إيران تستغل الحرب لزيادة تصدير النفط إلى الأسواق

السلطات تسارع إلى تعزيز طاقة التخزين في جزيرة خرج التي تمر عبرها 90 في المئة من الإمدادات.
السبت 2025/06/21
تحميل كل برميل متاح على الناقلات

يتابع محللون باهتمام دخول إيران في سباق مع الزمن لزيادة تصدير نفطها إلى الأسواق العالمية، من خلال الخطوات اللوجستية غير الاعتيادية التي تتخذها مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، والتي يتوقع أن تحدث المزيد من التقلبات الاقتصادية العالمية.

طهران - تعتقد إيران أن حربها المباشرة مع إسرائيل، والتي دفعت أسعار النفط إلى الارتفاع فوق حاجز الـ75 دولارا، فرصة لإعادة التموضع الاقتصادي والسياسي، خاصة في سوق النفط العالمي رغم العقوبات الأميركية المفروضة على قطاع الطاقة.

ومنذ تصاعد التوتر بين الطرفين قبل أسبوع، وتحوله من حروب بالوكالة إلى مواجهات أكثر وضوحًا، أصبح الوضع الجيوسياسي في الشرق الأوسط أكثر هشاشة، لاسيما في ما يتعلق بأمن الطاقة وممرات الشحن في الخليج العربي والبحر الأحمر.

ولذلك تتحرك طهران على أكثر من مستوى لتعظيم مكاسبها. فهي تستغل تركيز الغرب على الحرب لتوسيع صادراتها النفطية بهدوء، عبر قنوات غير رسمية وأساليب التفاف على العقوبات.

وبالتزامن مع ذلك، قد تقدم خصومات مغرية لعدد من الدول المستوردة، خاصة في آسيا، وهو ما يزيد من تنافسية خامها مقارنة بالنفط الروسي أو الخليجي.

ولوحظ ثبات تدفق الإمدادات من موانئ البلاد إلى الناقلات، ما يضمن استمرار الإيرادات على الأقل لفترة من الوقت في حال تعطل الشحنات. ورغم هذا الارتفاع، تمتلئ صهاريج التخزين في محطة التصدير الحيوية في جزيرة خرج بالنفط.

وتصدر طهران 90 في المئة من نفطها الخام عبر خرج، وتقع منشآت الإنتاج بالأساس في منطقي خوزستان وبوشهر في الجنوب الغربي.

سمير مدني: لاحظنا محاولات لتصدير أكبر قدر ممكن من النفط
سمير مدني: لاحظنا محاولات لتصدير أكبر قدر ممكن من النفط

ويحلل التجار والمستثمرون كل البيانات المتاحة لفهم كيفية تأثر نفط إيران ومنطقة الخليج الأوسع بقصف إسرائيل للمواقع النووية والعسكرية والبنية التحتية للطاقة في البلاد. وتقدم بيانات الأقمار الاصطناعية جزءاً على الأقل من الإجابة عندما يتعلق الأمر بإيران.

وتحتوي مواقع تخزين النفط في جزيرة خرج على أسطح عائمة، ترتفع وتنخفض حسب امتلاء الخزانات، ما يسمح باستخلاص مؤشرات عبر تحليل الظلال من الأعلى لمعرفة مدى امتلائها.

وبحسب وكالة بلومبيرغ، تُظهر صور في يوم الحادي عشر من يونيو الجاري أن أسطح معظم الخزانات الكبيرة كانت منخفضة عن الحواف، ما يعني أن الخزانات كانت ممتلئة جزئيا فقط.

لكن بعد أسبوع، وتحديدا في صورة التُقطت خلال الثامن عشر من يونيو، بعد أيام على بدء الهجمات الإسرائيلية، لم تُلحظ تلك الظلال، ما يشير إلى أن الأسطح بلغت القمة، وأن الخزانات ممتلئة تماما.

ولا تزال هناك ظلال تُلقى على الأرض بجوار الخزانات، ما يؤكد أن غياب الظلال داخل الخزانات لا يعود إلى غياب أشعة الشمس.

وقد التُقطت تلك الصور بفارق يقل عن عشر دقائق عند الساعة 2:40 ظهرا بالتوقيت المحلي في كلا اليومين، وبزوايا استشعار شبه متطابقة.

وأكد سمير مدني، الشريك المؤسس لموقع تانكر تراكرز دوت كوم المتخصص في تتبع تجارة النفط السرية باستخدام صور الأقمار الاصطناعية، أنه لاحظ أيضا “ارتفاعا في مخزونات النفط الخام في الجزيرة”.

وهذا أمر غير متوقّع، بالنظر إلى أن إيران ترفع وتيرة صادراتها. ولكن إذا كانت مرتفعة بشكل غير معتاد، فمن المفترض أن تنخفض مستويات التخزين، التي بلغت خلال أسبوع 5 ملايين برميل، إلا إذا كانت تضخّ كميات إضافية إلى المنشأة.

وفي ضوء هذه المعطيات، يمكن الاستنتاج أن السلطات تحاول ضخ أكبر كمية ممكنة إلى السوق العالمية ما دام الأمر ممكنا.

وتستطيع إيران تخزين حوالي 28 مليون برميل من النفط الخام في خرج، وفقا لتقرير صدر في 2024 عن مؤسسة أس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس.

وانتهى المسؤولون في ثالث أكبر منتجي النفط في أوبك بعد السعودية والعراق الشهر الماضي، من أعمال تجديد لخزانين سعة كل منهما مليون برميل، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه السعة مدرجة في تقديرات السعة السابقة.

وارتفعت صادرات إيران، التي يبلغ إنتاجها النفطي وفق اتفاق أوبك+ عند نحو 3.28 مليون برميل يوميا منذ بدء الهجمات الإسرائيلية الجمعة الماضي، بحسب مدني.

28

مليون برميل نفط قدرة خزانات جزيرة خرج، وفقا لمؤسسة أس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس

ويعمل تحالف أوبك+، الذي يضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وشركاء من خارجها، على تقليص تخفيضات الإمدادات. ووضع التحالف خططا لزيادة الإنتاج بمقدار 1.37 مليون برميل يوميا في الفترة بين أبريل ويوليو.

وصدّرت إيران في الفترة من الثالث عشر إلى السابع عشر من يونيو ما معدله 2.33 مليون برميل يوميا، وفق بيانات تانكر تراكرز دوت كوم، أي بزيادة قدرها 44 في المئة مقارنة بمتوسط الصادرات منذ بداية العام حتى الرابع عشر من يونيو.

ووصلت صادراتها خلال الأشهر السابقة، وفقا لبيانات كبلر إلى 1.8 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى لها منذ 2018، مدفوعة بالطلب الصيني القوي.

وقال مدني “يبدو من الواضح تماما ما تحاول إيران القيام به.. إنها تحاول تصدير أكبر قدر ممكن من النفط، ولكن مع وضع السلامة أولوية قصوى.”

ويُخزن النفط في صهاريج متراصة على جزيرة خرج، ما يجعلها أكثر عرضة للهجوم مقارنة بشحنات النفط المحملة على السفن المنتشرة في الخليج أو المتجهة إلى الصين.

وفي مؤشر آخر على استجابة طهران اللوجستية، تُبقي إيران السفن على مسافة بعيدة من جزيرة خرج لأطول فترة ممكنة، قبل التحرك إلى المحطة لتحميل النفط، وتقليص مدة وجودها في الميناء.

وتُظهر صور التقطتها شركة بلانيت لابس في الحادي عشر من يونيو، أي قبل أيام على أول هجوم إسرائيلي، ناقلات نفط، معظمها من طراز السفن الضخمة بسعة حوالي مليوني برميل، راسية في المياه بين جزيرة خرج والبر الإيراني.

وتشير المقارنة مع صور سابقة إلى أن هذا العدد ضمن النطاق المعتاد. لكن في صورة أخرى التُقطت في السابع عشر من يونيو، بعد أربعة أيام على بدء الهجمات، اختفت جميع السفن من مواقع الرسو قرب الجزيرة.

وتظهر الصور فقط المنطقة الأساسية لمواقع الرسو لضمان وضوح الرؤية، ولا تشمل الناقلات الراسية بعيدا عن الجزيرة.

وتبنّت إيران إستراتيجية مشابهة لتفريق الناقلات عندما تعرّضت لهجوم إسرائيلي في أكتوبر الماضي. وآنذاك أيضا، واصلت تصدير النفط من دون انقطاع.

10