إيران تفتح نافذة لخصخصة قطاع السيارات المتعثر

اضطرار الحكومة إلى تقليص حصتها في شركة إيران خودرو مؤشر على شدة الضغوط المالية جراء الحظر.
الجمعة 2025/02/07
تريدون المنافسة.. عليكم بالجودة!

شرعت إيران في خوض تجربة خصخصة شركات السيارات المملوكة للدولة، التي تعثرت مرارا في السابق، باعتبارها ضرورة ملحة لتطوير القطاع المترهل من خلال تعزيز حوكمته وتحسين فاعلية إدارته لمواجهة الصعوبات المالية التي يعاني منها كغيره من قطاعات الأعمال الأخرى المتضررة من الحظر.

طهران - فتحت الحكومة الإيرانية أخيرا نافذة لخصخصة قطاع تصنيع السيارات، في محاولة لطي صفحة تجارب سابقة فاشلة بسبب استشراء الفساد واتكاء الدولة على عوائد النفط والغاز وسوء إدارة القطاعات الإستراتيجية، التي كانت أكثر تأثرا بالعقوبات الأميركية.

وقلصت إيران حصتها في أكبر شركة لصناعة السيارات في البلاد إيران خودرو (إيكو)، في ما وصفته وكالة إرنا الرسمية بأنه أكبر عملية خصخصة للشركة منذ عقدين. ولم تحدد الوكالة ما إذا كانت الدولة تخلّت عن كامل حصتها أو احتفظت بحصة أقلية.

وذكرت إرنا أن مساهمي شركة إيران خودرو وافقوا على دخول خمس شركات في مجلس الإدارة ونقل إدارة شركة صناعة السيارات إلى القطاع الخاص.

وصناعة السيارات القطاع الثاني في الاقتصاد الإيراني من حيث الحجم بعد قطاع الطاقة، وتشكل ما يصل إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل فيها أكثر من 12 في المئة من القوى النشيطة.

ونقلت شركة إيكو السيطرة الإدارية إلى شركة كروس غروب في أعقاب اجتماع عام غير عادي عقد الأربعاء الماضي، والذي انتهى بعد تسع ساعات من النقاشات في مجلس الإدارة.

وأسفر الاجتماع، الذي وصل أخيرا إلى النصاب القانوني بحضور 50.11 في المئة من المساهمين بعد تأخير دام سبع ساعات، عن تعيين مجلس إدارة جديد تهيمن عليه شركات تابعة لكروز غروب.

وتعهد الكونسورتيوم الذي تولى إدارة شركة خودرو في بيان بـ”تحسين نوعية السيارات” والكشف عن “الخسائر المالية” للشركة.

المستثمرون الجدد تعهدوا بتحسين الإنتاجية والكشف عن الخسائر المالية
المستثمرون الجدد تعهدوا بتحسين الإنتاجية والكشف عن الخسائر المالية

وأعلن المسؤولون عقب الاجتماع “لقد أدت نتائج التصويت في الاجتماع الاستثنائي إلى وضع أغلبية مقاعد مجلس الإدارة تحت سيطرة مجموعة كروس”، مما يشير إلى تحول تاريخي في صناعة السيارات في إيران.

ولدى إيران التي تعد أكبر سوق للسيارات في الشرق الأوسط، العديد من الشركات المصنعة المحلية، والتي واجهت انتقادات بسبب سوء نوعية السيارات وارتفاع الأسعار والخسائر المستمرة.

وتعد صناعة السيارات الضخمة والمتهالكة، من القطاعات الأكثر جذبا للمستثمرين الأجانب، الذين توافدوا على طهران منذ رفع العقوبات الدولية في يناير 2016 في أعقاب الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية.

لكن مع قدوم الرئيس دونالد ترامب في ولايته الأولى التي بدأت في عام 2018، أعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات قاسية على إيران، ثم تم تخفيفها أثناء فترة الرئيس السابق جو بايدن، وفي كلتا الحالتين تأثرت القطاعات الاقتصادية من الحظر.

وهذه الصفقة، التي يُنظر إليها على أنها إعادة تنظيم إستراتيجي، تنقل فعليا إدارة أكبر شركة تصنيع سيارات في إيران إلى القطاع الخاص.

ويرى خبراء أنها تبشر بعصر جديد لصناعة السيارات بعد بدايات خاطئة وشراكات فاشلة مع بي.أس.أي الفرنسية التي باتت جزءا من مجموعة سيتلانتيس وأفتو فاز الروسية.

وكانت الشركة، التي تشتهر بإنتاج نماذج قديمة من بيجو، بما في ذلك طرز 405 من الثمانينات وطرز هاتشباك 206 الشهيرة من التسعينات، شوكة في خاصرة الحكومة الإيرانية، التي تمزقت بين إبقاء البلاد في حالة حركة تحت العقوبات والاضطرار إلى إنقاذ الشركة غير المربحة والمكلفة بشكل متكرر.

وخلال الاجتماع، ظهر إشعار غير عادي على نظام بورصة كودال الإيرانية يفيد بأن الجمعية تأجلت “بسبب الخلافات بين المساهمين الرئيسيين وعدم وجود توافق في الآراء بشأن تنفيذ الأحكام القضائية”.

ومع ذلك، استمر الاجتماع مع إعلان المسؤولين أن القرارات ستستند إلى تصويت الأغلبية وأن إشعار كودال، الذي تم تحميله من قبل عضوين في مجلس الإدارة، يفتقر إلى الأساس القانوني.

وكشفت وسائل إعلام محلية أن التشكيلة الجديدة لمجلس الإدارة تشمل شركات غنجينه إيراني للاستثمارات، وبهينه سازان بهمن، وشركة إتبار أفارين، وهي جميعها حلفاء لكروس، بالإضافة إلى إدارة الاستثمار الوطني في إيران وشركة سابا إينرجي.

وبدأت كروس، أكبر شركة مصنعة لأجزاء السيارات في البلاد، في شراء أسهم شركات صناعة السيارات الكبرى من خلال الشركات التابعة لها في الأشهر الأخيرة.

وانتقد العديد من المراقبين هذه الخطوة، حيث ألقت شركات صناعة السيارات مرارا باللوم على شركات تصنيع الأجزاء في انخفاض جودة منتجاتها.

ويعكس انتقال الإدارة توترات أوسع نطاقا، حيث تدعم إدارة الرئيس مسعود بزشكيان ووزارة الاقتصاد الخصخصة بينما تسعى وزارة الصناعة وبعض الهيئات التابعة للدولة مثل مجلس المنافسة إلى الحفاظ على سيطرة الحكومة.

1.7

مليون وحدة من المتوقع أن ينتجها القطاع في السنة الإيرانية التي تنتهي في 20 مارس

وتعكس معركة مجلس الإدارة هذه شد الحبل الحكومي الأوسع نطاقا، حيث يدافع أحد التيارات، بقيادة الرئيس ووزارة الشؤون الاقتصادية، عن الخصخصة، بينما يسعى فصيل آخر بما في ذلك وزارة الصناعة والهيئات التابعة إلى الحفاظ على سيطرة الدولة.

وتلقى التحول إلى إدارة القطاع الخاص من خلال مجموعة كروس ردود فعل إيجابية بشكل عام في الصحافة.

وتمثل هذه الخطوة تغييرا كبيرا لأكبر شركة لصناعة السيارات في إيران، والتي عانت من الخسائر، رغم أن أداءها المستقبلي تحت الإدارة الخاصة لا يزال غير واضح.

وذكر خطاب صدر مؤخرا عن المجلس الأعلى للتنسيق الاقتصادي أن نقل الإدارة يجب أن يتبع إطارا محددا. ويبدو أن إستراتيجية الحكومة تتلخص في نهج تدريجي: أولا، نقل السيطرة الإدارية، ثم نقل الملكية.

ولم يكن عدم اليقين المطول بدون عواقب. فقد ظل سهم إيران خودرو معلقا، مما تسبب في إحباط كبير للمستثمرين وخسائر مالية.

وتعقدت محاولات مجلس المنافسة السابقة لإزالة كروس من هيكل الإدارة بسبب التحديات القانونية المستمرة والأحكام المتناقضة.

ومع ذلك، تشير ردود الفعل الأولية في السوق إلى زيادة تفاؤل المستثمرين. ويعرب المساهمون عن أملهم في تقليل التدخل الحكومي، ويبدو أن سوق الأوراق المالية تنظر إلى التغيير بشكل إيجابي، وتتوقع تحسينات محتملة في حوكمة الشركات والكفاءة التشغيلية.

وتشير توقعات وزارة الصناعة إلى أن إجمالي إنتاج سيارات الركاب من قبل إيكو، وثاني أكبر شركة لصناعة السيارات شركة سايبا، وحفنة من الشركات الأخرى، سيصل إلى 1.7 مليون وحدة في السنة الإيرانية التي تنتهي في العشرين من مارس المقبل.

10