إيطاليا تطالب الشركاء الأوروبيين بوقف إعطاء الدروس لتونس

تبدو إيطاليا الدولة الغربية الوحيدة التي تدافع عن وجهة النظر التونسية، وهذا يعود إلى أنها أكثر المتضررين من أي هزة في تونس.
الثلاثاء 2023/05/16
مشغولون ليل نهار للمساعدة في تحرير التمويل المطلوب لتونس

تونس – طالبت الحكومة الإيطالية بوقف منطق إعطاء الدروس لـ”الشعب التونسي الصديق”، مشددة على أن التمويل الممنوح لتونس لا يمكن أن يكون مشروطا بإصلاحات الرئيس قيس سعيد، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة مالية واقتصادية صعبة.

وبدا الموقف الإيطالي موجها بالأساس للشركاء الغربيين، الذين لديهم تحفظات على سياسة الرئيس سعيد، ويطالبون بإصلاحات لا تنحصر فقط في البعد الاقتصادي بل وحتى السياسي، وهو ما رفضته تونس مرارا واعتبرته تدخلا في شؤونها الداخلية.

وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني في تصريحات لموقع صحيفة “إل ميساجيرو” الإيطالية، إن بلاده ستواصل بذل كل ما في وسعها لدعم تونس اقتصاديا ودعوة الشركاء الأوروبيين إلى النظر في أزمة هذا البلد العظيم من خلال “منظور أفريقي”.

وأضاف تاياني “لا يجب أن يكون التمويل مشروطا بإصلاحات الرئيس سعيد، بل يجب أن يسير جنبا إلى جنب. وقد قدمت إيطاليا بالفعل 10 ملايين يورو وهناك 100 مليون يورو أخرى في الطريق”.

الحكومة الإيطالية تؤكد أنها ستواصل دعم تونس وتحث الشركاء على النظر في أزمة البلد من "منظور أفريقي"

وتواجه تونس ضغوطا للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج قرض بقيمة 1.9 مليار دولار أميركي، مقابل حزمة إصلاحات جوهرية للاقتصاد. ولكن الخلاف يحوم حول مراجعة نظام الدعم بالحد منه أو إلغائه، وهو ما رفضه الرئيس سعيد صراحة، محذرا من ضرب السلم الأهلية في تونس.

وإلى جانب الضغوط المتعلقة بمطالب صندوق النقد، لا تنفك قوى غربية بينها دول أوروبية والولايات المتحدة، على إبداء قلقها حيال الوضع السياسي والحقوقي في البلاد، لاسيما بعد حملة الإيقافات التي طالت مسؤولين وقيادات سياسية معظمهم ينتمون إلى حركة النهضة الإسلامية، وتلاحقهم اتهامات بالتآمر على أمن الدولة، والفساد، وغسيل أموال، والتحريض.

وقد رفضت تونس هذه الانتقادات الغربية، التي تستند فقط على وجهة نظر قوى المعارضة، مؤكدة أن التوقيفات التي جرت ليست لها أي مضامين سياسية، وأنها تندرج في سياق تطهير البلاد من المتجاوزين، والمستهدفين لأمن البلاد.

وسبق وأن انتقد وزير الخارجية التونسي نبيل عمار تعامل الشركاء الغربيين، قائلا في تصريحات له خلال الشهر الجاري إن شركاء تونس يجب عليهم الإصغاء جيدا لمعرفة حقيقة الوضع في البلاد.

وأضاف عمار أن “الوضع الحالي ما هوّ إلا انعكاس مباشر وغير مباشر للحوكمة السيئة للبلاد، على امتداد عشر سنوات، من خلال دعمهم للحكومات المتعاقبة منذ 2011، وهم بالتالي يتحملون جانبا من المسؤولية وإن لم يقرّوا بذلك، وهو ما عمدت إلى تذكيرهم به مرارا، في كل مناسبة”.

وتبدو إيطاليا الدولة الغربية الوحيدة التي تدافع عن وجهة النظر التونسية، وهذا يعود إلى أنها أكثر المتضررين من أي هزة في تونس، حيث إن ذلك قد يقود إلى زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين عبر هذا البلد المغاربي إلى أراضيها، والتي بلغت أرقاما قياسية منذ بداية العام الحالي.

وقال وزير الخارجية الإيطالي “نحن مشغولون ليل نهار للمساعدة في تحرير التمويل المطلوب وتجنب الانهيار المالي. لكن في نفس الوقت يجب أن نفهم أوقات وصعوبات الواقع التونسي دون نقل الدروس إلى شعب صديق لنا”.

وتريد إيطاليا صرف مساعدات أوروبية عاجلة لتونس لمنع تفاقم الأزمة والحد من تزايد أعداد المهاجرين المنطلقين عبر سواحلها نحو السواحل الإيطالية القريبة. ويؤدي وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بينتيدوسي زيارة لتونس الاثنين من أجل بحث ملف الهجرة.

وكانت تونس حذرت مرارا من أنها غير قادرة على التصدي للهجرة غير النظامية بوسائلها المحدودة. ودعت إلى دعم حقيقي للاقتصاد التونسي في سبيل الحد من هذه المعضلة، منبهة إلى آثار الإشارات السلبية والضغوط المتزايدة من قبل الشركاء الأوروبيين.

وتشهد تونس موجات هجرة قياسية عبر سواحلها العام الجاري، حيث تحولت إلى منطقة العبور الأولى إلى الأراضي الإيطالية القريبة، والتي شهدت توافد حوالي 30 ألف مهاجر في الربع الأول من العام الجاري.

ويعلن الحرس البحري التونسي يوميا عن ضبط أو إنقاذ المئات من المهاجرين غير النظاميين على طول السواحل. كما يجري بشكل متواتر انتشال جثث غرقى أغلبهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء.

وبحسب بيانات وزارة الداخلية الإيطالية، وصل أكثر من 24 ألف شخص إلى السواحل الإيطالية انطلاقا من الشواطئ التونسية منذ بداية العام وحتى الثاني من مايو الجاري، مقابل 2201 شخص فقط خلال نفس الفترة من العام الماضي.

4