إيران تسلم القرعاوي للسعودية وانشقاقات في صفوف حليفها الأسد
تتسارع الأحداث التي تؤذن بسقوط وشيك لمشروع الممانعة من بادرة حسن النية الإيرانية التي سلمت بموجبها صالح القرعاوي الذي يعد واحدا من أهم المطلوبين السعوديين المنتمين إلى تنظيم القاعدة، إضافة إلى سبعة من أعضاء التنظيم، إلى خبر انشقاق 11 قائدا عسكريا سوريا عن النظام السوري واجتماعهم في لبنان قبل مغادرتهم السريعة إلى جهة مجهولة، وإسقاط إسرائيل لطائرة مقاتلة سورية للمرة الأولى منذ عام 1982، وصولا إلى البهجة العارمة التي سوق لها الإعلام الأسدي في شاشاته بمشهد الغارات ضد داعش في محاولة للإيحاء بأنه ينتمي إلى صف الحرب الكونية على الإرهاب.
وكان من اللافت كذلك أنه في ظل هذا التسارع الحثيث للوقائع الميدانية بدا أي انتصار أو تقدم يمكن أن تستفيد منه إيران لإعادة توكيلها بملفات المنطقة فاقدا للمعنى.
فلحظة سقوط صنعاء بيد حلفائها الحوثيين بدت لحظة باردة فاقدة للقدرة على إعادة ترتيب الأولويات وتنظيم الوقائع في المنطقة، وقد تم التعامل معها كما تم التعامل مع اجتياح ميليشيا حزب الله لبيروت في 7 مايو من العام 2008 أي بوصفها اجتياح عصابة مسلحة لعاصمة واستباحتها.
ولم تظهر للحوثيين مطالب واضحة يمكن من خلالها إدراج حراكهم في سياق سياسي محدد أو اعتبار اجتياحهم للعاصمة نوعا من عملية ضغط تمارس بغية العودة إلى منطق السياسة والتسويات، وكان أبرز ما قاموا به هو نهب الدولة والمؤسسات وإقامة مشاهد احتفال شامتة من على سطوح الوزارات والمؤسسات الرسمية ومصادرة آليات الجيش ومعداته.
ولم تتم مواجهتم فعليا، حيث ترك لهم المشهد وحدهم ليقتنع العالم في لحظة حربه ضد الإرهاب أن هؤلاء ليسوا مواطنين أو كائنات حقوقية بل هم مجرد عصابات، وتاليا صار موضوع سيطرتهم على العاصمة اليمنية موضوعا لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج بعيدة الأمد على الإطلاق، بل لا يعدو كونه نوعا من استثمار في المحظور وأشبه بتجارة المخدرات التي قد تمنح صاحبها الثروة بطريقة سريعة ولكن مصيره المحتوم هو التعفن خلف قضبان السجون.
إيران ليست دولة حسن نية ولم تشهد سياستها منذ تولي الولي الفقيه زمام الأمور فيها أي سلوك يعلن أنها تسعى إلى مد جسور من التواصل والتفاهم مع جيرانها العرب، بل يعلم الجميع أن العداء للعرب والعروبة هو سمة عامة تجمع بين مختلف مكونات الشعب الإيراني برعاية إعلامية وأيديولوجية من النظام.
وكان الخميني في وصيته قد دعا بعد إنهاء حرب العراق إلى فتح جبهات جديدة في أكثر من عاصمة عربية، كما أكد مؤخرا مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني علي رضا زاكاني المقرب من المرشد الإيراني علي خامنئي “أن ثلاث عواصم عربية أصبحت بيد إيران” وأشار إلى أن “صنعاء هي العاصمة الرابعة التي ستلتحق بركب الثورة الإيرانية”.
واعتبر زاكاني كذلك أن إيران تمر بما أسماه مرحلة “الجهاد الأكبر” ونبّه إلى أن هذه المرحلة تتطلب تعاملا وحذرا كبيرين وأن”الثورة اليمنية لن تقتصر على اليمن وحده، وسوف تمتد بعد نجاحها إلى داخل الأراضي السعودية، وأن الحدود اليمنية السعودية الواسعة سوف تساعد في تسريع وصولها إلى العمق السعودي”.
ويتحدث البرلماني الإيراني عن السيطرة على العواصم العربية في لحظة اعتراف إيران بعلاقتها بتنظيم القاعدة الذي ليس داعش سوى بعض من إفرازاته وتسليمها السعودية واحدا من أخطر المطلوبين لديها، وفي اللحظة التي أكد فيها التحالف الدولي ضد الإرهاب على مشاركة سعودية خليجية فعلية في قصف مواقع داعش في حين أن إيران تقع خارج المعادلة تماما وكذلك حليفها الذي لم يعد أحد يعتبره طرفا في أي حل يرسم في المنطقة، هل يمكن قراءة هذه التصريحات سوى بوصفها هذيانات غريق؟
ويتهافت الجميع على الاستثمار في الحرب ضد الإرهاب لأنها مضمونة النتائج ولأنها مربحة بشكل مؤكد، لذا لا شك أن المقصيين عن الدخول في هذا الاستثمار المغري لن ينضموا إلى نادي الرابحين بل سيعطون دور المتسولين على أبواب النادي ليس إلاّ.