إيران تلهث وراء مكاسب زيادة إنتاج النفط

إيران تعتبر ثالث أكبر منتج للخام بعد السعودية والعراق في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وهي تحاول بشق الأنفس جني المزيد من الإيرادات لتمويل عجز الميزانية.
الاثنين 2024/05/27
من أين سيأتون بالتمويل؟

استقبل خبراء خطط إيران لزيادة إنتاج النفط أملا في تحقيق عوائد أكبر مستقبلا، بالكثير من التشكيك، بالنظر إلى التحديات الجاثمة أمام تطوير هذه الصناعة سواء من حيث توفير التمويلات أو من ناحية ما يتعلق بتقسيم الحصص داخل أوبك+، والتي تظل محل نقاشات.

طهران – أقرت إيران الأحد خطة لرفع إنتاجها من النفط الخام إلى 4 ملايين برميل يوميا، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة في صيانة مرافقها الصناعية، بسبب العقوبات الغربية التي أثرت على هذا القطاع الذي يعد عصب الاقتصاد.

وذكرت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء أن “المجلس الاقتصادي برئاسة الرئيس المؤقت محمد مخبر وافق على مقترح لزيادة الإنتاج من متوسط 3.6 مليون برميل يوميا حاليا”، لكن تقرير الوكالة شبه الحكومية لم يكشف عن أي جدول زمني لتحقيق هذا الهدف.

وتعتبر إيران ثالث أكبر منتج للخام بعد السعودية والعراق في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، وهي تحاول بشق الأنفس جني المزيد من الإيرادات لتمويل عجز الميزانية، التي بدأت في العشرين من مارس الماضي.

ورغم الضغوط الأميركية زاد إنتاج النفط الإيراني، إذ ارتفع إلى أعلى مستوى له العام الماضي منذ خمس سنوات بأكثر من 3 ملايين برميل يوميا. كما تتجه معظم صادراتها من الخام إلى الصين.

4

ملايين برميل يوميا تستهدف طهران إنتاجها صعودا من 3.6 مليون برميل حاليا

وتشير بيانات أوبك إلى أن إنتاج إيران النفطي بلغ ذروته خلال الربع الأول من 2018 عند نحو 3.85 مليون برميل يوميا، قبل أن يتراجع إلى متوسط مليونين بنهاية العام ذاته بسبب العقوبات الأميركية.

ولكن الخطة الجديدة قد تصطدم بتحديات كبيرة، جزء منها داخلي يتعلق بتمويل المشاريع المزمعة في القطاع، وأخرى خارجية، ولها علاقة بزيادة حصص الإنتاج في أوبك+، والتي من المتوقع أن تتم مناقشتها الأحد المقبل في اجتماع الأعضاء عن بعد.

وفي حين أن السلطات لا تنشر أرقام الإنتاج أو صادراته، فإن المحللين يقدرون أن البلد يبيع حاليا ما يصل إلى مليون برميل يوميا. وتتوقع خطة الميزانية الحكومية مبيعات يومية تبلغ 1.4 مليون برميل بسعر 70.5 دولار للبرميل.

وهذا السعر لا يكفي لتحقيق إيرادات تغطي التزامات الدولة، حيث رأى صندوق النقد الدولي في تقرير أصدره في أبريل الماضي أن طهران تحتاج إلى أن يكون السعر أكثر من 121 دولارا لتجنب عجز الميزانية في العام الإيراني الحالي.

وسيتم تنفيذ الخطة من قبل شركة النفط الوطنية بتمويل قدره 3 مليارات دولار، وفق ما أشارت إليه وكالة إرنا الإيرانية، لكن مصادر الأموال تظل محل جدل، لاسيما وأن البلد أساسا لا يزال يعاني من مشاكل في السيولة.

وفي مارس الماضي رمت الحكومة بكل ثقلها خلف شركاتها المحلية وقامت بمنحها عقودا ضمن المرحلة الثانية، لتطوير مجموعة من الحقول النفطية واضعة في حسبانها تحقيق هدفها المتعلق بتعزيز إنتاج وجني المزيد من الإيرادات.

وحصلت تلك الشركات على عقود بقيمة 13 مليار دولار لتعزيز الإنتاج من ستة حقول نفط بما يصل إلى 350 ألف برميل يوميا. وتشمل المشاريع الرئيسية تطوير حقل أزاديجان العملاق البالغة احتياطاته المؤكدة نحو 32 مليار برميل، وأيضا حقل آزار، وكلاهما مشترك مع العراق على طول الحدود الغربية والجنوبية الغربية للبلاد.

وفي عام 2022 تم تكليف مجموعة من الشركات والبنوك المحلية بتطوير حقل آزادغان باستثمارات تقدر بنحو 7 مليارات دولار. وتقول طهران إن لديها القدرة على مضاعفة صادراتها النفطية إذا كان هناك طلب كاف، بالرغم من أن التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي للبلاد يمكن أن يمهد الطريق لرفع العقوبات لا يزال بعيد المنال.

الحكومة الإيرانية مدينة للقطاع المصرفي بأكثر من 100 مليار دولار
الحكومة الإيرانية مدينة للقطاع المصرفي بأكثر من 100 مليار دولار

ووفق المسؤولين الحكوميين نمت صادرات النفط في العام الماضي بنحو 20 في المئة قياسا بعام 2022، والذي بلغت فيه الإيرادات نحو 54 مليار دولار، وفق بيانات وكالة الطاقة الدولية.

ومع ذلك يتوقع صندوق النقد أن تزيد ديون الحكومة الإيرانية والشركات التابعة لها بأكثر من أربعة مليارات دولار هذا العام مقارنة بالعام الماضي، لتصل في الإجمال إلى 118 مليار دولار، وهو ما يعادل أكثر من ربع اقتصاد إيران.

ويعتمد الصندوق في حساب المؤشرات الاقتصادية على معيار سعر “نيما” للدولار، وهو نظام عملة عبر الإنترنت بدأه البنك المركزي الإيراني في شهر أبريل 2018 لتوفير العملة المطلوبة للاستيراد والتصدير.

ولا يمثل الدين الحكومي المستحق للبنوك سوى جزء صغير من إجمالي الدين العام، ويتعلق الجزء الأكبر بالاقتراض من صندوق التنمية الوطني. وبحسب تقرير الصندوق فإن الحكومة مدينة له بأكثر من 100 مليار دولار، وذكر أن الحكومة “غير قادرة على تسوية الديون”. وبسبب العجز الضخم في الميزانية أجبرت الحكومة المركزي على طباعة النقود غير المدعومة بسلع من أجل الاقتراض من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى في البلاد.

أما التحدي الثاني فيتمثل في سعي الدول الأعضاء في أوبك+ إلى الدفع بتقديرات أعلى لطاقة الإنتاج بحيث يكون المعدل الأساسي أعلى، وبالتالي تكون لها في نهاية المطاف حصص أعلى من الإنتاج بعد تطبيق الخفض، ما يعني بالضرورة إيرادات أكبر.

وهذه النقطة مثيرة للخلافات بين أعضاء التحالف الذي كلف ثلاث شركات مستقلة هي آي.أتش.إس ووودماك وريستاد بتقييم الطاقة الإنتاجية لكل الدول الأعضاء في أوبك+ بنهاية يونيو المقبل.

وتساعد تقديرات الطاقة الإنتاجية التحالف النفطي المكون من 23 دولة، والذي تقوده السعودية وروسيا، على تحديد معدلات الإنتاج الأساسية، التي يتم إجراء التخفيضات منها.

10