إيران ترصد الصحافيين المؤيدين للعقوبات ضدها لمنعهم من دخول البلاد

وجد المسؤولون الإيرانيون مبررا جديدا للتضييق على الصحافيين ووسائل الإعلام الأجنبية لاسيما البريطانية والأميركية، ومنعهم من تغطية الأحداث في البلاد والتواصل مع المواطنين، بذريعة تأييدهم للعقوبات المفروضة على طهران الأمر الذي يضعهم وفق الأدبيات الإيرانية في خانة “الأعداء”.
طهران - أعلن عضو البرلمان الإيراني ناصر موسوي لارجاني، أن رئاسة البرلمان تسلمت خطة لحظر دخول الصحافيين ووسائل الإعلام المؤيدة للعقوبات المفروضة على طهران، في مسعى جديد لتقييد عمل المراسلين الأجانب ومنعهم من تغطية الأوضاع في إيران.
ونقلت وكالة أنباء الطلبة “إيسنا” عن لارجاني، قوله إنه “تم تسليم رئاسة البرلمان خطة برلمانية لحظر دخول الصحافيين ووسائل الإعلام الأميركية والبريطانية الداعمة للعقوبات المفروضة على طهران”.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد فرضت عقوبات قاسية وواسعة على النظام الإيراني بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي 2018، فيما تجري مفاوضات منذ فترة في العاصمة فيينا بهدف إعادة إحياء العمل بالاتفاق الموقع 2015.
ولم يكشف لارجاني عن تفاصيل الخطة التي من شأنها أن تحد من دخول الصحافيين الأجانب العاملين في وسائل الإعلام إلى إيران، لكنها ليست مهمة عسيرة بالنظر إلى متابعة السلطات الإيرانية لوسائل الإعلام الأجنبية والصحافيين المنتقدين لسياسة طهران، وبالتالي يمكنها حصرهم ووضعهم في قائمة “سوداء”.
وتتعاون هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية “إيريب” مع مجموعة من الوزارات والهيئات الحكومية حيث تساعد النظام في بسط سيطرته على عملية بث الأخبار ووسائل الإعلام.
وتساعد وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية، هيئة الإذاعة والتلفزيون في حفظ المواد الإعلامية التلفزيونية التي يتعارض محتواها مع مواقف طهران وسياساتها، كما تساعدها في فرض الرقابة على الصحافة بشكل عام.
ناصر موسوي لارجاني: تسلم البرلمان خطة لحظر دخول وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية الداعمة للعقوبات
وتستخدم وزارة الاستخبارات أساليب متطورة لمراقبة الصحافيين الأجانب في إيران وتقليل وجودهم في البلاد. ولديها قسم متخصص بالتضليل ينسق أغلب عمليات التضليل ويقوم بالإشراف على غالبية الأخبار التي تنشر في الصحف والمواقع الرسمية الإيرانية.
كما أن هذا القسم أيضًا، يقوم بتوظيف الحرب النفسية من أجل التلاعب بوسائل الإعلام والأجهزة الاستخبارية الأجنبية، التي تسعى للحصول على معلومات حول الأجهزة المخابراتية الإيرانية أو القدرات العسكرية الإيرانية.
ويتم تنظيم أجهزة الإعلام الإيرانية من قبل هيئة الإذاعة والتلفزيون، التي غالبًا ما تشارك بشكل مباشر في نشر المعلومات والدعاية المضللة. وتعمل الوكالة بشكل مستقل عن الحكومة، ويشرف عليها المرشد الأعلى على خامنئي، الذي يقوم بإملاء السياسات الإعلامية على جميع محطات التلفزيون والإذاعة الإيرانية.
وتحدث العديد من الصحافيين الأجانب عن صعوبة القيام بمهام صحافية في إيران بسبب الرقابة المفروضة على تحركاتهم في البلاد، إلى جانب صعوبة الحصول على الترخيص.
وسبق أن انتقد الصحافي الأميركي الإيراني جيسون رضائيان تضييق السلطات الإيرانية الخناق على وسائل الإعلام العاملة في البلاد من أجل تقديم رسالة موحدة للعالم.
ونشر مقال بعنوان “الصحافة في إيران تقترب من الانقراض” نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، بالتزامن مع احتفال إيران بيوم الصحافي، الذي يوافق 8 أغسطس من كل عام.
وأشار إلى توقف وزارة الثقافة الإيرانية المفاجئ عن منح الصحافيين العاملين في وسائل إعلام أجنبية تصاريح لممارسة عملهم داخل البلاد، وعدم تفسير هذه الخطوة من قبل المسؤولين بالوزارة.
وقال إن عدم منح المراسلين الأجانب تصاريح عمل هو استراتيجية مألوفة لدى الأنظمة الاستبدادية، مثل إيران، لترويعهم وفرض رقابة ذاتية في ما بينهم.
ولفت إلى أن الضغط على وسائل الإعلام تجاوز الصحافة الأجنبية، وأصبح المنتقدون المحليون مستهدفين من حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني أيضًا.
وتعتبر السلطات الإيرانية الصحافيين والمراسلين المتعاونين مع وسائل إعلام غربية تنتقد طهران أو تغطي احتجاجات ومظاهرات في البلاد بمثابة جواسيس يجب محاكمتهم ومعاقبتهم، ففي إحدى المرات كتب رئيس تحرير صحيفة إيرانية محسوبة على الحرس الثوري مقالًا يصف فيه وسائل الإعلام الغربية بأنها “وسائل إعلام العدو”، وأضاف أن أي شخص سواء كان إيرانيًا أو مراسلًا أجنبيًا يغطي الأحداث في إيران ويتعامل مع تلك المنصات الإعلامية، فهو جاسوس ولا بد أن يعاقب بأقصى عقوبة.
وزارة الاستخبارات والأمن الوطني الإيرانية تساعد هيئة الإذاعة والتلفزيون في حفظ المواد الإعلامية التلفزيونية التي يتعارض محتواها مع مواقف طهران وسياساتها
واعتبر رئيس التحرير بأن إيران ما زالت في حرب “ناعمة” مع الغرب، ولا بد أن يحترس النظام والشعب الإيراني من هؤلاء المراسلين، فهم مجرد جواسيس وأداة في يد الغرب لتشويه سمعة الجمهورية الإسلامية.
وتحدث مسؤولون غربيون عن تعامل السلطات الإيرانية مع وسائل الإعلام الأجنبية وتقييد عملها داخل البلاد، في حين أنها تلجأ إلى نفس هذه المنصات التي تصفها بـ”المعادية” لإيصال رسائلها للغرب.
وأشار وزير المالية الأميركي السابق ستيفن منوشين، في إعلانه للعقوبات المفروضة على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إلى أن النظام يسمح لظريف بإجراء مقابلات في الأمم المتحدة، حيث يتمتع بحرية التواصل مع الصحافة الحرة، بينما يحدّ من حرية الصحافيين داخل إيران.
وقال منوشين “إنه في الوقت نفسه الذي يقوم النظام الإيراني بحرمان المواطنين الإيرانيين من الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ينشر وزير الخارجية جواد ظريف دعاية النظام وتضليله في جميع أنحاء العالم من خلال هذه الوسائل”.
وذكر تقرير لمنظمة مراسلون بلا حدود أن إيران تذيلت قائمة حرية الصحافة في عام 2020، وحلت بالمرتبة 173 من أصل 180 دولة.
وجاء في تقرير المنظمة أن إيران كانت واحدة من أكثر دول العالم قمعا للصحافيين على مدار أربعين عاما ماضية، مع سيطرة الدولة الصارمة على الأخبار والمعلومات وما لا يقل عن 860 صحافيا وناشطًا تم سجنهم أو إعدامهم منذ عام 1979.
وتلجأ إيران منذ زمن بعيد إلى أحكام السجن القاسية لممارسة الرقابة على الصحافة، ووفق لجنة حماية الصحافيين فإنه كان يقبع في سجونها 15 صحافيًا، عند إجراء اللجنة لإحصائها السنوي للصحافيين السجناء في 1 ديسمبر 2020.
ووثقت سجلات اللجنة مقتل أربعة صحافيين آخرين في إيران منذ عام 1992، مات ثلاثة منهم في أثناء احتجازهم لدى الحكومة أو من جراء جروح أُصيبوا بها في أثناء اعتقالهم، إضافة إلى حكم الإعدام بحق الصحافي المعارض روح الله زم الذي نفذته في ديسمبر الماضي، وأثار استنكارا واسعا من قبل المنظمات والهيئات الدولية.