إيران تسرع وتيرة إعدام معتقلين من المحتجين

 السلطة القضائية الإيرانية تعلن تنفيذ أحكام الإعدام في حق ثلاثة رجال لإدانتهم بتهمة قتل أفراد من قوات الأمن خلال تظاهرات شهدتها البلاد العام الماضي.
الجمعة 2023/05/19
إيران تمضي في تنفيذ أحكام اعدام بحق أشخاص اعتقلوا خلال الاحتجاجات متجاهلة كل النداءات الدولية

باريس - مع تراجع زخم الاحتجاجات في إيران بشكل لفت بعد موجة قمع وحشي وفق ما وصفتها منظمات حقوقية  غير حكومية، تحولت السلطات إلى تسريع وتيرة إعدام المعتقلين من المحتجين.

وفي أحدث فصول هذه الموجة، أعلنت السلطة القضائية الإيرانية تنفيذ أحكام الإعدام الجمعة في حق ثلاثة رجال لإدانتهم بتهمة قتل أفراد من قوات الأمن خلال تظاهرات شهدتها البلاد العام الماضي، ما أثار انتقادات منظمات حقوقية تضاف إلى تحذيراتها منذ أسابيع بتسارع وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام في الجمهورية الإسلامية.

وهزت حركة احتجاجية أنحاء مختلفة من إيران اعتبارا من 16 سبتمبر الماضي، في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران على خلفية مخالفة قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء.

وخلال التظاهرات التي اعتبرتها السلطات إجمالا "أعمال شغب" حرّضت عليها دول خارجية، قتل مئات الأشخاص بينهم عشرات من قوات الأمن وتم توقيف الآلاف. ومع الأحكام الجديدة المنفّذة، بلغ عدد الذين تمّ إعدامهم في قضايا مرتبطة بالاحتجاجات سبعة رجال.

وأعلنت السلطة القضائية تنفيذ حكم الإعدام في حق كل من مجيد كاظمي وصالح ميرهاشمي وسعيد يعقوبي بعد إدانتهم بتهمة "الحرابة" خلال تحرك في مدينة أصفهان (وسط)، كما ذكر موقع وكالة "ميزان أون لاين" التابعة للقضاء. وصدر الحكم بإعدام الثلاثة في يناير الماضي بعدما أوقفوا في نوفمبر من العام الماضي.

وأفاد موقع "ميزان" أنهم أدينوا بالانتماء إلى "جماعات غير شرعية تهدف إلى تقويض أمن البلاد والتواطؤ الذي يؤدي إلى جرائم ضد الأمن الداخلي"، مضيفا "بحسب الأدلة وأقوال المتهمين، أدى إطلاق النار من سلاح ناري من قبل هؤلاء الثلاثة إلى استشهاد ثلاثة من عناصر القوات الأمنية".

ويقيم عدد من أفراد عائلة مجيد كاظمي في أستراليا، حيث توجّه قريبه محمد هاشمي برسالة إلى وزيرة الخارجية بيني وونغ مطالبا إياها بالتدخل لإنقاذه.

وكتب هاشمي أنّ كاظمي "يبلغ من العمر 30 عاما فقط وهو شخص محب وحنون وقوي الإرادة"، مضيفا "شارك مثل العديد من الإيرانيين الآخرين في احتجاجات سلمية لرفع صوته والمطالبة بالتغيير".

وأدانت وونغ الجمعة تنفيذ حكم الإعدام. واعتبرت عبر تويتر أن ذلك "يجسّد وحشية النظام حيال شعبه"، مؤكدة "وقوف أستراليا مع الشعب الإيراني".

وكتبت الممثلة والناشطة الإيرانية البريطانية نازنين بنيادي عبر تويتر إن الرجال الثلاثة "قُتِلوا... بعد اعترافات قسرية ومحاكمات صورية".

وفي أعقاب الإعلان عن تنفيذ الإعدام، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل شريط فيديو، يظهر تجمع محتجين في منطقة اكباتان في طهران، مردّدين هتافات مناهضة للسلطات والجمهورية الإسلامية.

وسبق للقضاء تنفيذ أحكام إعدام في حق أربعة أشخاص أدينوا باعتداءات على رجال الأمن على هامش الاحتجاجات التي طالت مختلف أنحاء البلاد بين سبتمبر وأواخر 2022، قبل أن تتراجع حدتها وامتدادها بشكل كبير.

ونفّذ في يناير حكم الإعدام في حق كل من محمد مهدي كرمي وسيد محمد حسيني لإدانتهما بالضلوع في قتل عنصر من قوات التعبئة ("البسيج") في كرج غرب طهران في نوفمبر. وفي ديسمبر، تم إعدام كل من مجيد رضا رهناورد ومحسن شكاري بعد إدانتهما باعتداءات على عناصر الأمن.

وإيران هي الدولة الثانية في العالم من حيث أعداد أحكام الإعدام المنفذة بعد الصين، كما تقول منظمات غير حكومية للدفاع عن حقوق الإنسان، بما فيها منظمة العفو الدولية.

وفي التاسع من مايو، أدان مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أيضا "العدد الكبير بشكل لا يصدق" لأحكام الإعدام التي نفذت خلال العام الحالي في إيران وبلغ متوسطها أكثر من عشرة أحكام في الأسبوع.

وفي العام 2022، أعدم 582 شخصا بزيادة نسبتها 75 بالمئة عن العام السابق، كما ذكرت منظمات حقوقية خارج إيران، لكن عمليات الإعدام باتت تجري بوتيرة أكبر في 2023.

وأحصت "منظمة حقوق الإنسان في إيران" أكثر من 220 عملية إعدام منذ بداية العام. أما الأمم المتحدة، فأحصت إعدام زهاء 210 أشخاص معظمهم بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات، مشيرة إلى أن العدد قد يكون أكبر.

ورأى محمود أميري مقدم مدير "منظمة حقوق الإنسان في إيران" ومقرها في النروج، أن الإعدامات الأخيرة "يجب أن تكون لها تبعات جدية" على طهران، محذرا من أن غياب ذلك سيجعل "متظاهرين آخرين في خطر"، مشددا على وجوب "أن يفهم قادة الجمهورية الإسلامية أنه لن يتمّ التسامح مع إعدام المتظاهرين".

كما أدانت منظمة "هنكاو" غير الحكومية ومقرها النروج، "موجة إعدامات لا يمكن تصوّرها في إيران". ودعت عبر تويتر "منظمات حقوق الإنسان والحكومات الغربية... إلى إبلاء اهتمام خاص".

من جهته ندّد الأوروبيون في بيان الجمعة "بأقوى العبارات" بإعدام الرجال الثلاثة في إيران. وجاء في البيان "يدين الاتحاد الأوروبي عمليات الإعدام هذه... ويدعو مرة أخرى السلطات الإيرانية إلى وضع حدّ بشكل فوري للممارسة المدانة المتمثلة في الحكم على المتظاهرين بالإعدام".