إيران تلمّح إلى تأجيل ردها على إسرائيل بعد هدنة غزة

الخلافات بين الرئيس المعتدل مسعود بزكشيان والحرس الثوري بشأن الرد تكشف عن انقسام داخل إيران.
السبت 2024/08/10
أولويات إيران تتغير في ظل الخلافات

طهران - أكدت إيران السبت أن التوصل إلى وقف إطلاق نار في الحرب الدائرة في غزة هو "أولوية" لطهران مشددة في الوقت ذاته على "حقها المشروع" في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية والذي نسبته لإسرائيل.

ويشير هذا الموقف إلى أن إيران تلمح إلى تأجيل ردها على إسرائيل، رغم أنها أكدت أنه غير مرتبط بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، التي من المتوقع أن تستأنف قريبا.

وقالت بعثة إيران الدائمة في الأمم المتحدة في بيان صباح السبت "أولويتنا هي التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم في غزة. وأي اتفاق توافق عليه حماس سنعترف به أيضا".

لكنها أكدت أيضا أن اسرائيل "انتهكت أمننا القومي وسيادتنا من خلال العمل الإرهابي الأخير. ونملك الحق المشروع بالدفاع عن أنفسنا وهو أمر غير مرتبط بتاتا بوقف إطلاق النار في غزة".

وقتل هنية في 31 يوليو في طهران بعد مشاركته في تنصيب الرئيس الجديد للجمهورية الإسلامية مسعود بزشكيان. ولم تعلق إسرائيل حتى الآن على عملية الاغتيال فيما تعهدت إيران الانتقام من الدولة العبرية محمّلة إياها المسؤولية، ما وضع المنطقة برمتها في حالة تأهب وترقب.

وتابعت البعثة "لكن نأمل ألا يكون توقيت ردنا وطريقة تنفيذه على حساب وقف إطلاق نار محتمل".

وبحسب بيان البعثة فإن الرد سيأتي في وقت ما، لكن أي رد قبل وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل من شأنه أن يعرض الاتفاق للخطر.

ويشير أيضا إلى أن السيطرة أو النفوذ الإيراني على وكلائها الإقليميين، وفي مقدمتهم حزب الله اللبناني، محدود، إذ أن عبارة "نأمل أن يكون ردنا..." هي انعكاس لوجود وكلاء تحت المظلة الإيرانية ولكنهم قادرون وراغبون في العمل بشكل مستقل.

ويتماشى كل هذا مع التقييم الدبلوماسي المتنامي الذي يشير إلى أن حزب الله، وليس إيران، هو الورقة الرابحة في ما يتصل بما إذا كان سيتم الرد، وكيف، ومتى.

وليل الخميس الجمعة، أصدرت الولايات المتحدة وقطر ومصر التي تتوسّط بين إسرائيل وحركة حماس، بيانا حضّت فيه على استئناف محادثات للتوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة في 15 أغسطس في الدوحة أو القاهرة "لسدّ كل الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ الاتفاق بدون أي تأجيل".

وأضاف قادة الدول الثلاث "حان الوقت للانتهاء من إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمحتجزين".

ووافقت إسرائيل الجمعة على استئناف هذه المفاوضات.

كما تضمن بيان البعثة اعترافا نادرا بوجود قنوات دبلوماسية بين إيران والولايات المتحدة، حيث أشارت إلى أن "القنوات الرسمية المباشرة والوسيطة لتبادل الرسائل كانت موجودة دائما بين إيران والولايات المتحدة"، و"يفضل الطرفان الحفاظ على سرية التفاصيل".

وتوجد انقسامات داخل إيران بشأن الرد على مقتل هنية، ففي الوقت يتمسك الجناح المتشدد بإنزال أشد العقاب على إسرائيل، يدفع الجناح المعتدل الموالي إلى الرئيس الجديد لمنع حدوث ذلك.

ونقلت وكالات أنباء إيرانية عن الجنرال علي فدوي القائد الكبير بالحرس الثوري قوله الجمعة إن طهران ستنفذ أمر الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي بإنزال "عقاب قاس" بإسرائيل بسبب اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في طهران.

ونقل الإعلام الإيراني عن فدوي قوله "أوامر الزعيم الأعلى التي تخص إنزال عقاب قاس بإسرائيل ثأرا لدم الشهيد إسماعيل هنية واضحة وصريحة... وستُنفذ بأفضل صورة ممكنة".

وذكرت صحيفة "تلغراف" البريطانية نقلا عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الرئيس الإيراني الجديد بزشكيان، يخوض معركة ضد الحرس الثوري في محاولة لمنع حدوث حرب مع إسرائيل.

ووفقا للصحيفة، فإن كبار جنرالات الحرس الثوري يصرون على توجيه ضربة مباشرة إلى تل أبيب وغيرها من المدن الإسرائيلية، مع التركيز على القواعد العسكرية لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين.

لكن بزشكيان، اقترح استهداف "قواعد إسرائيلية سرية" في الدول المجاورة لإيران.

وكانت إيران زعمت في وقت يناير الماضي أنها استهدفت داخل كردستان العراق ما أشارت إليه بـ "قواعد تجسس" تابعة وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد).

وقال مساعدون مقربون من الرئيس الإيراني للصحيفة اللندنية "يخشى بزشكيان أن يكون لأي هجوم مباشر على إسرائيل عواقب وخيمة".

وأضافوا "لقد ذكر أننا كنا محظوظين، لأن إيران لم تخض حربا شاملة مع إسرائيل في المرة الأخيرة"، وذلك في إشارة إلى هجوم شنته طهران 13 أبريل الماضي عندما أطلقت أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار على إسرائيل.

وجاء ذلك الهجوم "ردا" على مقتل 7 من كبار من قادة الحرس الثوري بعد استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق خلال الأول من أبريل المنصرم. واندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق داخل إسرائيل أسفر عن مقتل 1198 شخصاً، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وفي المقابل، قال مسؤول بالحرس الثوري الإيراني لصحيفة "تلغراف" اللندنية إن قادة قوة النخبة يعتقدون أن بزشكيان "قلق بشأن منصبه فقط، لكن قِلة من القادة في الحرس الثوري الإيراني يستمعون إليه".

وأضاف المسؤول "الاعتبار الأول لا يزال ضرب تل أبيب بواسطة (جماعة) حزب الله اللبنانية و(وكلاء) آخرين في نفس الوقت"، وذلك في إشارة إلى الميليشيات الموالية لطهران باليمن وسوريا والعراق.