إيران تنتظر تجاوبا مصريا مع خطوة إعادة العلاقات الدبلوماسية

السوداني يلتقي السيسي وفي أجندته تحريك المياه بين القاهرة وطهران.
الثلاثاء 2023/06/13
هل تحمل زيارة السوداني أجوبة إيرانية عن التساؤلات المصرية

تحرص إيران هذه الفترة على توجيه رسائل عبر أكثر من قناة ووسيط بشأن انفتاحها على إعادة العلاقات الدبلوماسية مع مصر، لكن الأخيرة تتأنى في اتخاذ هذه الخطوة، حيث لا تريد أن تكون هذه العودة مجانية.

القاهرة - تواصل إيران إرسال إشاراتها المختلفة لعودة العلاقات الدبلوماسية مع مصر من دون أن تبادلها الثانية برسالة واضحة ومحددة ومعلنة تؤكد وجود رغبة مماثلة لخطوة كبيرة في توقيت تسعى فيه طهران لإعادة الاعتبار إلى علاقاتها الإقليمية.

وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الاثنين، عن استعدادها لتوسيع ورفع مستوى العلاقات مع مصر، “إذا رغبت القاهرة بذلك”.

وتزامنت التصريحات الإيرانية الجديدة مع زيارة يؤديها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إلى القاهرة.

وقال المتحدث باسم الخارجية ناصر كنعاني، في مؤتمر صحفي، “لقد تم الإعلان بوضوح عن الموقف الواضح للحكومة والمؤسسات الدبلوماسية في ما يتعلق بالعلاقات مع مصر”.

وأضاف “كما أعرب قائد الثورة الإسلامية (علي خامنئي) عن موقفه بهذا الصدد في لقائه مع سلطان عمان، فإذا كان الجانب المصري راغبا فنحن نرحب بهذا الموضوع”.

وكشفت مصادر مصرية لـ”العرب” أن زيارة رئيس الوزراء العراقي للقاهرة، تستهدف تحريك ملف العلاقات بين القاهرة وطهران، انسجاما مع المبادرة التي تتبناها بغداد لتقريب المسافات بين الطرفين، والتي ظهرت تجلياتها في استضافة عدة لقاءات لوفود منهما سهلت الطريق أمام الحديث عن عودة قريبة للعلاقات بينهما.

هاني سليمان: طهران تحاول أن تضع الكرة في ملعب القاهرة
هاني سليمان: طهران تحاول أن تضع الكرة في ملعب القاهرة

وأكدت المصادر ذاتها أن رئيس الوزراء العراقي يحمل في حقيبته إجابات حول بعض الأسئلة المصرية العاجلة التي تنتظر إجابات لها من إيران، ووسط تقدير لكل ما صدر عن مسؤولين كبار في طهران من تصريحات متفائلة، لا تزال القاهرة تفضل عدم التسرع في تطبيع العلاقات إلى حين الحصول على نتائج قاطعة في ملفات مهمة.

وأشار وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا” في الأول من يونيو الماضي إلى زيارة سلطان عُمان هيثم بن طارق لطهران التي جاءت عقب زيارته للقاهرة، حيث أبلغ كبار المسؤولين الإيرانيين عن محادثاته مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول تحسين العلاقات مع إيران، و”تم التأكيد على أنه ليست هناك أي مشكلة ثنائية بين البلدين، فضلا عن المواقف الحكيمة والصحيحة لرئيس مصر حيال تطورات السنوات الأخيرة في المنطقة، ولاسيما مكافحة داعش وملف سوريا”.

وأعرب عبداللهيان عن ترحيب بلاده بالمبادرات التي تهدف إلى “توسيع العلاقات بين طهران والقاهرة بالشكل الذي يعود بالفائدة على مصالح البلدين”.

وأبدى مرشد إيران علي خامنئي ترحيبه لاحقا بما وصفه بـ”رغبة مصر” في استئناف العلاقات الدبلوماسية مع بلاده في أثناء لقائه مع سلطان عُمان في طهران.

ونُشرت عبر حساب خامنئي على تويتر بعد لقائه السلطان هيثم تغريدات قال فيها “نرحب برغبة مصر في استئناف العلاقات مع جمهورية إيران الإسلامية ولا مشكلة لدينا في هذا الصدد”.

وذكر الخبير في الشؤون الإيرانية هاني سليمان أن تصريحات المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أتت في سياق جس نبض القاهرة بشأن استعادة العلاقات، وتتزامن مع وساطات عربية تقودها سلطنة عمان والعراق بشأن التعرف على وجهة نظر القاهرة بشكل كامل حول عملية التقارب ونقل رسائل مصرية إلى إيران.

ولفت سليمان في تصريحات لـ”العرب” إلى أن طهران تحاول أن تضع الكرة في ملعب القاهرة، في حين أنها المسؤولة عن بناء جسور الثقة، وتوالي التصريحات الإيجابية يبرهن على إصرار إيران على رفع مستوى التنسيق والعلاقات مع مصر، حيث تدرك أنها مفتاح لعلاقات سياسية أكثر انفتاحا على المستوى العربي والأفريقي.

وثمة قناعة مصرية بأن التنازلات التي قدمتها إيران ليست كافية لاستعادة العلاقات كاملة، ومازالت لدى القاهرة تحفظات على إدارة إيران لملف علاقاتها الإقليمية واستمرار مشروعها التوسعي في المنطقة وتدخلاتها في شؤون بعض الدول العربية.

ولفت سليمان إلى أن رؤية القاهرة لعودة العلاقات تتمثل في أن تكون تدريجية وهادئة ومحسوبة ولا تنجرف نحو الرغبة الإيرانية في العودة السريعة، وتقنع بأن مشروع طهران يتعارض مع المشروع العربي وتنتظر أولا الأفعال حتى تتجاوب بوضوح مع المساعي الإيرانية، وكي تتأكد من أن التقارب إستراتيجي وليس تكتيكيا لتحقيق مصالح إيرانية ضيقة في هذا التوقيت.

رخا أحمد حسن: تصريحات الخارجية الإيرانية رد على بطء ردة الفعل المصرية
رخا أحمد حسن: تصريحات الخارجية الإيرانية رد على بطء ردة الفعل المصرية

ولدى القاهرة تخوفات بشأن أيديولوجية إيران التي تعمل على تصدير الثورة ودعم الميليشيات واستخدام سفاراتها لنشر التشيع، وأكثر ما يقلقها الاختراق المجتمعي الذي سبق وأن حاولت طهران تحقيقه في مصر عقب ثورة يناير 2011، ما جعل القاهرة أمام هواجس عديدة تشكك في عودة علاقاتها مع طهران بشكل متكامل.

وتدهورت العلاقات بين مصر وإيران عقب الثورة الإسلامية وتوقيع مصر اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1979، ثم شهدت تحسنا في عهد الرئيس الإخواني محمد مرسي بعد ثورة يناير، لكن تطور العلاقات لم يستمر بعد عزل نظام الإخوان من السلطة في القاهرة، وعادت العلاقات إلى حالة من الجمود مجددا.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي إن زيارة السوداني تهدف إلى بحث العلاقات الثنائية والتعاون بين العراق ومصر.

ورأى عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن أن تصريحات الخارجية الإيرانية الأخيرة تبدو ردا على بطء ردة الفعل المصرية على جملة من الأحاديث الجيدة من جانب بلاده بشأن عودة العلاقات، وتهدف إلى التأكيد على أن طهران فعلت ما بوسعها وتنتظر إشارات مماثلة من جانب القاهرة.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن زيارة رئيس الوزراء العراقي للقاهرة من المتوقع أن تنقل رسائل مصرية إلى إيران، بما يخدم عملية التقارب، ولدى بغداد رغبة في أن تسيطر حالة من الهدوء على علاقات الدول العربية بإيران، ما يساعدها في الوصول إلى مرحلة الاستقرار داخليا والدخول بصورة مباشرة في عملية التنمية التي تأثرت سلبا، على الرغم من توافر الإمكانيات لديها.

وأشار إلى أن الوضعية الراهنة تسهل عملية التقارب المصري - الإيراني، وأن التصريحات الأميركية التي خفتت حدتها، وعدم توجيه اللوم لإيران بمفردها بالتسبب في عدم استقرار الأوضاع في المنطقة، تشجع القاهرة على اتخاذ مواقف إيجابية.

وبدأت القاهرة انفتاحا ملحوظا نحو إقامة علاقات وتوقيع مذكرات واتفاقيات مختلفة مع بغداد، مع استعداد مصري لمساعدة ودعم العراق في مجالات متباينة.

واستقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي السوداني في مارس الماضي، وشهد اللقاء تبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، واتفاقا على أهمية مواصلة التنسيق المكثف للتصدي للتحديات التي تواجه المنطقة.

2