إيران تنتقم من الصحافيين المعارضين بانتهاكات صارخة في السجون

باريس - نددت منظمة “مراسلون بلا حدود” بالانتهاكات الممنهجة للسلطات الإيرانية ضد الصحافيين وذلك في رسالة إلى مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، حول ظروف الصحافيين المعتقلين في إيران التي تعدّ واحدة من أكبر خمسة سجون في العالم للصحافيين.
ولفتت المنظمة في الرسالة إلى الظروف المروعة التي يحتجز فيها سجناء الرأي بما في ذلك الصحافيين في إيران. وأكدت أن هذه الحالة المقلقة تحتاج إلى معالجة سريعة وحاسمة من قبل مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
وطالبت الجهات العليا المسؤولة عن حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بإدانة اعتقال وتعذيب العشرات من الصحافيين ومنعهم من تلقي العلاج اللازم، والذي أدى إلى وفاة العديد منهم. وحثتها على الضغط على السلطات الإيرانية لاحترام التزاماتها الدولية.
وجاء في الرسالة أن إيران تمارس العنف القاتل وتسيء معاملة الصحافيين والأشخاص الذين يعملون في وسائل الإعلام.
وقالت المنظمة إن “سجن الصحافيين وحرمانهم من الرعاية الطبية أثناء احتجازهم وحرمانهم من الحق في الحصول على محاكمة عادلة يعدّ انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي تعتبر إيران طرفًا فيه”.
وسجلت “مراسلون بلا حدود”، 40 حالة اعتقال على الأقل للصحافيين في إيران منذ بداية عام 2018، حيث تفرج السلطات عن بعض الصحافيين بعد دفع مبالغ باهظة من المال ككفالة، وبشكل مشروط في انتظار المحاكمة، لكن 13 منهم صدرت بحقهم أحكام تتراوح بين ثلاثة و26 سنة في السجن. وأكدت أن ما مجموعه 29 من الصحافيين المحترفين وغير المحترفين معتقلون حالياً، حيث تعد إيران واحدة من أكثر الدول قمعاً في العالم في ما يتعلق بحرية وسائل الإعلام، وتحتل المرتبة 164 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة الصادر عن المنظمة لعام 2018.
وأشارت “مراسلون بلا حدود” إلى أنها تشعر بقلق شديد إزاء صحة الصحافيين والمواطنين المحتجزين دون محاكمة عادلة، وحرمانهم من الرعاية الطبية اللازمة لعلاج الأمراض المقلقة في بعض الأحيان.
وذكرت أنه تم نقل 5 صحافيين من موقع Majzooban Noor وهو المصدر الوحيد المستقل لأخبار الأقلية الصوفية الإيرانية وهم كل من كسرى نوري ورضا انتصاري ومحمد شريفي مقدم وسينا انتصاري وأمير نوري إلى صالات السجن في 13 نوفمبر 2018 بعد 110 أيام من العزل الانفرادي في سجن “فشافويه” بطهران.
وخلال اعتقالهم تم حرمان عائلاتهم من أي أخبار عنهم بناء على أوامر وزارة الاستخبارات، ورفض مسؤولو السجون إبلاغ العائلات عن مكان احتجازهم. واعتقل هؤلاء الصحافيين في ليلة 19 فبراير، أثناء المصادمات بين الشرطة وأعضاء هذه الطائفة الصوفية في مقاطعة بشداران شمال طهران.
وذكرت الرسالة أن صحافيين آخرين وقعوا ضحية الاعتقال التعسفي وانتهاكات النظام القضائي الإيراني، حيث حُكم أخيراً على هنغامه شهيدي، رئيس تحرير مدونة “بين فيست”، بالسجن لمدة 12 سنة وتسعة أشهر في نهاية محاكمة خلف أبواب مغلقة مطلع ديسمبر 2018.
40 حالة اعتقال للصحافيين في إيران منذ بداية عام 2018، والافراج عن البعض مشروط بمبالغ ضخمة
كما حُكم على محمد حسين حيدري، رئيس تحرير موقع “دولت بهار” الإلكتروني، بالسجن لمدة ثلاث سنوات في 9 ديسمبر 2018 بتهمة “نشر معلومات كاذبة تهدف إلى إثارة الشغب في الرأي العام” والدعاية “المناهضة للحكومة” منذ اعتقاله خلال هجوم على منزله في 22 مايو 2018. وتشير “مراسلون بلا حدود” إلى أن المادة 48 من قانون العقوبات الجنائية في إيران تعطي المدعى عليهم الحق في طلب وجود محام بمجرد احتجازهم. ويُستثنى من ذلك بعض فئات المدعى عليهم في المادة 302، وهي تشمل المتهمين بالسرقة والجرائم المتصلة بالمخدرات والجرائم المنظمة ذات الصلة بالجرائم أو الجرائم المرتكبة ضد الأمن الوطني والدولي. كما تشمل الصحافيين. والمدعى عليهم في هذه القائمة “يجب أن يختاروا محامياً من القائمة التي يؤكدها رئيس النظام القضائي”.
وهذا انتهاك صارخ للمادتين 9 و10 و11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية. والحقوق السياسية. كما يشكل انتهاكًا خطيرًا للمادة 35 من الدستور الإيراني نفسه.
وأشارت المنظمة إلى أن صحافيين يعيشون خارج البلاد، وقعوا ضحية القضاء الإيراني خلال زيارة بلادهم، مثل سعيد ملك بور حيث كان مصمماً لموقع ويب ويعيش في كندا، لكن ألقي القبض عليه أثناء زيارته لأسرته في إيران عام 2008. وبعد اعتقاله، احتُجز بمعزل عن العالم الخارجي في سجن “إيفين” بطهران لأكثر من عام، وتعرض للتعذيب، وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها المنظمة.
كما يتم احتجاز الصحافية والناطقة باسم المركز الإيراني للدفاع عن حقوق الإنسان، نرجس محمدي منذ مايو 2015، وحكم عليه بالسجن لمدة 16 عاماً في عدة تهم.
وتبلغ محمدي من العمر 46 عاماً وهي تحرم من الرعاية الطبية على الرغم من المرض الشديد، حيث مكثت بعد عشرة أيام في المستشفى، وبعدها أُعيدت إلى السجن في 28 أغسطس 2018 رغم أنها مازالت في حالة صحية سيئة للغاية.
ولفتت المنظمة أن صحافياً آخر يدعى سهيل عربي، الحاصل على جائزة حرية الصحافة لمنظمة “مراسلون بلا حدود” في فئة المواطنين الصحافيين للعام 2017، هو مثال رائد على معاملة النظام اللاإنسانية والمهينة لسجناء الضمير. فبعد اعتقاله في طهران في ديسمبر 2013، تم عزل عربي وإساءة معاملته لمدة شهرين لإرغامه على الاعتراف بالتورط في إنشاء شبكة عبر فيسبوك انتقدت الحكومة والنظام الإسلامي، بحسب تهم المحكمة التي حكمت عليه بالسجن لمدة سبع سنوات ونصف السنة.
وأكدت المنظمة أن المزيد من السجناء الإيرانيين، بمن فيهم الصحافيون، يعرضون حياتهم للخطر من خلال الإضراب عن الطعام احتجاجاً على الظروف وسوء المعاملة التي يتعرضون لها أو للضغط على طلباتهم للحصول على علاج طبي لائق.
ولا يقتصر تضييق السلطات الإيرانية على صحافيي المحليين، إذ يواجه المراسلون في وسائل الإعلام الأجنبية تضييقا أيضا، فعلى سبيل المثال، تستهدف السلطات فريق عمل الخدمة الفارسية في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” وأسرهم عن طريق عرقلة قدرتهم على إجراء تحويلات مالية.
وفي الوقت نفسه، ينشر النظام وبعض أنصاره دعاية كاذبة وأنباء زائفة على تطبيق “تليغرام” الذي يتمتع بشهرة كبيرة وسط الجمهور مما يقلص تأثير أي تغطية صحافية دقيقة.