إيران تراهن على حكومة السوداني لاستكمال مشاريع معلقة في العراق

أحيا وصول حكومة عراقية موالية آمال إيران في تنفيذ عدد من المشاريع التي تعثر إنجازها خلال حكومة مصطفى الكاظمي، وفي مقدمتها مشروع مد سكة حديد بين البلدين، وسط تحذيرات من سياسيين وخبراء اقتصاد بشأن خطورة هذه المشاريع على العراق.
بغداد - تراهن إيران على الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني للمضي قدما في مشاريع كان تعثر تنفيذها مع بغداد خلال فترة حكومة مصطفى الكاظمي، ويثار حولها الكثير من الجدل بسبب تداعياتها “الكارثية” على الاقتصاد العراقي.
وضمنت إيران حكومة عراقية موالية لها بالكامل، بعد أكثر من عام من الانسداد السياسي في العراق جراء خلافات بين القوى السياسية الموالية لها، والتيار الصدري الذي كان يطمح للانفراد بتشكيل الحكومة، على اعتبار فوزه في الانتخابات التشريعية الماضية.
ونجح الإطار التنسيقي، الذي يمثل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران، في الإمساك بمفاتيح الحل، وتشكيل حكومة حزبية يرأسها السوداني، القيادي السابق في حزب الدعوة.
ويثير وجود حكومة موالية لإيران مخاوف سياسيين واقتصاديين عراقيين، من أن تسعى طهران لاستغلالها في الدفع باتجاه تمرير مشاريع يصفونها بـ”الهدامة” للاقتصاد العراقي، على غرار مشروع مد خط سكك حديدية بين البلدين، الذي من شأنه أن يضرب اقتصاد محافظات جنوبية.
وحذر السياسي العراقي البارز النائب السابق مثال الآلوسي الأربعاء من خطورة مشروع الربط السككي بين بلاده وإيران، معتبرا أنه يهدف إلى “قتل” الاقتصاد في محافظة البصرة، في إشارة إلى مشروع ميناء الفاو.
وقال الآلوسي لوكالة شفق نيوز العراقية إن “هناك سعيا من قبل الحكومة الجديدة للإسراع بإنجاز مشروع الربط السككي مع إيران”، مشيرا إلى أن “هذا الأمر له أضرار كبيرة على المستوى الأمني والاقتصادي على العراق، وهو يهدف إلى قتل اقتصاد البصرة”.
وأضاف النائب العراقي السابق أن “هناك خطورة حقيقية بهذا المشروع، الذي سوف يفتح طريقا جديدا أمام إيران لتهريب الأسلحة والمخدرات وكل الأشياء الممنوعة إلى العراق، ولهذا يجب الحذر من خطورة هذا المشروع، خصوصا أن هناك دفعا للإسراع بهذا المشروع خلال حكومة السوداني”.
وكان وزير النقل الإيراني رستم قاسمي أعلن مطلع العام الجاري عن توصله إلى اتفاق مع حكومة الكاظمي على إنشاء مشروع سكك حديدية وجسر مشترك بين العراق وإيران، في المقابل رفضت الحكومة السابقة حينها تأكيد الخبر، مشيرة إلى أنها لا تزال في مرحلة مفاوضات.
وقال مساعد وزير الطرق والتنمية الحضرية الإيراني خيرالله خادمي، في وقت سابق، إن مشروع الربط السككي بين العراق وإيران سيتم باستثمارات إيرانية.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن خادمي قوله إن المشروع السككي سيتم عبر استثمارات إيرانية، والأهمية تكمن بتسليم الأراضي للمستثمر بغية انطلاق العمليات الإنشائية.
واعتبر أن خط سكك الحديد شلامجة - البصرة “مشروع دولي سيؤدي إلى تغير إستراتيجي لإيران من حيث الترانزيت والممر السككي، بحيث يربطها بالموانئ السورية والبحر المتوسط ويشكل ممر شرق - غرب للبلاد”.
وأضاف خادمي “المشروع يتيح إمكانية نقل البضائع من باكستان أو ميناء تشابهار الإيراني، والبضائع التي تصل من الصين وآسيا الوسطى عبر القطار إلى منطقة سرخس والموانئ السورية والبحر المتوسط عبر شبكة سكك الحديد العراقية”.
وجود حكومة موالية لإيران يثير مخاوف سياسيين واقتصاديين عراقيين، من أن تسعى طهران لاستغلالها في الدفع باتجاه تمرير مشاريع يصفونها بـ"الهدامة" للاقتصاد العراقي
وأشار إلى أن وزير الطرق الإيراني رستم قاسمي ناقش في اجتماع مع رئيس الوزراء العراقي (السابق) مصطفى الكاظمي قبل فترة، مذكرة تفاهم خط سكك الحديد شلامجة – البصرة، وقدم تقارير بهذا الخصوص.
وأوضح خادمي أن “إيران طالبت في الاجتماع استلام أراض لمد سكك الحديد، وأن رئيس الوزراء العراقي السابق أكد أن الموضوع يتطلب موافقة مجلس الوزراء، وتعهد بتسريع وتيرة إقراره وإبلاغ طهران”.
وظهرت فكرة مد سكة حديد بين إيران والعراق للمرة الأولى في العام 2016 على لسان مساعد المرشد الإيراني للشؤون العسكرية يحيى صفوي، مما يؤكد أن هذا المشروع يتجاوز البعد الاقتصادي إلى العسكري، حيث شدد حينها على ضرورة إنشاء سكك حديد تربط إيران بالعراق وسوريا للوصول إلى ميناء اللاذقية.
وتسعى إيران لربط بري مع العراق وسوريا ضمن مشروعها الذي قطعت فيه أشواطا كبيرة خلال السنوات الماضية، والذي يسمى بـ”الهلال الشيعي”.
ويرى مراقبون أن إيران ستحرص مع الحكومة العراقية الجديدة على تنفيذ مشروع الربط السككي، بغض النظر عن الأصوات العراقية المنتقدة لهذا المشروع.