إيطاليا تنقل كرة الفساد إلى الجزائر بعد إدانة سايبم

ضغوط لمعرفة مصير 198 مليون يورو دفعت لمسؤولين جزائريين، وروما تبرئ مجموعة إيني من التورط في الفضيحة .
الجمعة 2018/09/21
عنوان الفساد الجزائري

ميلانو (إيطاليا)  - عكست إدانة شركة سايبم الإيطالية للخدمات النفطية بفساد صفقاتها مع شركة سوناطراك حجم الفساد المستشري في الجزائر، والذي نخر مفاصل الدولة وقوض لعقود كل محاولات الإصلاح الاقتصادي، في ظل عجز الحكومات المتعاقبة عن مواجهة مافيا التحايل والرشاوى.

واعتبر محللون أن إدانة سايبم ورئيس تنفيذي سابق للمجموعة بتهمة الفساد في محاكمة تتعلق برشاوى في الجزائر، مجرد قمة جبل الفساد الظاهرة في البلد النفطي.

ويعود تفشي الفساد وظاهرة الرشوة في الجزائر إلى التسلط وغياب مؤسسات المجتمع المدني، التي يمكن أن تحدث نوعا من الضغط، حين ينعدم العقاب، ونوعا من التوازن حين تحمي جهات رسمية الفاسدين أو تمنحهم حصانة سياسية للإفلات من جرائمهم.

ولطالما أشار متابعون إلى أن الرشوة في البلد، العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، وصلت إلى مستويات لا تُحتمل وبدأت تنخر جسد الاقتصاد وأن الفساد المالي متغلغل في أعلى مستويات السلطة.

ستيفانو كاو: سايبم حريصة حاليا على إصلاح العلاقات الاستثمارية مع الجزائريين
ستيفانو كاو: سايبم حريصة حاليا على إصلاح العلاقات الاستثمارية مع الجزائريين

وحكم قضاة في مدينة ميلانو الأربعاء الماضي، على بيترو تالي، الرئيس التنفيذي السابق لسايبم بالسجن لمدة أربع سنوات وتسعة أشهر ومصادرة 198 مليون يورو من المجموعة، وفرض غرامة عليها قدرها 400 ألف يورو.

ورغم أن المحكمة برأت مجموعة إيني النفطية العملاقة ورئيسها التنفيذي السابق، باولو سكاروني، ورئيس أنشطة المنبع الحالي، أنطونيو فيلا، إلا أن البعض لا يستبعد فرضية دفعها رشاوى لمسؤولين جزائريين للحصول على مشاريع نفطية هناك.

وبموجب القانون الإيطالي، تتحمل الشركات مسؤولية أفعال مديريها ويمكن فرض غرامات عليها في حالة الإدانة، وهذا ما حصل بالفعل في فضيحة سايبم.

وقالت سايبم في بيان إنها تحتفظ بحق استئناف الحكم بعد الكشف عن الأسباب التي استند إليها في غضون 90 يوما. وكان تالي نفى من قبل ارتكاب أي مخالفات.

وتتعلق القضية بمزاعم بأن سايبم دفعت نحو 198 مليون يورو إلى وسطاء للحصول على عقود قيمتها ثمانية مليارات يورو مع شركة سوناطراك المملوكة للدولة.

ومن المفارقات في حكم المحكمة، أن القضاة رفضوا طلبات بالتعويض من سوناطراك والهيئة المعنية بتحصيل الضرائب في إيطاليا.

وذكر ممثلو الادعاء أنه تم دفع أموال للسماح لإيني بالحصول على الضوء الأخضر من وزارة الطاقة الجزائرية لشراء شركة النفط والغاز الكندية فرست كالجاري بتروليومز، التي تملك حقوقا تتعلق بحقل منزل للغاز في الجزائر.

وقالت مجموعة إيني في بيان “ترحب إيني بحكم البراءة الصادر اليوم (الأربعاء) على أساس عدم وجود وجه لإقامة الدعوى”.

وقال سكاروني، الذي يشغل في الوقت الحالي منصب نائب رئيس مجلس إدارة روتشيلد ورئيس مجلس إدارة نادي إيه.سي ميلانو الإيطالي لكرة القدم، إنه سعيد بالقرار.

وكان ممثلو الادعاء طالبوا في فبراير الماضي، بتوقيع عقوبة السجن ست سنوات وأربعة أشهر على سكاروني وخمس سنوات وأربعة أشهر على فيلا.

وتاريخيا، تمثل الجزائر سوقا مهمة لسايبم، التي قال رئيسها التنفيذي الحالي ستيفانو كاو من قبل إنه حريص على إصلاح العلاقات مع الحكومة هناك.

19  مسؤولا بينهم محمد مزيان رئيس مجلس إدارة سوناطراك السابق يحاكمون بسبب فضيحة سايبم
19  مسؤولا بينهم محمد مزيان رئيس مجلس إدارة سوناطراك السابق يحاكمون بسبب فضيحة سايبم

ويأتي إسدال الستار على أحد فصول فضائح الفساد الجزائري، بعد أيام من بدء محاكمة 19 مسؤولا جزائريا نافذا على خلفية هذه القضية التي جرّت أيضا شركة فونكويرك الألمانية.

ومن بين المتهمين، رئيس مجلس إدارة سابق للشركة هو محمد مزيان واثنان من أبنائه و8 من المديرين التنفيذيين السابقين الذين مثلوا أمام المحكمة الجنائية في العاصمة الجزائرية.

ويلاحق هؤلاء بتهم تشكيل عصابة والاستيلاء على أموال عامة وتبييض أموال وفساد في إطار إسناد الصفقات لشركات أجنبية بما ينافي التشريعات.

واشتبه في قيام مزيان بمنح فرع الشركة الألمانية المتخصصة في تطوير وتصنيع أنظمة الاتصالات للشركات وقطاع النقل في الجزائر صفقة تفوق قيمتها 110 ملايين يورو تتعلق بتزويد سونطراك بأنظمة مراقبة بصرية لمنشآتها، في مقابل منح نجليه أسهما.

ويشتبه في أن الصفقة واكبتها عمولات بقيمة 4 ملايين يورو استخدمت في شراء هدايا منها شقة بباريس لأسرة مزيان. كما يشتبه في أن مزيان حابى سايبم بمنحها عقدا بقيمة 586 مليون يورو وذلك لإنجاز أنبوب غاز بين الجزائر وإيطاليا.

وهناك ملف ثالث يشمل تجديد مبنى لسوناطراك في قلب العاصمة الجزائرية. وأسندت الصفقة بقيمة 64 مليون يورو بشكل غير قانوني لشركة أجنبية أخرى.

ووقعت سوناطراك في فبراير الماضي، اتفاقا مع سايبم لإنهاء نزاعات قانونية بخصوص 4 مشروعات للغاز في الجزائر.

وذكرت رويترز في ديسمبر الماضي أن جهات تحكيم دولية أمرت سايبم بدفع نحو 11.5 مليون يورو لسوناطراك لتسوية نزاع قانوني يتعلق بخسارة إنتاج مشروع خط أنابيب غاز أرسته عليها المجموعة الجزائرية نهاية عام 2008.   

11