إيران تنتقل من عرقلة التقارب العراقي – السعودي إلى محاولة استثماره

طهران تعبّر عن ترحيبها بوساطة عراقية للمساعدة في إصلاح علاقاتها مع دول الخليج.
الأربعاء 2021/04/21
العلاقة التي تريد إيران استثمارها

بغداد - انتقلت إيران من محاولة فرملة مسار التقارب المتسارع بين العراق والسعودية، إلى محاولة استثماره بعد أن قطع أشواطا متقدّمة في عهد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.

وكشفت تصريحات إيرانية بشأن رغبة إيران في قيام بغداد بوساطة بين الرياض وطهران رغبة الأخيرة في استخدام العلاقة الجيدة التي تجمع الكاظمي بالقيادة السعودية لإطلاق مسار تهدئة مع المملكة يهدف إلى تحييدها من الصراع ضدّ إيران باعتبارها القوة الأكبر في مواجهة السياسات الإيرانية في المنطقة.

وعبّرت إيران الثلاثاء عن ترحيبها بوساطة عراقية للمساعدة في إصلاح علاقاتها مع دول الخليج إثر ورود تقارير أفادت بأن مسؤولين سعوديين وإيرانيين عقدوا محادثات مباشرة في العراق.

وجاءت التصريحات التي أدلى بها السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي بعد يوم من إعلان وزارة الخارجية الإيرانية، أن طهران ترحّب دائما بالحوار مع منافستها السعودية دون أن تؤكد إجراء محادثات.

وقطع البلدان علاقاتهما الدبلوماسية في 2016 إثر اعتداء “متظاهرين” إيرانيين على مقّرين دبلوماسيين سعوديين في إيران.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن مسجدي قوله إنّ بلاده “تدعم وساطة بغداد لتقريب طهران من دول واجهنا معها تحديات أو تشهد علاقاتنا فتورا وتم إبلاغ مسؤولين عراقيين بذلك”.

وقال مسجدي ردا على سؤال عن تحقيق أي تقدم في المحادثات “لم نتوصل بعد إلى نتائج واضحة وتقدم مهم. دعونا ننتظر حتى يمضي العمل قدما ويمكننا بعدها أن نرى نتائج عملية”.

وقال مسؤول إيراني كبير ومصدران إقليميان لوكالة رويترز إن مسؤولين سعوديين وإيرانيين أجروا محادثات في العراق في محاولة لتخفيف التوتر بين البلدين، مع سعي واشنطن إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم مع طهران في 2015 وإنهاء الحرب في اليمن.

الحوار الذي تدعو إليه إيران مجرّد مسار تكتيكي شكلي غايته ربح الوقت وتجاوز مرحلة الضغوط الحالية

وعارضت السعودية الاتفاق النووي مع إيران لعدم تناوله البرنامج الصاروخي لطهران وتصرفاتها في المنطقة.

ودعت المملكة إلى اتفاق أقوى هذه المرة في المحادثات التي تُجرى في فيينا بهدف إعادة الولايات المتحدة وإيران إلى الامتثال للاتفاق الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 2018. وانتهكت طهران العديد من القيود النووية بعد أن عاود ترامب فرض العقوبات.

غير أنّ الدعوة السعودية واجهت رفضا قطعيا من إيران، الأمر الذي اعتبر دليلا على أن ما تدعو إليه طهران من حوار مع الرياض هو عبارة عن مسار تكتيكي شكلي غايته ربح الوقت ريثما تتجاوز إيران فترة الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها من الجانب الأميركي والدولي.

ورغم أنّ إيران عملت دائما على عرقلة أي تقارب بين العراق ومحيطه العربي، وخصوصا السعودية وذلك باستخدام القوى الشيعية العراقية الموالية لها من أحزاب وميليشيات في الضغط على حكومة بغداد في كلّ خطوة تقارب تقطعها مع الرياض وباقي عواصم الخليج، إلاّ أنّها تجد هذه المرة فرصة في التقارب الكبير الذي حققه الكاظمي مع السعودية.

وتمرّ العلاقات السعودية العراقية حاليا بأفضل فتراتها مقارنة بما كانت عليه خلال سنوات سابقة. واتفق البلدان الثلاثاء على تبني الحوار لتعزيز الاستقرار في المنطقة، وبحث السبل الكفيلة بإنهاء الخلافات بما يخدم مصالح دول المنطقة.

Thumbnail

وجاء ذلك في لقاء بين مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفير السعودي لدى بغداد عبدالعزيز الشمري.

وبحسب بيان للمكتب الإعلامي للأعرجي فإنه “تم بحث تعزيز العلاقات الأخوية بين بغداد والرياض والتأكيد على أهمية الانفتاح والتقارب مع الجميع من خلال الحوار البنّاء والعمل المشترك”.

وأوضح البيان أنّ “الجانبين استعرضا الأوضاع السياسية والأمنية والسبل الكفيلة بإنهاء الخلافات بما يخدم مصالح دول وشعوب المنطقة، مع التأكيد على أن الحوار والتفاهم وحُسن الجوار من شأنها تعزيز الاستقرار والتنمية وتشجيع الاستثمارات في كافة المجالات”.

وكان الأعرجي قد قام الأسبوع الماضي بزيارة إلى طهران ربطتها بعض المصادر بجهود العراق للوساطة بين إيران والسعودية.

وتابع البيان “تم التأكيد على أهمية أن تشهد المنطقة المزيد من الاستقرار من خلال تجاوز الأزمات والتركيز على المصالح المشتركة لدول وشعوب المنطقة”.

وأجرى مصطفى الكاظمي نهاية مارس الماضي زيارة إلى السعودية هي الأولى له منذ تسلّمه منصبه في مايو 2020، تلبية لدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وجرى خلال تلك الزيارة توقيع خمس اتفاقيات تعاون في مجالات اقتصادية وثقافية وتأسيس صندوق عراقي سعودي برأس مال ثلاثة مليارات دولار.

واستأنفت السعودية العلاقات الدبلوماسية مع العراق في ديسمبر 2015 بعد 25 عاما من انقطاعها جراء الغزو العراقي للكويت عام 1990. وبعد عقود من التوتر بدأت العلاقات تتحسن عقب زيارة لبغداد قام بها وزير الخارجية السعودي آنذاك  عادل الجبير في 25 فبراير 2017.

3