إيران تروّج لتعافي اقتصادها باكتشافات نفطية جديدة

دخلت إيران في جولة ترويجية جديدة لتعافي اقتصادها، الذي يرزح تحت وطأة عقوبات أميركية شديدة، رغم إعلانها عن اكتشافات نفطية جديدة قد لا تجد طريقها إلى الأسواق العالمية بسبب صعوبات جذب الشركات العالمية خشية ملاحقتها من الولايات المتحدة.
يزد (إيران) - شكّك محللون في قدرة إيران على استثمار الاكتشافات النفطية الجديدة، التي أعلنت عنها الأحد، في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على قطاعها المشلول وغيره من القطاعات التي تعول عليها الحكومة.
وفي إعلان دعائي، أكد الرئيس حسن روحاني من مدينة يزد وسط إيران اكتشاف حقل نفطي في جنوب غرب البلاد، يقول محللون في القطاع إنه سيزيد الاحتياطات المثبتة لطهران بمقدار الثلث.
وروّج روحاني كالعادة في كلمة بثها التلفزيون الرسمي لتحسن الظروف الاقتصادية رغم الإجراءات الأميركية القاسية ضد كبار الزعماء الإيرانيين والقطاعين المصرفي والمالي. وقال “هذه هدية صغيرة من الحكومة للشعب الإيراني”.
وتبلغ مساحة الحقل، وفق روحاني، نحو 2400 كلم مربع ويقع في محافظة خوزستان (جنوب غرب)، ويحتوي على نحو 53 مليار برميل من النفط الخام.
ويمتد الحقل الجديد البالغ عمقه 80 مترا على مسافة نحو مئتي كيلومتر من حدود محافظة خوزستان مع العراق إلى مدينة اميديه.
وخلال الأشهر الماضية، ظهرت علامات كثيرة حول تداعيات الاقتصاد الإيراني خاصة مع اشتداد القيود على بيع النفط في الأسواق العالمية بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم في 2015.
وقال روحاني “اليوم نعلن لأميركا أننا دولة غنية، وعلى الرغم من العداء والعقوبات الجائرة بحقنا، إلا أن عمال ومهندسي صناعة النفط الإيرانيين تمكنوا خلال هذا الوقت من اكتشاف هذا الحقل النفطي الهائل”.
وسيضيف الحقل الجديد نحو 34 بالمئة للاحتياطات المثبتة للدولة العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، التي تقدرها المجموعة النفطية العملاقة بريتش بتروليوم بنحو 155.6 مليار برميل من النفط الخام.
وتعتبر إيران من الدول المؤسسة لأوبك وتملك رابع أكبر احتياطي من النفط وثاني احتياطي من الغاز في العالم. وإذا تأكدت الاحتياطيات الجديدة ستنتقل إيران إلى المرتبة الثالثة لإنتاج النفط، لكن يبقى أن نرى إلى أي مدى يمكنها الاستفادة من الحقل الجديد.
ففي مايو الماضي، أنهت واشنطن الاعفاءات المؤقتة، التي منحتها للمشترين الرئيسيين الثمانية للنفط الإيراني، ما زاد من الضغوط على الصين والهند وتركيا للعثور على مورّدين آخرين. ولا تعلن طهران عن أرقام دقيقة، لكنها تقول إن بعض النفط الخام لا يزال يتمّ تصديره عبر وسائل “غير تقليدية”.
وتسعى الدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا لإنقاذ الاتفاق من خلال تجنب العقوبات الأميركية، ولكن جهودها لم تثمر حتى الآن.
وشهدت إيران تباطؤا اقتصاديا حادا هذا العام في ظل العقوبات الأميركية، وأدى تراجع العملة إلى ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الواردات. إلا أن روحاني قال إن “الاقتصاد أصبح مستقراً الآن”.
وتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 9.5 بالمئة هذا العام، وهو أسوأ أداء له منذ عام 1984 عندما كانت طهران في حالة حرب مع العراق المجاور، لكنه أشار إلى أنه من المتوقع أن يستقر النمو عند مستوى الصفر العام المقبل.
ويجمع محللون وخبراء على أن الوضع الاقتصادي في إيران وصل إلى طريق مسدود ولم يعد معه بالإمكان تدارك الأزمة في ظل تفاقم معاناة المواطنين واستفحال الفساد وسيطرة السلطة الدينية على ثروات البلاد وتسخيرها للأجندات السياسية الخارجية وحرمان الشعب منها طيلة أربعة عقود.
ويقول متابعون للشأن الاقتصادي الإيراني إن أحد أبرز اللاعبين الرئيسيين في القطاع شبه الحكومي هي الشركات التي تعمل لحساب الحرس الثوري.
وفي تحرك لإبعاد شبهات الفساد الملتصقة بكبار مسؤوليها، شنت السلطات حملة ضد الإيرانيين المتهمين باستغلال النقص في الذهب والعملات وتقلب أسعارها، حيث جرت محاكمة وإعدام عدد من الأشخاص.
وقال روحاني في كلمته “أدعو القضاء إلى شرح قضايا الفساد بمليارات الدولارات للشعب.. أين ذهبت الأموال؟”.
وأشار إلى “قضية 2.7 مليار دولار” حيث تم “اعتقال المشتبه به في إطارها والحكم عليه بالموت، وهو حاليا في السجن ولكن الأموال لم تتم استعادتها بعد”.
وكان روحاني يشير بذلك إلى قطب الأعمال باباك مرتضى زنجاني، الذي ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بحقه بعد إدانته في 2016 باختلاس ذلك المبلغ الضخم أثناء مساعدته الحكومة في الالتفاف على العقوبات الدولية.