إيران مستعدة لعلاقات جديدة مع دمشق بعد سقوط الأسد

وزارة الخارجية الإيرانية تدعو بعد سقوط الأسد إلى حوار وطني يفضي إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل كل فئات المجتمع السوري.
الأحد 2024/12/08
بسقوط الأسد، خسرت إيران حليفا مهما أمّن لها موطئ قدم في المنطقة

طهران/الرياض - قالت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الأحد إنها تتوقع استمرار العلاقات بين طهران ودمشق على أساس "نهج حكيم بعيد النظر"، مضيفة أن مصير سوريا هو مسؤولية شعبها وحده ويجب أن يتحدد دون فرض أجنبي أو تدخل هدام، في موقف يأتي على اثر اعلان جماعات من المعارضة السورية المسلحة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد والسيطرة على العاصمة دمشق.

وتعتبر إيران التي تحث على عدم التدخل في الشأن السوري أحد الأطراف المتدخلة في الحرب الأهلية السورية خلال السنوات الماضية دعما للأسد وتتهمها المعارضة بارتكاب جرائم حرب في سوريا.

وسعت طهران لترسيخ أقدامها في الساحة السورية من خلال نشر قوات قالت إنهم مستشارون عسكريون، ومن خلال ميليشيات شيعية متعددة الجنسيات كانت تقاتل إلى جانب القوات السورية النظامية.

وأنفقت مليارات الدولارات على دعم الأسد في الحرب الأهلية التي اندلعت في عام 2011، ونشرت حرسها الثوري في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة حفاظا على "محور المقاومة" الإيراني في مواجهة إسرائيل ونفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

ودعت وزارة الخارجية الإيرانية بعد سقوط الأسد إلى حوار وطني يفضي إلى تشكيل حكومة شاملة تمثل كل فئات المجتمع السوري، مضيفة "لن ندخر جهدا للمساعدة على إرساء الأمن والاستقرار في سوريا ومن أجل تحقيق ذلك، سنواصل المشاورات مع كل الأطراف المؤثرة وخاصة في المنطقة"، في إشارة إلى تركيا وقطر الداعمتان الأساسيتان لفصائل المعارضة السورية.

كما دعت السعودية الأحد إلى تضافر الجهود لحماية سوريا من الانزلاق نحو "الفوضى والانقسام"، بعدما أعلنت فصائل المعارضة المسلحة دخول دمشق وإسقاط الرئيس بشار الأسد.

وقالت الخارجية السعودية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "إذ تؤكد المملكة وقوفها إلى جانب الشعب السوري الشقيق وخياراته في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سوريا، تدعو إلى تضافر الجهود للحفاظ على وحدة سوريا وتلاحم شعبها، بما يحميها من الانزلاق نحو الفوضى والانقسام".

وأعربت السعودية عن "ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها".

كما دعت "المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق والتعاون معه في كل ما يخدم سوريا ويحقق تطلعات شعبها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".

وقطعت السعودية، على غرار دول خليجية أخرى، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها في 2012، احتجاجا على استخدام القوة في قمع احتجاجات شعبية اندلعت عام 2011 سرعان ما تحولت الى نزاع مدمر.

وقدمت إلى جانب قطر ودول عربية أخرى، خصوصا في السنوات الأولى للنزاع، دعما للمعارضة السياسية والمسلحة، ودعت إلى ضرورة تغيير النظام في سوريا، لكن تغييرا طرأ على العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة وعادت الزيارات واللقاءات بين مسؤولي دمشق والرياض.

وفي 2023، قادت الرياض جهودا دبلوماسية أعادت سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية في قمة جدة التي حضرها الرئيس بشار الأسد في مايو من ذلك العام. وأعلن البلدان استئناف علاقاتهما الدبلوماسية الكاملة في أكتوبر 2023.

وكان مسؤول سعودي قد أكد في وقت سابق الأحد أن المملكة على اتصال بكل الأطراف في المنطقة بشأن سوريا وإنها عازمة على بذل كل ما في وسعها لتجنب حدوث فوضى في البلاد في أعقاب الإطاحة بالأسد، مضيفا "نحن على اتصال دائم مع تركيا وجميع الأطراف المعنية" مشيرا إلى أن المملكة لا علم لها بمكان الأسد.

وعزا المسؤول سقوط الرئيس السوري إلى تقاعسه عن إعادة التواصل مع عدد من الأطراف الفاعلة في المنطقة ومع المعارضة. وقال "الحكومة التركية حاولت التواصل والتنسيق مع الحكومة السورية، إلا أن هذه المبادرات قوبلت بالرفض".

وأضاف "الوضع الحالي هو نتيجة مباشرة لعدم انخراط الحكومة السورية في العملية السياسية. هذه المحصلة تمثل النتيجة الحتمية لمثل هذا التعنت".

وتوجه الأسد في عام 2023 إلى السعودية لحضور قمة جامعة الدول العربية بعد تعليق لعضوية بلده دام 12 عاما، والتقى هناك بولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وقال المسؤول "كان الأمل هو أن تحث هذه الخطوة الحكومة السورية على التواصل بشكل بناء أكثر مع المعارضة والأطراف الفاعلة المختلفة داخل سوريا وفي المنطقة، بدلا من السماح باعتبار الجمود والسلام الهش القائمين أمرا مسلما به".

وتابع "أكدنا على أنه لا ينبغي الاستهانة بالوضع، لأنه لا يزال هشا. ولكن للأسف، لم تسفر هذه الرسالة عن أي إجراء مجد من الجانب السوري".

وقال المسؤول إن الأحداث في سوريا تشمل بعض الجوانب الإيجابية التي يأمل أن تستمر، مضيفا "من الجدير بالملاحظة أن عملية الانتقال جرت دون إراقة دماء، وهو أمر مشجع. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نقدر التصريحات الصادرة عن مختلف الأطراف المعنية والتي تؤكد على أهمية حماية مؤسسات الدولة وسيادة سوريا وحقوق الأقليات".

وخلص إلى القول "نأمل أن نرى استمرارا لهذه التوجهات الإيجابية ونحن ملتزمون ببذل كل ما في وسعنا للحفاظ على هذا الزخم".