إيران تطور الألعاب الإلكترونية لمواجهة خصومها داخليا وخارجيا

توظف السلطات الإيرانية عالم الألعاب الإلكترونية في نصرة حلفائها ضد الغرب، إضافة إلى خصومها في الداخل المعارضين للنظام، مثيرة تحمّس المستخدمين لـ”الثأر” من الناتو عبر أحدث الأسلحة الافتراضية.
طهران - أعلنت شركة الرسوم المتحركة الإيرانية (Kosar3D) مؤخرًا عن طرحها لعبة فيديو جديدة، مصممة وفقا لبروباغندا ما يسمى “محور الممانعة والمقاومة”، إضافة إلى روسيا في حربها ضد الناتو.
ويزعم إعلان الشركة أن اللعبة ممولة ذاتيًا، والغرض منها هو “التنافس المباشر مع أقرانها في هذا النوع من الصناعة الترفيهية”، أو بمعنى آخر تهدف إلى أن تكون الرد الإيراني على لعبة “كول أوف ديوتي” الحربية.
وذكر موقع “بي.سي.جيمر” المتخصص في ألعاب الفيديو أن لعبة “الثأر” التي طورتها الشركة الإيرانية تروج للتحالف العسكري الإيراني – الروسي ضد الناتو وبشكل رئيسي ضد الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتم تطوير اللعبة من قبل فريق من المبرمجين في مدينة مشهد الإيرانية وهي من إخراج فرهاد عظيمة، الذي تشمل أعماله السابقة صراعا مسلحا بين الحرس الثوري الإيراني والبحرية الأميركية في الخليج العربي.
وقال عظيمة خلال مقابلة “في هذه اللعبة يتشكل التحالف العسكري بين إيران وروسيا”. وأضاف أن “التحالف يحاول إحباط العمليات التي يخطط لها العدو ضد حلفاء إيران وروسيا”.
وروّج تقرير أعدته قناة “روسيا اليوم” اللعبة وطنيا، بالقول إن التحالف “يقضي على تلك العمليات في مهدها” وإن اللعبة ليست حربًا بل “ضربات استباقية يتم إطلاقها على أراضي العدو لإحباط هجماته”.
وأضاف أن “رسومات لعبة الثأر مصممة باحترافية والسيناريوهات الواقعية تجعلها لعبة كول أوف ديوتي الإيرانية”.
وقال عظيمة “نحاول تطوير اللعبة لتكون على قدم المساواة مع ألعاب مثل كول أوف ديوتي وتنافس الألعاب الأميركية والعالمية من حيث الرسومات والجودة، على الرغم من ميزانيتنا المحدودة”.
أما بالنسبة إلى نوعية القتال المنتظر في هذه اللعبة فقال عظيمة “التحدي المهم هو المعركة بين مقاتلة سوخوي من الجيل الرابع الإيراني ومقاتلة الولايات المتحدة من الجيل الخامس أف 35، ومن المحتمل أن يظن البعض أن المعركة بين هاتين المقاتلتين محسومة لصالح أف 35، لكن في معركة كبيرة أو معركة متقاربة للغاية سيكون النصر حليف سوخوي، خاصة إذا كان الطيار إيرانيًا”.
وبالنسبة إلى المخرج هناك جانب مضحك، فلماذا يجب أن تكون الولايات المتحدة هي الوحيدة التي تنتج دعاية حماسية حول الصراعات العالمية؟ فخلال لعبة مثل كول أوف ديوتي يتم تصوير دول الشرق الأوسط على أنها تستحق الانتقاد الموجه لها دائما، وتبدو اللعبة وكأنها امتداد للصحافة العسكرية الأميركية.
وقال المطور رامي إسماعيل “في لعبة كول أوف ديوتي يتم اطلاق النار على كل العرب مرارًا وتكرارًا. دماء المسلمين هي الأرخص في العالم”.
إن الصورة النمطية للشرق الأوسط في صناعة الترفيه واضحة للغاية. ويبدو أن إيران تحاول الاستفادة من هذه النقطة تحديدا للظهور وكأنها في مواجهة مع أعداء الإسلام عبر الألعاب الإلكترونية، في حين أنها تحصر الأبطال الافتراضيين في إيران وحلفائها فقط.
وتستثمر طهران بشكل متزايد في صناعة وإنتاج الألعاب الإلكترونية، أملا في أن يتم استخدامها للتأثير على اليافعين.
وتعمل السلطات الإيرانية على إنجاز سلسلة من الألعاب الإلكترونية والإنتاجات السينمائية والأعمال الفنية الأخرى التي تحاول من خلالها استخدام صورة قائد الحرس الثوري الإيراني الذي اغتيل في العراق قاسم سليماني، لكسب اليافعين في صفّها، خصوصا أن ذلك يتزامن مع “الأحداث الأخيرة” التي تقع في إيران.
وصرح أحد مطوري اللعبة الإيرانية بأن “السلطات في طهران تحاول تغيير نظرة الشباب إليها من خلال اللعبة الإلكترونية الدعائية”.
وكشفت شبكة “ذا انكوايرر” الأميركية عن تطوير منظمة الباسيج الإيرانية لعبة إلكترونية خاصة، تتضمن معارك آمرلي التي جرت في العراق عام 2014 وتظهر الجنرال قاسم سليماني كبطل للعبة.
وتحدثت وسائل إعلام إيرانية محلية عن اللعبة الإلكترونية الجديدة كجزء من تحركات تقوم بها السلطات الإيرانية عبر شعبة الحرب الإلكترونية للباسيج.
وتسمح اللعبة للاعبين بتقمص دور سليماني في قتال تنظيم داعش الإرهابي وفك الحصار عن مدينة آمرلي في العراق”.
لكن مهدي جوزاني، المسؤول عن القسم الذي يتابع تطوير اللعبة من خلال منظمة الألعاب الإلكترونية والكمبيوترات الإيرانية المشكلة عام 2007، أوقف المشروع مؤقتا بعد نشر تغريدات تنتقد النظام الإيراني.
والبطولات الإيرانية الافتراضية لا تتعلق فقط بالخصوم الخارجيين، إذ تستهدف أيضا المعارضين في الداخل، فقد سبق أن روّج موقع محافظ في إيران للعبة إلكترونية تقوم على قنص رموز المعارضة.
واللعبة أطلقتها مؤسسة “الفن الإسلامي الخالص” باسم “عودة المختار”، مستلهمة ذلك من اسم “مختار الثقفي” الذي انتقم من قتلة الإمام حسين بن عليّ، حسب الروايات الشيعية بعد حادثة كربلاء الشهيرة.
واللافت في هذه اللعبة أن المطلوب قتلهم أو إصابتهم هم من أبرز الشخصيات السياسية المعارضة. ويتعلق الأمر بالرئيس الأسبق محمد خاتمي وبزعيمي الحركة الإصلاحية رئيس الوزراء السابق للنظام مير حسين موسوي، والرئيس الأسبق لـ”مجلس الشورى الإسلامي” ورئيس “مؤسسة الشهداء” الشيخ مهدي كروبي، بالإضافة إلى مهدي هاشمي ابن آية الله هاشمي رفسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام.
وفي اللعبة يفوز مَنْ يقنص أكبر عدد من الشخصيات الإصلاحية عبر إطلاق النار عليها كـ”أهداف”.
وذكر الموقع الإعلامي لمؤسسة “الفن الإسلامي الخالص” أن لعبة “عودة المختار” هي الثانية في مجموعة من ألعاب كمبيوتر بدأت مع لعبة سابقة باسم “مواجهة الفتنة”، انطلاقاً من مسمى “الفتنة” الذي تطلقه السلطات الرسمية على احتجاجات عام 2009، عقب الانتخابات الرئاسية المشكوك في نزاهتها.
والذي يريد الفوز في اللعبة ينبغي عليه اجتياز ممرات مختلفة، فكلما ظهرت صورة لأحد “رؤوس الفتنة الشيطانية” (أي مير حسين موسوي ومهدي كروبي ومحمد خاتمي) يجب إطلاق النار عليه.
وتحذر اللعبة من أنه “يجب إطلاق النار عليهم فوراً دون الانخداع بمؤامرات هؤلاء الشياطين حتى لا تتصدع بصيرتك”.
وتنبه المؤسسة الإعلامية المتشددة اللاعبين في “عودة المختار” إلى “المحرضين والموجهين الأصليين لرؤوس الفتنة”، أي “الاستكبار العالمي من قبيل أميركا وبريطانيا وإسرائيل”، حسب تعبيرها، حيث يتوجّب على كل لاعب أن يقضي على كافة رموز هذه البلدان عند ظهورها في اللعبة أيضاً.
كما نبه الموقع الناشر للعبة المستخدمين إلى الشعارات السياسية ضد “رؤوس الفتنة” التي تطلق في الممرات المختلفة التي يجتازها اللاعبون.
ومن يخسر اللعبة بدلاً من عبارة “game over” تظهر له رسالة تقول للاعب “لم تبلغ بعد البصيرة”.