إيران تفشل في صناعة أبطال سينمائيين من قادة الحرس الثوري

تورنتو - استبعدت إدارة مهرجان السينما الإسلامية الدولي في كندا، فيلم “أحمد” الذي يتناول قصة أحمد كاظمي أحد قياديي الحرس الثوري الإيراني من الذين تعمل السلطات الإيرانية على إنتاج أفلام ومواد وثائقية دعائية عنهم لإظهارهم “أبطالا” وتلميع صورة المؤسسة العسكرية المعروفة في العالم العربي بقمعها للشعوب.
وذكرت وكالة مهر للأنباء، أن فيلم “أحمد” دخل قسم المنافسة في الدورة الخامسة لمهرجان الفيلم الإسلامي الدولي، لكنه قوبل بمعارضة وضغط ليتم استبعاده من هذا المهرجان. وشنت وسائل اعلام إيرانية هجوما على المهرجان معتبرة أن “هذا الإجراء غير قانوني ويتعارض مع حرية التعبير.”
ويروج الاعلام الإيراني لفيلم “أحمد” على أنه “يصور أجزاء من العمل البطولي وشجاعة الشهيد أحمد الكاظمي في الـ18 ساعة الأولى من زلزال بام، والمبني على الواقع،” وقد رفضه البرلماني الكندي كيفن وونغ، الذي رفض رفضا قاطعا عرض فيلم يمتدح قائدًا في الحرس الثوري الإيراني وتمت إزالته من المهرجان بإجراءات فورية.
وأعرب كيفين وانغ، في حديث مع شبكة “إيران إنترناشيونال” المعارضة عن انتقاده وقلقه إزاء عرض فيلم في تورونتو عن القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني. وأشار وانغ إلى الجهود الواسعة التي بذلها المجتمع الإيراني المقيم في كندا لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، ووصف منح تصريح لعرض فيلم يمجد قائدًا بالحرس الثوري بأنه “غير مفهوم.”
وتابع “أرى أن هذا الأمر مرفوض تمامًا.” وأكد أنه يبحث عن طرق لمعالجة هذه القضية، بما في ذلك طرحها في مجلس العموم. مشيرا “لقد ناضلنا بشدة لسنوات طويلة من أجل أن يتم تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، والآن يُسمح بعرض فيلم يمجد أحد قادة الحرس؟ هذا غير منطقي.” وكانت الحكومة الكندية قد صنفت الحرس الثوري الإيراني ككيان إرهابي في يوليو الماضي، وهو ما يمنح الشرطة صلاحية محاكمة أي شخص يدعم “الحرس” ماليًا أو ماديًا، ويسمح للبنوك بتجميد أصوله.
وأفاد الموقع الرسمي للمهرجان فكرة تأسيسه جاءت من هيرا فاروقي، وهي مخرجة أفلام، والتي لاحظت أثناء مشاركتها في مهرجانات مختلفة في كندا أن “القصص التي تعبر عنها كمخرجة مسلمة لم تجد تمثيلًا في هذه الفعاليات.” وأشار منظمو مهرجان الفيلم الإسلامي الدولي إلى أن المهرجان، خلال السنوات الخمس الماضية في كندا، “تطور من مجرد فكرة بسيطة إلى مؤسسة ثقافية حيوية توفر منصة لعرض الأصوات المتنوعة للمجتمع المسلم.”
ويبدو أن القائمين على المهرجان لا يمتلكون فكرة كافية عما تمثله شخصية الفيلم، حيث وصف موقع المهرجان شخصية الفيلم الرئيسية أحمد كاظمي، بأنه “بطل وشهيد” استنادا لدعاية الفيلم. وكان كاظمي قد تم تعيينه قائدًا للقوات الجوية بالحرس الثوري في عام 2003، ثم قائدًا للقوات البرية في 2005 بأمر من المرشد علي خامنئي، وفقًا لتقرير صحيفة “تهران تايمز”. وقد توفي في حادث تحطم طائرة في نفس العام.
◙ برلماني كندي يصف منح تصريح لعرض فيلم يمجد قائدًا بالحرس الثوري بأنه "غير مفهوم" باعتبار أن كندا تصنفه منظمة إرهابية
وكانت له أيضًا علاقات وثيقة مع قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الذي قُتل في غارة أميركية بطائرة مسيرة في بغداد عام 2020. وقال مهدي مرادي، الناشط الحقوقي في أونتاريو، “كيف يمكن تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية في كندا، وفي نفس الوقت يُعرض فيلم يُشيد بأحد قادته السابقين؟ هذا أمر صادم بالنسبة لي.”
ومرادي كان من بين عشرات النشطاء في الجالية الذين ساهموا في الضغط على الحكومة الكندية لتصنيف الحرس الثوري ككيان إرهابي. من جانبها، قالت إدارة مهرجان الفيلم الإسلامي الدولي في تورونتو إنها تلقت رسائل من الجالية الإيرانية تعبر عن القلق، وإنها تراجعت عن عرضه. والفيلم من تأليف وإخراج أمير عباس ربيعي ورضا محبي نوري، وإنتاج “منظمة السينما سوره” ومؤسسة “تصوير شهر.”
وحلال دعاية الاعلام الإيراني للفيلم، قالت وكالة إمنا للأنباء “الشهيد أحمد كاظمي كان من أشهر القادة في مجالات الحب والتضحية، وفي الوقت نفسه، كان بالنسبة للكثير من الشعب الإيراني القائد الأكثر شهرة في فترة الدفاع المقدس وما بعدها.” وأضافت “لا توجد عملية حدثت خلال الحرب ولم ينتصر فيها أحمد الكاظمي، كان يؤدي دوره على أكمل وجه دائماً. وبعد استشهاده قال المرشد الأعلى للثورة: الحاج أحمد كان يستحق الشهادة.”
ونقل الموقع الإخباري لمهرجان فجر السينمائي الدولي الـ42، عن تينو صالحي، الذي لعب دور أحمد كاظمي، إن “أحمد” فيلم صعب بكل المقاييس، وجزء كبير من هذه الصعوبة يقع على عاتق على عاتق الجهاز الفني والمخرج والمصور السينمائي والمصممين ومهندس الصوت. وذكر أن لعب دور أحمد كان عملاً صعباً وممتعاً بالنسبة له، وأضاف “أكثر من أربعة أشهر في موقع تصوير الفيلم كانت فترة طويلة بالنسبة لنا، وخلال هذه الفترة مرضت وأصيبت.” وأضاف صالحي: كل شيء في فيلم “أحمد” فريد، والأشخاص الذين صنعوا هذا العمل جذابون بالنسبة لي.
وفي إشارة إلى الحوار الذي لا يُنسى في هذا الفيلم، قال الممثل “بقي في ذهني المشهد الذي يشعر فيه أحمد بالوحدة ويقول مشكلتي أنني ليس لدي ولد.” غير أن الحماس الذي يتحدث فيه الممثل لم يجد صدى حتى على المستوى الفني، حيث انتقدت تقارير مستواه وذكرت أنه ممل.
وذكر أحد التقارير أن الفيلم يبدأ دون سحر خاص وبشكل مباشر للغاية؛ “الحاج أحمد الكاظمي يتوضأ لصلاة الصباح أو المساء وفي نفس الوقت يرن هاتفه. الحاج قاسم خلف الخط وسمع أيضًا من محمد باقر قاليباف أن زلزالًا قويًا هز مدينة بم؛ بعد ذلك يذهب الحاج أحمد إلى بم مع سردار سلامي والحاج قاسم… مكياج الحاج قاسم وسردار سلامي لا يشبه النسخة الحقيقية على الإطلاق، ولهذا السبب فهما ملثمان بالكامل حتى لا يكون لهما مظهر دور في الفيلم. بينما مكياج الحاج أحمد الكاظمي ليس مثالياً وغير صحيح أيضاً.”
وقال متابعون أنه على الرغم من أن تينو صالحي يحاول جاهدًا وبطريقة مثيرة للسخرية تقليد الشخصية التي يلعبها طوال الفيلم، إلا أنه يتحسن باستمرار ويقترب من الحاج أحمد. لكن السرد والقصة ليسا بالشكل الذي يمكن أن يصور الحاج أحمد بشكل جيد. ويُعتقد في بعض الأماكن أن الفيلم ليس له مسار واضح ومتقطع إلى حد ما. وأضافوا "وهذا ما يجعلنا لا نرى الكثير من التشويق في الفيلم، إلا لدقائق معدودة، وفي بعض الأحيان يستمر الجمهور في مشاهدة الفيلم بملل."