إيران تطلق إنذار الوحدة لحلفائها وعينها على الصدريين في انتخابات العراق

الرسالة الإيرانية تكشف قلق طهران العميق على نفوذها بالعراق بسبب انقسام الإطار وغياب الصدر، مؤكدة أولوية الوحدة واستمالة جمهوره لتعزيز النفوذ.
الأربعاء 2025/04/30
إيران تخوض معركة البقاء في العراق عبر الانتخابات

بغداد - كشفت مصادر سياسية عراقية مطلعة عن تلقي قادة تحالف الإطار التنسيقي، الذي يضم القوى السياسية الشيعية العراقية المقربة من إيران، رسالة عاجلة من طهران تحمل في طياتها مخاوف عميقة بشأن وحدة التحالف قبيل انتخابات البرلمان العراقي المقبلة.

وتأتي هذه الرسالة في وقت يشهد فيه الإطار التنسيقي انقسامات داخلية متزايدة، وتزامنا مع غياب التيار الصدري عن المشهد الانتخابي، مما يثير مخاوف إيرانية عميقة بشأن تراجع نفوذها في العراق.

وتعكس الرسالة الإيرانية قلقا استراتيجيا متزايدا لدى طهران إزاء التصدعات التي تضرب صفوف الإطار التنسيقي، الذي تعتبره حجر الزاوية في نفوذها السياسي داخل العراق.

ففي ظل التحديات الإقليمية والدولية المتصاعدة التي تواجهها إيران، تسعى طهران للحفاظ على وحدة الصف الشيعي في العراق، وتجنب أي انقسامات قد تقوض قدرة الإطار على الحفاظ على موقعه المهيمن في المشهد السياسي العراقي.

ووفقا لمصادر مطلعة تحدثت لوكالة "شفق نيوز" الكردية العراقية، فإن " قادة الإطار التنسيقي، تسلموا رسالة عاجلة ومهمة من الجانب الإيراني قبل يومين، أكدت على ضرورة الإبقاء على وحدة كتل وأحزاب الإطار ما بعد انتخابات مجلس النواب العراقي المقبلة، وعدم تفرقة تلك القوى بسبب الصراع الانتخابي، لضرورة هذه الوحدة خلال المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات المختلفة.

كما تضمنت الرسالة الإيرانية، وفقا للمصادر، توجيهات واضحة بضرورة على ضرورة عدم تفرق كتل وأحزاب الإطار التنسيقي إلى قوائم كثيرة والحفاظ على وحدة الفصائل المسلحة ضمن قائمة انتخابية كبيرة في انتخابات مجلس النواب، لمنع تفرقة تلك الفصائل". ويهدف هذا التوجه الإيراني إلى منع تشتت أصوات هذه الفصائل وضمان تحقيق أكبر قدر من المقاعد في البرلمان المقبل.

إلى جانب ذلك، حثت الرسالة الإيرانية أطراف الإطار التنسيقي بالسعي لإقناع زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر للمشاركة بالعملية الانتخابية.

وتنظر طهران إلى هذه الخطوة على أنها ضرورية لاستثمار الخزان الانتخابي الكبير للتيار الصدري لصالح الإطار التنسيقي، وتعويض غياب التيار عن المنافسة.

وتشير معلومات مسربة إلى أن مسؤولين إيرانيين حثوا قادة الإطار التنسيقي على فتح قنوات خلفية للتواصل مع قيادات التيار الصدري، أو على الأقل محاولة استمالة جمهورهم الواسع عبر تشكيل قوائم انتخابية "بديلة" تضم شخصيات غير محسوبة بشكل مباشر على مقتدى الصدر ولكنها تحظى بقبول نسبي داخل قواعد التيار.

وتشكل تحالف "الإطار التنسيقي" عقب انتخابات أكتوبر 2021، كرد فعل على فوز التيار الصدري، الذي دفع القوى الحليفة لإيران إلى تشكيل إطار موحد لمنافسته. وبعد انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، أصبح الإطار التنسيقي الكتلة البرلمانية الأكبر، مما مكنه من تشكيل الحكومة الحالية.

ويضم تحالف "الإطار التنسيقي" قوى ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وتحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، وتحالف "قوى الدولة" بزعامة عمار الحكيم، وكتل "عطاء"، وحركة "حقوق"، و"حزب الفضيلة"، وغيرها.

ومع ذلك، يشهد الإطار خلافات داخلية متزايدة، خاصة بين جناحي رئيس الوزراء السوداني ونوري المالكي، مما يهدد وحدة التحالف في الانتخابات المقبلة، حيث يتهم المالكي خصومه بالسعي لتهميش دوره داخل الإطار والاستئثار بترتيب التحالفات الانتخابية بما يخدم مصالحهم، في المقابل، يرى فريق السوداني–الحكيم أن المالكي يعرقل جهود الإصلاح داخل التحالف ويستثمر ثقل الفصائل المسلحة لتحقيق طموحاته السياسية.

ويرى مراقبون أن غياب التيار الصدري عن الانتخابات المقبلة سيخلق فراغا سياسيا كبيرا داخل البيت الشيعي، وسيفتح الباب أمام قوى أخرى، وعلى رأسها الإطار التنسيقي، لتعزيز نفوذها. وتسعى طهران لاستغلال هذا الفراغ من خلال استمالة جمهور التيار الصدري، وتجنب أي انقسامات داخل الإطار قد تعيق تحقيق هذا الهدف.

وكشفت مصادر مطلعة عن تحركات انتخابية مكثفة داخل الإطار التنسيقي، حيث يعتزم التحالف المشاركة في الانتخابات بثلاث قوائم انتخابية رئيسية، تضم جميع القوى والكتل السياسية الشيعية المنضوية فيه. وتهدف هذه الخطوة إلى تحقيق أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، وتشكيل حكومة قوية بعد الانتخابات.

وأوضحت المصادر أن الإطار التنسيقي سيشارك في الانتخابات المقبلة بأكثر من قائمة من بينها قائمة "تيار الفراتين" بزعامة السوداني، وتضم كتلة السند بزعامة وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، وحركة عطاء بزعامة رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.

كما ستشارك قائمة ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، والتي تضم حزب الدعوة وحركة البشائر والنهج الوطني. أما تحالف النصر فسيضم تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي، بالإضافة إلى بعض القوى الصغيرة المستقلة. ومن المتوقع أن تشارك عصائب أهل الحق بقائمة منفردة وقد تلتحق بها بعض القوى الأخرى.

وأشار المصدر إلى أن مشاركة قوى الإطار التنسيقي بقوائم منفردة يهدف إلى تحقيق أكبر عدد من المقاعد البرلمانية، بالإضافة إلى معرفة الحجم الانتخابي والوزن السياسي لكل حركة أو حزب داخل الإطار. وأكد أن التحالفات ما تزال قيد التفاهمات وقد تتغير خارطتها وفقاً للمصالح الانتخابية لكل طرف.

ويواجه الإطار التنسيقي تحديات كبيرة في الانتخابات المقبلة، أبرزها الحفاظ على وحدته، واستمالة جمهور التيار الصدري، وتجنب أي انقسامات قد تقوض فرصه في تحقيق أغلبية برلمانية. كما يواجه الإطار ضغوطا متزايدة من الولايات المتحدة، التي تسعى لتقويض نفوذ الفصائل المسلحة المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي.

وتزامناً مع استعداد القوى الشيعية للانتخابات، تزايدت الضغوط على الفصائل المسلحة للاندماج في هيكل الحشد الشعبي، تمهيدا لما تصفه بعض المصادر بـ"الانتقال إلى العمل السياسي الكامل"، وسط تحذيرات أميركية بفرض عقوبات إضافية على شخصيات وفصائل مرتبطة بإيران، ومطالبة الحكومة العراقية بحصر السلاح بيد الدولة.