إيران تهادن الداخل وتؤجج غضب الخارج

طهران – تتبنى إيران مقاربة متضاربة بمواجهة غضب الشارع تهادن فيها بيد الداخل المشتعل وتؤجج باليد الأخرى استياء الخارج، من خلال الإفراج عن ابن الرئيس السابق للجمهورية أكبر هاشمي رفسنجاني، في وقت تتغاضى عن الوضعية الصحية الحرجة لمواطن فرنسي - أيرلندي، وترفض إطلاق سراحه رغم مطالبة السلطات الفرنسية والأيرلندية بذلك.
وذكرت أنباء محلية الأربعاء أن السلطات الإيرانية أفرجت عن ابن الرئيس السابق للجمهورية أكبر هاشمي رفسنجاني، مهدي، بعد أكثر من سبعة أعوام في السجن.
وأودع مهدي هاشمي السجن في أغسطس 2015 لقضاء عقوبة بالحبس عشرة أعوام، بعد إدانته بجرائم اقتصادية والمسّ بالأمن القومي للجمهورية الإسلامية.
واعتبر في حينه أن الحكم الصادر بحقّه كان عقوبة "مدفوعة سياسيا".
ونقلت "إيسنا" عن المحامي وحيد أبوالمعالي نبأ الإفراج عن موكله "ليل الثلاثاء من سجن إوين" في طهران.
وأشار إلى أن القضاء منح مهدي هاشمي "إطلاق سراح مشروطا".
وبرز اسم مهدي هاشمي في أوائل الألفية الثالثة، في قضايا تعلقت بمجموعتي ستاتويل النروجية العامة وتوتال الفرنسية، اللتين يشتبه في دفعهما رشى لتسهيل وصولهما إلى احتياطي مصادر الطاقة الإيرانية، حيث كان آنذاك مسؤولا كبيرا في قطاع النفط.
في 2009، أسّس "لجنة حماية الأصوات"، ودعم ترشيح الإصلاحي مير حسين موسوي في الانتخابات ضد الرئيس المنتهية ولايته في ذاك العام محمود أحمدي نجاد.
ويعد أكبر هاشمي رفسنجاني من أبرز الشخصيات الإيرانية في حقبة ما بعد انتصار الثورة الإسلامية العام 1979، وتولّى الرئاسة بين 1989 و1997. وكان محسوبا على التيار المعتدل، ومن دعاة تحسين العلاقات مع دول الغرب.
وفي مطلع يناير، أصدر القضاء الإيراني حكما بسجن ابنة رفسنجاني، فائزة، لمدة خمسة أعوام، بعد توقيفها على خلفية الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني.
وكانت وسائل إعلام محلية أفادت في السابع والعشرين من سبتمبر بتوقيف فائزة (60 عاما) بشبهة "التحريض" على الاحتجاجات التي أعقبت وفاة أميني في السادس عشر منه، بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
ووجّه القضاء إليها بعد ذلك تهم "التواطؤ والإخلال بالنظام العام والدعاية ضد الجمهورية الإسلامية".
وفي وقت تحاول فيه السلطات الإيرانية امتصاص الغضب الداخلي عبر تقديم عربون "حسن نية" بإطلاق ابن رفسنجاني، لا يبدو أن الأمور تسير على الوتيرة نفسها حيال الخارج.
وأعلن مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة الصحافة الفرنسية الأربعاء أن المواطن الفرنسي - الأيرلندي برنار فيلان المحتجز منذ أكتوبر في إيران والذي ينفّذ إضرابا عن الطعام والشراب، "في حالة صحية حرجة".
وقال المصدر إن "مؤشرات خطيرة على إرهاب جسدي ونفسي" تظهر عليه، من دون تحديد ما إذا كانت حياته مهدّدة. وأكد أن السلطات الإيرانية ترفض حتى الآن الإفراج عن فيلان لأسباب صحية، رغم مطالبة السلطات الفرنسية والأيرلندية بذلك.
واعتبرت كارولين ماسيه فيلان، شقيقة فيلان، أن الأخير "بريء" ومسجون لأسباب تتجاوز "فهمنا".
وكانت وزارة الخارجية الفرنسية أعربت عن "قلقها البالغ" بشأن الوضع الصحي لفيلان الثلاثاء، وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن - كلير لوجندر إن وضعه الصحي "هش ويتطلب متابعة طبية مناسبة لا تتوفر في مكان احتجازه"، مطالبة بـ"الإفراج عن فيلان دون تأخير".
وأضافت في بيان "نؤكد أن برنار فيلان المواطن الفرنسي - الأيرلندي، هو واحد من مواطنينا السبعة الذين تحتجزهم السلطات الإيرانية بشكل تعسفي".
ويقبع فيلان، وهو مستشار سياحي مقيم في باريس، في سجن "وكيل آباد" في مدينة مشهد الإيرانية بتهم عدّة، بينها نشر دعاية مناهضة للنظام، والتقاط صور لأجهزة الأمن. وينفي فيلان صحّة التهم الموجهة إليه.
وفيلان (64 عاما) متحدّر من كلونميل في مقاطعة تيبراري بجنوب أيرلندا، وتم توقيفه لدى عبوره مدينة مشهد في أعقاب احتجاجات تشهدها إيران ضد النظام. بحسب صحيفة "آيريش تايمز"، بدأ فيلان إضرابا عن الطعام في مطلع العام. وتعرب العائلة عن قلقها على صحة فيلان، الذي يعاني من مشاكل في القلب، مشيرة إلى أنه بالإضافة إلى إضرابه عن الطعام توقّف عن تناول الدواء.
وشدّدت شقيقته في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية على معاناة شقيقها في سجن "وكيل آباد"، خصوصا من جراء ضيق مساحة الزنزانة والبرد. وتقول إن شقيقها محتجز في إطار نزاع سياسي بين باريس وطهران، وكان "في المكان الخطأ في التوقيت الخطأ".
وفيلان واحد من بين العشرات من الرعايا الغربيين المحتجزين في إيران الذين يقول نشطاء إنهم رهائن أبرياء لم يرتكبوا أي جرم، ومحتجزون بأمر من "الحرس الثوري"، لاستخدامهم ورقة مساومة مع القوى الغربية. وأودع هؤلاء الأشخاص السجن في وقت تجري فيه محادثات ترمي إلى إحياء الاتفاق الدولي المبرم في عام 2015 بين القوى الكبرى وطهران لكبح برنامجها النووي.
ومن بين الأجانب المحتجزين في إيران رعايا للدول الأوروبية الثلاث المنخرطة في محادثات الملف النووي الإيراني، وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا.