أنظارها باتجاه جذب المستثمرين من أجل تطوير صناعة الهيدروجين الناشئة والتي تراهن عليها من أجل دعم البنية التحتية للقطاع، الذي ترى الحكومة أنه إحدى دعائم تنويع الاقتصاد النظيف في المستقبل.
وعرضت وزارة الطاقة والمعادن المزيد من الفرص والحوافز للاستثمار في القطاع مع تحديد المناطق المستهدفة بالتنسيق مع الجهات المعنية والأطراف ذات العلاقة لتحضير الحزمة الأولى للطرح على المستثمرين، والتي سيعلن عنها في نوفمبر المقبل.
وكانت الوزارة قد أعلنت خلال مؤتمر صحفي عقدته الأحد الماضي بمقر مجموعة أوكيو بمسقط استقبال طلبات تسجيل المستثمرين الذين ينوون الاستثمار في السوق المحلية تمهيدا للبدء في مرحلة جديدة من تنمية هذه الصناعة الواعدة.
ويأتي ذلك بالتوازي مع الإعداد لإجراء الدراسات اللازمة من الناحية الفنية والاجتماعية، وأيضا لدراسة خيارات تخزين الطاقة وتحديد الدراسات المستقبلية اللازمة.
ووضعت الوزارة تصورا لإنشاء قاعدة بيانات وطنية للطاقة وتوظيف ما توفره المسوحات الميدانية القائمة والمستقبلية والدراسات من معلومات لدعم سياسات وخطط ومشاريع الطاقة.
وفي يونيو الماضي، حددت مسقط أهدافا أساسية لتطوير اقتصاد الهيدروجين ضمن خططها الداعمة للجهود الدولية لمسح بصمتها الكربونية وضمن سياسة الإصلاح الاقتصادي المنسجمة مع رؤية 2040، وفي الوقت ذاته رفد خزينة الدولة بعوائد مستدامة.
ويشكل الهيدروجين الأخضر قاطرة التحولات إلى الطاقة المراعية للبيئة، حيث تتزايد رهانات البلدان المتقدمة وأيضا في منطقة الخليج على الاستثمار في هذا المجال لتخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري مما يمهد لقلب خارطة الطاقة العالمية.
ويأتي في مقدمة طموحات عُمان، التي تعد أضعف الاقتصادات الخليجية، التركيز على أمن إمدادات الطاقة محليا وعالميا مع تعزيز برامج التنويع الاقتصادي وتعظيم القيمة المحلية من هذه الموارد المهمة.
وتسعى الحكومة إلى أن يكون البلد ضمن كوكبة الدول المنتجة للهيدروجين البيئي، والذي باتت دول المنطقة تستثمر فيه، مستفيدة من المقومات الرئيسية لإنتاجه والمتمثلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وينبع إصرار المسؤولين العمانيين على الدخول في هذا المسار المهم انطلاقا من تجربة بلدهم في إنتاج الطاقة وتصديرها، وكذلك مركزيته في الأسواق وطرق التجارة العالمية وعلاقاته التي بناها لسنوات مع الشركاء الدوليين.
واعتبر سالم العوفي وزير الطاقة أن الفرص الاستثمارية في قطاع الهيدروجين تنبع من الخطة التنفيذية، التي أعلن عنها السلطان هيثم بن طارق لتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050.
ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى العوفي قوله إن بلاده “اتخذت خطوات مهمة نحو تسريع إجراءات تنظيم قطاع الهيدروجين ووضع الأطر القانونية والسياسات اللازمة لنموه وتخصيص المواقع المناسبة لإنتاجه”.
وأضاف “نطمح إلى تعزيز جذب الاستثمارات والعمل على توطين هذه التقنية وإعداد الدراسات اللازمة لها، مواكبة للتحولات العالمية نحو الحد من انبعاثات الكربون”.
1
مليون طن تستهدف الحكومة إنتاجها من الهيدروجين الأخضر بحلول نهاية العقد الحالي
وأوضح العوفي أمام الصحافيين أن مسقط تستهدف تحقيق مليون طن من إنتاج الهيدروجين بحلول نهاية العقد الحالي.
وتأكيدا على جدية مسقط للإسراع في خوض هذه المغامرة، قامت بتدشين شركة هيدروجين عُمان (هايدروم)، وهي كيان مستقل ومملوك بالكامل لشركة تنمية طاقة عُمان، حيث ستعمل على تسريع جهود تطوير القطاع في السوق المحلية.
وستطلق هايدروم في نوفمبر المقبل أول جولة عطاءات عامة تهدف إلى تخصيص الدفعة الأولى من الأراضي المخصصة لمشاريع الهيدروجين الأخضر العام المقبل من أجل بدء إنتاج في عام 2030.
وقال فراس العبدواني القائم بأعمال المدير التنفيذي لهايدروم إن “الشركة تتطلع إلى العمل مع الشركاء الدوليين للمساهمة في بناء مستقبل الطاقة”.
وأوضح أن جولة العطاءات التي تم الإعلان عنها سوف تساعد في تسريع جهود تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر في سلطنة عُمان والعالم.
ويسعى البلد الخليجي النفطي غير العضو في منظمة أوبك إلى أن يكون مركزا عالميا لإنتاج الهيدروجين اعتمادا على وجود المقومات الرئيسة لإنتاجه، والمتمثلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأراضي الممتدة والكوادر البشرية.
وتدرك الحكومة أن توسيع الشراكات أمر غاية في الأهمية لتحقيق هذا الهدف، ففي شهر أغسطس الماضي قامت وزارة الطاقة بتأسيس تحالف محلي للهيدروجين الأخضر يعرف باسم “هاي فلاي” لتعزيز تموقع البلد على خارطة تطوير إنتاج الهيدروجين النظيف.
وضم التحالف 13 مؤسسة رئيسية من القطاعين العام والخاص والتي ستعمل معا على دعم وتسهيل إنتاج الهيدروجين ونقله والاستفادة منه محليا وتصديره بما ينسجم مع خطط تنويع مزيج الطاقة.
وكان السلطان هيثم قد وجه في مارس العام الماضي بالعمل على تسريع إجراءات تنظيم قطاع الهيدروجين، ووضع الأطر القانونية والسياسات اللازمة لنمو وتخصيص المواقع التقنية وإعداد الدراسات اللازمة لذلك.
كما أمر بإنشاء مديرية تُعنى بالطاقة النظيفة وطاقة الهيدروجين ضمن الهيكل التنظيمي لوزارة الطاقة بالتزامن مع تأسيس شركة لتنمية هذا القطاع.
ويؤكد عبدالعزيز الشيذاني مدير عام الطاقة المتجددة والهيدروجين بوزارة الطاقة أن تطوير اقتصاد الهيدروجين الأخضر يوفر فرصة إستراتيجية للشركات المحلية والأجنبية للتعاون والمشاركة في دعم أمن الطاقة وتحقيق التنويع الاقتصادي.
وأكد أن الوزارة عينت شركات متخصصة عبر عدد من المناقصات، التي طرحتها تمثلت في إعداد مقترح الإطار التنظيمي والقانوني لقطاع الطاقة المتجددة والهيدروجين.
وإلى جانب ذلك إعداد السياسة المحلية للتحول في الطاقة والسياسات المنبثقة منها، وتقديم نماذج تقييم العطاءات المقدمة للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة المرتبطة بإنتاج الهيدروجين، واقتراح نموذج الإيرادات الحكومية المناسب لكل مرحلة.
ومن الاستثمارات المهمة في البلاد هايبورت الدقم لإنتاج الهيدروجين الذي يعد من المشاريع الإستراتيجية، التي يتم تطويرها بالشراكة بين شركة النفط العمانية (أوكيو) ومجموعة ديمي البلجيكية.
ومن المقرر أن يُقام المشروع في جزء من المنطقة المخصصة للطاقة البديلة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم على مساحة تقدر بنحو 150 كيلومترا مربعا.
وسيتم إنشاء محطة لتوليد الطاقة من الرياح ومحطة لإنتاج الطاقة الشمسية بقدرة مشتركة تبلغ نحو 3.1 غيغاواط تنفذ على مراحل قابلة للتوسع.