إيران وحلفاؤها في حيرة: كيف يردون على إسرائيل

توقعات برد استعراضي غير مؤثر يجنب المحور الإيراني تكرار سيناريو الحديدة.
الجمعة 2024/08/02
ضربة مؤلمة

لندن- تجد إيران وحلفاؤها أنفسهم في مأزق حيال كيفية الرد على أخطر هجومين استهدفا قادة بارزين للمحور الذي تتزعمه طهران بغرض ردع إسرائيل ولكن من دون استفزازها للرد بدورها بشكل أعنف لاسيما بعد هجوم الحديدة، عندما ردت إسرائيل على هجوم بمسيرة أطلقها الحوثيون على تل أبيب.

ويعد هجوم الحديدة الذي استهدف منشآت كهرباء ونفط وتخزين في ميناء المدينة نقطة فارقة في تقرير كيف يكون استهداف إيران وحلفائها، حيث يؤكد الهجوم أن إسرائيل لن تتردد في قصف البنية التحتية والمنشآت الحيوية إذا تم استفزازها بضربات موجعة.

وبينما بحث اجتماع عقد الأربعاء بين أطراف المحور الإيراني طريقة الرد على اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وقائد عمليات حزب الله فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت وتوقيته، اكتفى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الخميس بالقول إن الرد آت.

مهند حاج علي: نحن في قلب المعمعة الآن، وقائد حزب الله هو الهدف
مهند حاج علي: نحن في قلب المعمعة الآن، وقائد حزب الله هو الهدف

وقال نصرالله إن على إسرائيل أن تنتظر “الردّ الآتي حتما” بعد اغتيالها القيادي العسكري البارز فؤاد شكر المسؤول عن إدارة عمليات الحزب في جنوب لبنان.

وتحدّث نصرالله عن اغتيال هنية في طهران المنسوب إلى إسرائيل واغتيال شكر في الضاحية الجنوبية ببيروت الذي وصفه بـ”العدوان”، وخاطب الإسرائيليين بالقول “افرحوا واضحكوا قليلاً وستبكون كثيرا”، مضيفا “لم تعرفوا أي خطوط حمر تجاوزتم وأي نوع من العدوان مارستم وإلى أين مضيتم وذهبتم”.

وبحث مسؤولون إيرانيون مع ممثلين عن المجموعات الولائية، من بينها حزب الله وحماس والحشد الشعبي والحوثيون، خلال اجتماع الأربعاء سيناريوهات الردّ المحتملة على إسرائيل، وفق ما أفاد به مصدر مقرّب من الفصيل اللبناني ومطّلع على مضمون المباحثات.

وبحسب المصدر ناقش المجتمعون “إمكانية أن يحصل الردّ بالتوازي، بمعنى أن تقصف إيران وحزب الله والحوثيون أهدافا إسرائيلية في الوقت ذاته، أو أن يرد كلّ طرف بمفرده إنما بشكل منسّق”.

ورجّح قيادي في “المقاومة الإسلامية في العراق” رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس أن “تقود إيران الردّ الأول بمشاركة فصائل من العراق واليمن وسوريا ضد أهداف عسكرية، على أن يتبعه ردّ ثان من حزب الله”.

ويرى أندرياس كريغ، المحلل العسكري والمحاضر البارز في الدراسات الأمنية في كلية كينغ بلندن، أن حزب الله يشعر بالحاجة إلى تنفيذ ضربة انتقامية كبيرة.

وقال “أعتقد أن حزب الله تعرض لضربة أشد بكثير، وأكثر حساسية” من إيران. وهذا تصعيد كبير في المواجهة بين إسرائيل وحزب الله، “حيث يتوجب على حزب الله الرد بشكل مناسب في الوقت المناسب” لاستعادة الردع.

أندرياس كريغ: حزب الله سيسعى لإحداث أضرار  مادية فقط
أندرياس كريغ: حزب الله سيسعى لإحداث أضرار  مادية فقط

ويرى أنه من المحتمل أن تضرب الجماعة المسلحة هدفا عسكريا كبيرا (مثل قاعدة للقوات الجوية بالقرب من حيفا التي ظهرت في شريط فيديو للقطات طائرة استطلاع مسيرة نشرتها المجموعة في يوليو) بدلا من هدف مدني.

وتوقع أن يحاول حزب الله معايرة الهجوم لإحداث أضرار مادية فقط للحد من المزيد من التصعيد.

ويخشى حزب الله ردا انتقاميا إسرائيليا يستهدف البنية التحتية على شاكلة الهجمات التي شنتها إسرائيل عام 2006 على لبنان أومثل ما حدث في ميناء الحديدة مؤخرا.

وأدت الغارات على المرفأ الذي يعدّ بوابة رئيسية لواردات الوقود والمساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تسيطر عليها حركة أنصارالله الحوثية إلى مقتل تسعة أشخاص وجرح عدد آخر بحسب وسائل إعلام تابعة للحركة. كما تسببت في اندلاع حريق هائل استمر أياما في الميناء، وأتى على بعض الرافعات والعشرات من خزانات النفط.

لكن القيادي في “المقاومة الإسلامية في العراق” لم يستبعد أن “تشمل ضربات حزب الله أهدافا مدنية”، خاصة بعد مقتل خمسة مدنيين، هم ثلاث سيدات وطفلان، في الضربة التي استهدفت الضاحية الجنوبية الثلاثاء وأسفرت عن مقتل مستشار إيراني إلى جانب شكر.

وقال مهند الحاج علي، وهو زميل بارز في مركز كارنيغي للشرق الأوسط وباحث في شؤون حزب الله، إن إسرائيل هاجمت من قبل ضاحية بيروت الجنوبية في يناير وأسفر الهجوم عن مقتل المسؤول في حماس صالح العاروري. لكن غارة الثلاثاء استهدفت قائدا كبيرا في حزب الله وقتلت مدنيين.

تريتا بارسي: الإيرانيون سيفعلون أكثر بكثير مما شهدناه في أبريل لاستعادة توازن القوى
تريتا بارسي: الإيرانيون سيفعلون أكثر بكثير مما شهدناه في أبريل لاستعادة توازن القوى

وصرّح “نحن في قلب المعمعة الآن، وقائد حزب الله هو الهدف، وحزب الله مجبر على الرد. وإذا لم يفعل، فستصبح هذه قاعدة جديدة: قتل المدنيين على الجانب الإسرائيلي سيؤدي إلى استهداف ضواحي بيروت. ولا يمكن لحزب الله أن يتحمل هذا”.

ويرى الحاج علي أن حزب الله سيحتاج إلى الرد خارج نطاق عملياته الجغرافي المحدود لإعادة فرض الردع بعد ضربة الثلاثاء. وقال “إنهم بحاجة إلى ضرب أعمق في الأراضي الإسرائيلية، وهذا ما يجلب معه مخاطر كبيرة”.

ويبدو الوضع أكثر تعقيدا بالنسبة إلى إيران.

وتشبه اللحظة الحالية من بعض النواحي ما حدث خلال أبريل الماضي حين خاطرت إسرائيل وإيران بالانزلاق إلى حرب بعد أن ضربت إسرائيل مبنى قنصليا إيرانيا في دمشق، ما أسفر عن مقتل جنرالين إيرانيين. وردت إيران بضربة مباشرة غير مسبوقة على إسرائيل. وتمكنت الجهود الدبلوماسية آنذاك من احتواء التصعيد.

ولكن توجد بعض الاختلافات الرئيسية؛ فقد اغتيل هنية على الأراضي الإيرانية، ما أحرج طهران وأبرز قدرة إسرائيل على ضرب أهدافها هناك بسهولة.

وبينما يرى بعض المحللين أن الرد سيكون خفيفا لأن الهدف لم يكن شخصية إيرانية، إلا أن المسؤولين الإيرانيين تعهدوا برد قاس.

وقال كريغ إن اغتيال هنية “يضر بسمعة إيران” ويعتبر “مهينا” لأنه أظهر عجز طهران عن حماية الضيوف البارزين.

واعتبر أن “موته لا يحمل أية آثار إستراتيجية على إيران إلا أن ذلك يعدّ صفعة على الوجه لأنها البلد المضيف الذي قُتل فيه ضيف تحت حمايته”. ولذلك يعتقد كريغ أن إيران قد تختار التخفيف من ردها.

وقالت نعومي بار يعقوب، وهي زميلة مشاركة في برنامج الأمن الدولي في تشاتام هاوس، “إن إيران قد تلجأ إلى وكلائها للرد”.

وأضافت “لهم أفرادهم الذين يدربونهم ويسلحونهم وهم يخططون في كل مكان، ويمكنهم الوصول إلى أي مكان في العالم. ويمكنهم أيضا ضرب أهداف إسرائيلية أو يهودية على مستوى العالم”.

◄ خسارة كبيرة لحزب الله
خسارة كبيرة لحزب الله

وقال تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، إنه يتوقع أن يكون رد إيران ضربة مباشرة أخرى على إسرائيل.

وأشار إلى أن عملية اغتيال هنية “لم تكن على الأراضي الإيرانية فقط، بل كانت في طهران نفسها. وكان ذلك في حفل التنصيب (حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد). لا يهم من استهدف” وما إذا كان الهدف إيرانيا أم لا.

وقال إن الإيرانيين يشعرون على الأرجح أنه “حتى إذا نجح استعراض القوة في أبريل في استعادة الردع على المدى القصير، فإن هذا الردع قد انتهى الآن”، وإنهم “سيفعلون أكثر بكثير مما شهدناه في أبريل لاستعادة توازن القوى”.

ولم يتصاعد التبادل في أبريل بسبب التدخل الدبلوماسي الأميركي وغيره، وبدت الضربة الإيرانية نفسها مصممة لإحداث الحد الأدنى من الضرر.

 

اقرأ أيضا:

1