إيران على موعد مع يوم دام والنظام يزج بمناصريه

طهران - دعا النظام الإيراني إلى تجمعات مناصرة له في أنحاء البلاد مثلما يجري عادة كلما تتصاعد التظاهرات الاحتجاجية ضده، فيما وجه الجيش تحذيرا شديد اللهجة للمحتجين الغاضبين الذين خرجوا في أنحاء البلاد، إثر وفاة شابة خلال احتجازها لدى شرطة الأخلاق.
أثارت وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما، بعد أن احتجزتها "شرطة الأخلاق" في إيران، احتجاجات غاضبة، حيث أحرقت النساء أحجبتهن في تحد لقواعد اللباس الصارمة في الجمهورية الإسلامية والقائمين على تطبيقها.
ومن المقرر أن تنطلق تظاهرات حكومية مؤيدة لوضع الحجاب، ويتوقع أن يحصل التجمّع الأكبر بناء على دعوة منظمة حكومية أمام جامعة طهران بعد صلاة الجمعة، وفق ما ذكرت وكالة أنباء "إرنا" الرسمية.
ووصف المجلس الإسلامي لتنسيق التنمية المكلّف بتنظيم التظاهرات الرسمية، المحتجين بـ"المرتزقة الذين أهانوا القرآن الكريم والنبي، وأحرقوا مساجد وعلم الجمهورية الإسلامية المقدس، ودنّسوا حجاب النساء والأماكن العامة ومسّوا بالأمن العام"، وفق ما نقلت عنه "إرنا".
ووصفت وسائل إعلام إيرانية المسيرات الموالية للحكومة التي ستبدأ بعد صلاة الجمعة، بأنها "زئير حماسة الشعب ضد مثيري الشغب".
ويخشى رجال الدين الذين يحكمون إيران من عودة الاضطرابات التي شهدتها البلاد عام 2019 احتجاجا على ارتفاع أسعار البنزين، والتي كانت الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية. وذكرت رويترز أن 1500 شخص قتلوا آنذاك.
وكانت السلطات الإيرانية عطلت الجامعات الكبرى في البلاد، وطلبت من إداراتها اعتماد التعليم عن بعد.
إلى ذلك، قال الجيش الإيراني في بيان الجمعة إن "هذه الأعمال اليائسة جزء من إستراتيجية خبيثة للعدو، هدفها إضعاف النظام الإسلامي".
وأضاف أنه "سيتصدى لمؤامرات الأعداء المختلفة بهدف ضمان الأمن والسلام لأولئك الذي يتعرضون للاعتداء ظلما".
كما نقلت وسائل إعلام إيرانية أن وزير الاستخبارات يحذر "المحرضين" من أن "حلمهم بهدم القيم الدينية" لن يتحقق مطلقا.
وقد ارتفع عدد قتلى الاحتجاجات في إيران والمواجهات التي تخللتها منذ أسبوع إلى 26، بينهم أفراد أمن، وفق حصيلة غير نهائية أعلن عنها التلفزيون الإيراني الجمعة.
وقال مذيع التلفزيون الرسمي في بث مباشر "للأسف فقد 26 شخصا بينهم أفراد من الشرطة حياتهم خلال الأحداث"، وأضاف أن العدد المؤكد سيتم إعلانه من قبل السلطات الرسمية.
وكانت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية تحدثت الخميس عن 17 قتيلا بينهم عناصر أمن.
لكن مركز حقوق الإنسان في إيران ICHRI، الذي يتخذ من نيويورك مقرا، أكد أن عدد قتلى الاحتجاجات ارتفع إلى 36، مشيرا إلى تواصل الاحتجاجات في مدن عدة.
بينما أفادت منظمة "إيران هيومن رايتس" غير الحكومية المعارضة التي تتخذ من أوسلو مقرا، الخميس بمقتل 31 شخصا.
وأفادت وسائل الإعلام الإيرانية باعتقال 280 شخصا خلال الاحتجاجات الخميس.
وأثار وفاة أميني إدانات شديدة في عدد من الدول والمنظمات غير الحكومية الدولية، التي انتقدت أيضا قمع التظاهرات الاحتجاجية التي رفعت فيها هتافات تطالب بالحرية وسقوط النظام.
وتخللت الاحتجاجات مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن، وأحرق المتظاهرون آليات للشرطة وألقوا حجارة باتجاهها، وفق أشرطة فيديو تم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع وأوقفت عددا من الأشخاص، بحسب وسائل إعلام إيرانية.
وبين أشرطة الفيديو المتداولة، إقدام متظاهرين على تشويه أو إحراق صور للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في تصرفات نادرا ما تسجّل في إيران.
وحمل الحرس الثوري الإيراني بدوره على المتظاهرين وندّد بـ"عملية نفسية وحرب إعلامية مفرطة" بدأت "بذريعة وفاة مواطنة". وأشاد الحرس الثوري بـ"جهود وتضحيات الشرطة"، واصفا ما يحصل بأنه "مؤامرة جديدة سيكون مصيرها الفشل".
ولا تزال شبكة الإنترنت والاتصالات شبه مقطوعة بالكامل عن البلاد.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على "شرطة الأخلاق" في إيران واتهمتها بالإساءة إلى النساء واستخدام العنف ضدهن، وحمّلتها مسؤولية وفاة أميني.
واتهمت وزارة الخزانة الأميركية شرطة الأخلاق بانتهاك حقوق المتظاهرين السلميين. وقالت إنها فرضت عقوبات على سبعة من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين في إيران، ومن بينهم قائد القوات البرية بالجيش الإيراني.
وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين في بيان "مهسا أميني كانت امرأة شجاعة، كان موتها في حجز لشرطة الأخلاق عملا وحشيا آخر لقوات أمن النظام الإيراني ضد شعبه".
وأضافت "ندين بأشد العبارات هذا العمل الشائن، وندعو الحكومة الإيرانية إلى إنهاء العنف الذي تمارسه ضد النساء، وكذلك حملتها العنيفة المستمرة على حرية التعبير والتجمع".
ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة حتى الآن على طلب للتعقيب على العقوبات.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين، مشترطا عدم ذكر هويته، "سيكون هناك المزيد من الخطوات في الأيام المقبلة"، من دون ذكر تفاصيل.
وقالت وزارة الخزانة إن من بين المسؤولين السبعة الخاضعين للعقوبات رئيس "شرطة الأخلاق" محمد روستامي وقائد القوات البرية بالجيش الإيراني كيومارس حيدري ووزير الاستخبارات إسماعيل خطيب.
وأضافت الوزارة أن نتيجة لهذه الإجراءات، يحظر التعامل على ممتلكات ومتعلقات هؤلاء الأشخاص الواقعة تحت الاختصاص القضائي الأميركي، ويجب إبلاغ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة عنها.