إيطاليا تستغل برود العلاقة بين حفتر وفرنسا

روما توجه بوصلتها نحو المشير خليفة حفتر بعد دعم فرنسا لعقيلة صالح.
الخميس 2021/01/21
تقارب يقوض النفوذ الفرنسي في ليبيا

بنغازي (ليبيا) - تحاول إيطاليا جاهدة استعادة حضورها في ليبيا حيث يزداد التنافس الإقليمي وتتغير التحالفات التي تخدم منافستها فرنسا هناك، فيما تواجه روما اضمحلال نفوذها تدريجيا.

ويرى محللون أنّ اللقاءات المتكررة بين مسؤولين إيطاليين رفيعي المستوى والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، وآخرها لقاء وقع الخميس، تعكس مساعي روما للتقارب مع المشير في خطوة قد تحدث تغييرات جذرية في موقفها تجاه الأزمة الليبية.

والخميس، استقبل المشير حفتر وفدا من الحكومة الإيطالية برئاسة رئيس الاستخبارات الجنرال جنّارو فيكيوني.

وخُصّص اللقاء لمناقشة أوجه التعاون بين ليبيا وإيطاليا وتعزيز العلاقات بين الطرفين، كما تم الحديث عن سبل التعاون في ملفي مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والإجراءات الواجب اتخذاها من قبل الطرفين لمحاربة هاتين الآفتين والحد منهما.

وأوضح بيان لمكتب إعلام القيادة العامة للجيش الليبي، أنّ الوفد الإيطالي شدّد على دعم إيطاليا للعملية السياسية تمهيدا لإجراء انتخابات في نهاية هذا العام، وتوحيد المؤسسات في ليبيا والجهود التي ترعاها الأمم المتحدة لحل الأزمة وتحقيق استقرار ليبيا.

ويبدو أن إيطاليا تحاول استغلال تحّول موقف فرنسا من دعمها للمشير خليفة حفتر إلى رهانها على رئيس البرلمان عقيلة صالح لتولي رئاسة المجلس الرئاسي، وذلك بعد فشل الخيار العسكري الذي دعمته منذ بداية الأزمة في ليبيا مقابل تزايد النفوذ التركي في البلاد.

وتفيد كواليس الداخل الليبي بأنّ فرنسا أصبحت تدعم وبقوة عقيلة صالح كأحد المرشحين لرئاسة المجلس الرئاسي الجديد مقابل تولي وزير الداخلية فتحي باشاغا رئاسة الحكومة، وهي الصيغة التي لا ترضي إيطاليا الرامية إلى استعادة نفوذها هناك، كما ترفضها تركيا خاصة بعد زيارات التقارب التي أجراها باشاغا إلى فرنسا ومصر.

ويبدو أنّ الوضع الجديد قد دفع إيطاليا وتركيا إلى تقارب غير معلن، بدعمهما تقاسم السلطة بين حفتر والسراج، بحيث يتم إبقاء فايز السراج رئيسا للمجلس الرئاسي مقابل تعيين خليفة حفتر رئيسا للحكومة الجديدة.

وكانت وسائل إعلام تحدّثت الشهر الماضي عن وساطة إيطالية بين السراج وحفتر، إذ أفادت صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية بأن رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي ووزير خارجيته لويجي دي مايو أبلغا حفتر خلال زيارتهما لبنغازي، بمقترح السراج الذي ينصّ على بقائه مقابل تعيين رئيس حكومة من المنطقة الشرقية.

ورغم أن حكومة الوفاق نفت ما نشرته الصحيفة الإيطالية، لكن تزايد التنافس بين السراج وباشاغا يزيد من حدة الشكوك بشأن صحة الخبر.

وهذا الانقسام الأوروبي حول الملف الليبي ليس بحديث العهد، حيث طفت على السطح انقسامات أوروبية منذ اندلاع الصراع الليبي، حيال الطرف الذي ستدعمه كلّ جهة في النزاع والذي سيمنحها نفوذا أوسع في البلاد.

وتحولت لبيبا منذ سنوات إلى ساحة للتنافس بين باريس وروما بشكل خاص، في المقابل استثمرت تركيا الانشغال الفرنسي الإيطالي بالصراع على الثروات في ليبيا لتتسلل وتدعم حكومة الوفاق بالسلاح والمرتزقة، وهو ما مكنها من التمدد عسكريا واقتصاديا غربي البلاد، ومن فرض سيطرتها على منطقة حيوية تتجمع فيها مصالح الأمن الاستراتيجي لجنوب أوروبا وتأمين موارد الطاقة، خصوصا تلك القادمة من خط “الدفق الأخضر” الذي ينقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا عن طريق إيطاليا.

ولدى إيطاليا مصالح تاريخية واستراتيجية مهمة في ليبيا، ومثّل اتفاق الصخيرات في العام 2015 نجاحا للسياسة الخارجية الإيطالية في المنطقة.

وتستثمر شركة “إيني” الإيطالية في حقل الفيل النفطي إضافة إلى حقل الوفاء الواقع جنوب غرب طرابلس الذي تصدر من خلاله الغاز الطبيعي عبر أنبوب بحري إلى إيطاليا وأوروبا. كما تستثمر الشركة نفسها في حقل البوري للغاز الذي يقع على بعد 120 كلم إلى الغرب من طرابلس على الساحل الليبي.

وكانت إيطاليا تؤيد ضمنيا التدخل التركي في ليبيا لخوفها من سيطرة الجيش الليبي، حليف فرنسا منافستها القوية على ليبيا، وهو ما يشكل تهديدا لمصالحها، فيما كان المشير خليفة حفتر يتهمها بالانحياز إلى الإسلاميين وإلى مدينة مصراتة.

وخوفا من أن يُنظر إليها على أنها حليفة لحكومة طرابلس الإسلامية، كان لإيطاليا تواصل مع المشير خليفة حفتر، وهو ما أثار امتعاض حكومة الوفاق.