إيران تشترط إغلاق ملف المواقع غير المعلنة لإحياء الاتفاق النووي

الرئيس الإيراني يشدّد على أن القدرات النووية السلمية "حق أساسي" لبلاده، مؤكدا أن الاتفاق النووي لن يحصل دون إغلاق قضايا اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الاثنين 2022/08/29
رئيسي: تهديدات ومحاولات إسرائيل لن تفلح في إيقاف برنامجنا النووي

طهران - شدد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على أن إحياء الاتفاق مع القوى الكبرى بشأن برنامج بلاده النووي يبقى "بلا جدوى"، ما لم تغلق الوكالة الدولية للطاقة الذرية قضية المواقع غير المعلن عنها.

وتثير قضية العثور في مراحل سابقة على آثار لمواد نووية في ثلاثة مواقع لم تصرّح الجمهورية الإسلامية بأنها شهدت أنشطة كهذه، توترا بين طهران من جهة، والقوى الغربية والوكالة الدولية التابعة للأمم المتحدة من جهة ثانية.

وتأتي تصريحات رئيسي بينما تدرس طهران الردّ الأميركي على مقترحات تقدمّت بها الجمهورية الإسلامية تعقيبا على مسودة "نهائية" عرضها الاتحاد الأوروبي، بهدف إنجاز مباحثات غير مباشرة بين الطرفين بدأت العام الماضي، هدفها إحياء اتفاق 2015 الذي انسحبت منه واشنطن في 2018.

وقال الرئيس الإيراني "في قضية المفاوضات، مسألة الضمانات (في إشارة إلى قضية المواقع غير المعلنة) هي إحدى المسائل الجوهرية. كل قضايا الضمانات يجب أن يتم حلّها".

وأضاف "من دون حلّ قضايا الضمانات، الحديث عن الاتفاق هو بلا جدوى".

وأشار رئيسي إلى أن "من فرضوا العقوبات على طهران لم يلتزموا ببنود الاتفاق النووي"، وقال إن بلاده لم تترك طاولة المفاوضات، لكنه أكد ضرورة منحها "ضمانات قوية".

وتطالب إيران منذ فترة الإدارة الأميركية الحالية بتقديم ضمانات بعدم انسحاب أي إدارة مقبلة من الاتفاق النووي في حال إتمامه، وهو ما تقول إدارة بايدن إنه "غير ممكن" نظرا إلى أن الاتفاق النووي يعد اتفاقا سياسيا وليس معاهدة دولية ملزمة.

وكررت إيران على مدى الأشهر الماضية طلبها إنهاء قضية هذه المواقع. وفي يونيو، أصدر مجلس محافظي الوكالة الدولية قرارا يدين إيران لعدم تعاونها مع المدير العام للوكالة رافايل غروسي في القضية.

وأثارت الخطوة انتقادات لاذعة من طهران التي تعتبرها إجراء "سياسيا"، وقامت ردا على ذلك بوقف العمل بعدد من كاميرات المراقبة العائدة للوكالة الدولية في بعض منشآتها.

وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى، واسمه الرسمي "خطة العمل الشاملة المشتركة"، رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.

 لكن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجيا عن معظم التزاماتها.

وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، روسيا، الصين) مباحثات لإحيائه في أبريل 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو من العام ذاته. وبعد استئنافها في نوفمبر، علّقت مجددا منذ منتصف مارس مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل إنجاز التفاهم.

وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو، لم تفض إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من أغسطس، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.

وبعد أربعة أيام من التفاوض، أكد الاتحاد الأوروبي أنه طرح على الطرفين الأساسيين صيغة تسوية "نهائية".

وقدمت طهران بداية مقترحاتها على هذا النص، وردّت عليها الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وأكدت طهران أنها تقوم بدراسة هذا الردّ قبل إبداء رأيها إلى الاتحاد الأوروبي.

وألقت تهديدات إسرائيلية بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية بظلالها على جهود إنقاذ الاتفاق. وقالت إسرائيل إنها ستقدم على ذلك إذا رأت في نهاية المطاف أن الدبلوماسية غير مجدية في احتواء قدرات إيران النووية.

واعتبر الرئيس الإيراني أن التقنية النووية حق بلاده "المسلم به"، مؤكدا أنه لا أحد يمكنه منع طهران منه.

وحذر رئيسي من أن إسرائيل "ربما لن يبق عندها شيء" إذا أقدمت على ما وصفه بخطوة "متهورة" ضد إيران.

وأشار إلى أن إسرائيل لا تريد حصول إيران على التقنية النووية، لكن طهران "حصلت على هذه التقنية ولا يمكن لأحد أن يحرمنا منها".

إلى ذلك، جدد الرئيس الإيراني التأكيد على أن بلاده لا تطمح لامتلاك قنبلة نووية، قائلا "لا مكان للأسلحة النووية في عقيدة" إيران.

ويستعد مدير الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع لزيارة واشنطن الأسبوع المقبل، في إطار تكثيف الضغوط على مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن، التي تقترب من التوصل إلى اتفاق مع إيران.

 واقتربت الولايات المتحدة وإيران كثيرا من التوصل إلى اتفاق لاستعادة الاتفاق النووي المبرم عام 2015 خلال الأسابيع الأخيرة، لكن بعض المطالب الإيرانية الرئيسية لا تزال دون حل.

ونقلت شبكة "سي.أن.أن" الأميركية عن منسق مجلس الأمن القومي للاتصالات الإستراتيجية في البيت الأبيض جون كيربي، قوله "نحن بالتأكيد أقرب إلى التوصل إلى اتفاق مما كنا عليه قبل نحو أسبوعين، وبفضل استعداد إيران للتنازل عن مسألتين رئيسيتين".

وتابع "أرسلنا ردنا إلى الاتحاد الأوروبي، وتجري دراسته الآن من قبل الاتحاد الأوروبي وإيران. من الواضح أننا نأمل في التوصل إلى نتيجة إيجابية، لأنه لا توجد مشكلة في الشرق الأوسط يسهل حلها إذا كانت إيران تملك أسلحة نووية. لا يزال الرئيس يعتقد أن الدبلوماسية والعودة إلى الاتفاق هما أفضل نتيجة ممكنة، وسنواصل العمل على ذلك".

والأربعاء الماضي، أرسلت الولايات المتحدة ردها على تعليقات إيران بشأن مسودة اتفاق الاتحاد الأوروبي للاتفاق.

وليس من الواضح ما إذا كانت ستكون هناك جولة أخرى من المفاوضات، فيما عارضت الحكومة الإسرائيلية باستمرار جهود إدارة بايدن لإنقاذ الاتفاق.