إيران توقف عرض مسلسل بسبب استياء عربي

طهران - أعلن المدعي العام في طهران علي صالحي أنه تم إيقاف عرض مسلسل “غربت”، الذي يتم عرضه على منصات المشاهدة المنزلية، بسبب “التصوير غير اللائق لحياة المهمشين في المناطق ذات الأغلبية العربية”، خاصة الأهواز، في بادرة غير معتادة تشير إلى رغبة السلطات بعدم إثارة غضب الأقليات خصوصا مع التهميش الذي يعيشونه.
وعزا المدعي العام سبب وقف المسلسل إلى “استياء وشكاوى مواطنينا العرب”. وأضاف أن هذا المسلسل لم يحصل على ترخيص من مؤسسة “ساترا” للعرض، وبناءً على طلب مساعد وزير الداخلية الإيراني مجيد مير أحمدي قامت النيابة العامة بإصدار أمر باتخاذ “إجراءات قانونية” بشأنه.
يُذكر أن “غربت” هو مسلسل من فئة الدراما، شوهدت الحلقة الأولى منه في 9 أغسطس على منصة “نماوا”. ويضم عددًا من الفنانين الإيرانيين المعروفين، منهم حسين مهري، وسوسن پرور.
وكتب موقع “نور نيوز”، وهو موقع إخباري مقرب من المجلس الأعلى للأمن القومي، أن مسلسل “غربت” تعرض لانتقادات بسبب “التصوير غير اللائق لحياة المهمشين في المناطق ذات الأغلبية العربية”.
الدراما الإيرانية غالبا ما توظف للتأثير على الرأي العام والثقافة الجماهيرية وتتطابق مع النموذج السياسي للسلطة
كما ذكرت صحيفة “قدس” أن نشر صور حول “نمط حياة الناطقين باللغة العربية في جنوب البلاد” في هذا المسلسل أثار احتجاجات كثيرة.
وانتقد ممثل الأهواز في البرلمان الإيراني محسن موسوي زاده الأحد ما وصفه بـ”الإساءة إلى القومية العربية النبيلة” في مسلسل “غربت”، واعتبرها خطوة “غير حكيمة”.
وأعلنت “ساترا” التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية رداً على الانتقادات أن هذا المسلسل لم يحصل على إذن للبث، ولهذا السبب لم توافق وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي على إعلاناته.
وبحسب “ساترا”، فإن الترويج لهذا المسلسل كان “غير قانوني” ورغم التنبيهات الكتابية الموجهة لمدير منصة “نماوا”، تم عرض المسلسل المذكور خلافًا للقانون.
وبعد تصاعد الجدل والانتقادات قدّم مخرج المسلسل أمير بوركيان اعتذارًا لأهالي خوزستان. وأكد “لم تكن لديّ أي نية أو قصد للإساءة. أتحمل مسؤولية عملي وأعتذر من الشعب العربي الشريف والشجاع”.
وغالبا ما توظف الدراما الإيرانية للتأثير على الرأي العام، والثقافة الجماهيرية، وهي متطابقة تمامًا مع النموذج السياسي الإيراني، حيث تقدم برامج مدروسة، فللدراما دور مهم في التسويق للثقافات والترويج لعدد من المفاهيم والقيم التي تقدمها والتأثير سلبا أو إيجابا على المشاهد الذي أثبتت بعض الدراسات أنه يتعامل مع ما يراه على الشاشة بانفعالات تكون العاطفة هي المحرك الأساسي لها.
وبمثل ما توجه السلطات الإيرانية الدراما في بلادها، فإنها تفرض رقابة مشددة على المسلسلات الأجنبية، حيث أثار مسلسل “الحشاشين” المصري في موسم رمضان الدرامي الماضي غضب السلطات التي قررت حظر المسلسل المستوحى من تاريخ طائفة شيعية من العصور الوسطى، مندّدة بـ”تشويهات” تاريخية.
وقرّرت إيران “حظر بث المسلسل المكوّن من 30 حلقة على جميع المنصات المحلية”، معتبرة أنّه يحتوي على “تشويهات تاريخية عديدة، ويبدو أنه تمّ إنتاجه بنهج سياسي متحيّز”، وفق ما نقلته وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) عن المسؤول في التلفزيون الإيراني مهدي سيفي.
ممثل الأهواز في البرلمان الإيراني محسن موسوي زاده ينتقد ما وصفه بـ"الإساءة إلى القومية العربية النبيلة" في مسلسل "غربت"، واعتبرها خطوة "غير حكيمة"
واعتبرت الوكالة أنّ المسلسل يقدّم “صورة زائفة عن الإيرانيين”، ناقلة عن خبراء قولهم إنّ المسلسل يسعى إلى ربط الإيرانيين بـ”مولد الإرهاب”.
وقال عضو مجلس إدارة “ساترا” أُميد علي مسعودي لوكالة “إرنا” إنّ “مسلسل الحشاشين تمّ إنتاجه بميزانية قدرها 12 مليون دولار، ويعتبر من أغلى المسلسلات في تاريخ الدول العربية.. ومن وجهة نظري، هدفه ربط الإرهاب وبداية الإرهاب بالإيرانيين”.
وأضاف مسعودي “والدليل على هذه النظرية، أنّه تمّ تحديد مدن الري وقم وأصفهان الإيرانية على أنها منشأ الإرهابيين، وفق رواية المسلسل”.
بدورها، قالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) إنّ المسلسل هو “مثال” على “تحريف الحقيقة وتزييفها”.
ويستوحي مسلسل “الحشاشين” أحداثه من قصة الحسن الصباح، وهو من مواليد بلاد فارس، ومؤسّس طائفة الحشاشين المعروفة في القرن الحادي عشر، أعضاؤها من الشيعة الإسماعيلية النزارية التي تشكّل أقلية مسلمة صغيرة.
وغادر الصباح مصر في أوائل تسعينات القرن الحادي عشر، واستقرّ في قلعة ألموت، وهي اليوم موقع سياحي في شمال إيران، حيث قام بتدريب مقاتلين نفّذوا العديد من الاغتيالات السياسية بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر.
وألهمت القصص عن الصباح العديد من الأعمال الإبداعية على مرّ السنين. بينما اعتبر نقاد مصريون أنّ قرار الحظر الإيراني، بمثابة شهادة نجاح للمسلسل ودعاية مجانية له، وسيتمّ الإقبال على مشاهدته بأيّ طريقة وعلى أيّ منصة بعد منع بثه، وفق مبدأ “الممنوع مرغوب”.