إيران تحاول الالتفاف على فكرة "إسناد غزة": موجودة وغير موجودة

صنعاء – أكد زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي الخميس استمرار الهجمات بـ”الصواريخ والمسيّرات” ضد إسرائيل مهددا بهجمات “أقوى وأكبر”، ضمن سياق مسار “إسناد غزة”، وهو ما يظهر أن إيران تحاول الالتفاف على فكرة “إسناد غزة”؛ فهي موجودة في اليمن والعراق، وليست موجودة بلبنان بعد أن وجهت إسرائيل إلى الحليف الإيراني الأهم في المنطقة ضربات كبيرة وقاسية.
ولا يرى الإيرانيون مانعا في أن تقرر إسرائيل توجيه ضربات كبيرة وانتقامية إلى أهداف يمنية أو عراقية طالما أن طهران لا تزال قادرة على المناورة وتوجيه الرسائل إلى الأميركيين والإسرائيليين وتأمل من وراء ذلك تحصيل مكاسب في ملفها النووي وتخفيف العقوبات عن إنتاجها النفطي.
وطالما هناك ساحات قادرة على إدارة المواجهة بالوكالة ستظل طهران متمسكة بفكرة “إسناد غزة” ودفع حلفائها إلى إطلاق الصواريخ والمسيرات. في المقابل سينتقل الضغط إلى العراق واليمن وسيُدفعان إلى توسيع دائرة الرد وعدم الاكتفاء بمنسوب الاشتباك الحالي. المهم ألا تصل الحرب المباشرة إلى إيران.
لدى العراق طائرات من طراز أف – 16 يمكن أن تستخدم لتحدي الهجمات الإسرائيلية. ومن المرجح توظيفها في الضغط على السوداني
ورغم أن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دعا إلى النأي بالعراق عن الحرب، معتبرا أن أراضيه لن تُستخدم “لتنفيذ هجمات أو ردود،” فإن الميليشيات التي تحصل على الأوامر من إيران لديها رأي آخر؛ فهي لا تزال تطلق بين الحين والآخر صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل بغض النظر عما إذا كانت في وارد الوصول إلى أهدافها أم أنها لم تبلغها.
وما يثير مخاوف العراقيين أن إيران، التي تهيمن على بلادهم، قد تضغط لتوسيع دائرة الرد من العراق ليشمل السلاح العراقي الرسمي بدلا من الصواريخ والمسيرات التي تطلقها مجموعات الحشد الشعبي.
ولدى القوة الجوية العراقية طائرات من طراز أف – 16 يمكن أن تستخدم لمنع أو تحدي الهجمات الإسرائيلية. ومن الوارد أن تصبح قضية نقاش للضغط على حكومة السوداني من أجل الانخراط الفعلي في الحرب أو اتهامها بالعمالة لأميركا والتحرك لإسقاطها.
ويشار إلى أن نسبة 70 في المئة من سلاح العراق من الولايات المتحدة، وهو لا يستطيع التحرك عسكريا خارج مربعها، وأي توظيف للأسلحة الأميركية في غير ما هو مسموح به، ولو بشكل محدود، سيقود إلى نشوب أزمة كبيرة بين بغداد وواشنطن.
وسيكون هذا الوضع اختبارا لحكومة السوداني ودافعا لها إلى الخروج من الوضع المريح الذي تبدو فيه صديقة لإيران وصديقة للولايات المتحدة في آن واحد.
وعلى عكس السوداني يبدو عبدالملك الحوثي أكثر استرخاء في قضية تلقيه الضربات، وهو ما جعله يسارع إلى تقديم نفسه بديلا عن حسن نصرالله وحركته بديلا عن حزب الله.
وقال زعيم الحوثيين الخميس في كلمة بثتها قناة المسيرة إنّ “العمليات من جبهة اليمن المساندة للشعب الفلسطيني بالقصف بالصواريخ والمسيّرات على العدو الإسرائيلي مستمرة.”
ويراهن الزعيم الحوثي على أن إسرائيل، بفعل البعد الجغرافي، لن تصل إليه وإلى بقية قادة الجماعة، وأنها لا تمتلك خارطة تفصيلية لتحركاتهم وأماكن اختبائهم، كما حصل لحزب الله في لبنان ما أدى إلى مقتل نصرالله باعتباره أهم شخصية حليفة لإيران في المنطقة.
يضاف إلى ذلك أن اليمنيين متهيئون للتدمير والقصف بفضل استمرار الحرب لسنوات، وحتى لو وجهت إسرائيل ضربات قوية إلى مواقع في صنعاء أو صعدة، المدينة التاريخية للجماعة، فسيبدو ذلك أمرا طبيعيا، ويمكن قياس التعامل معه من خلال غياب الردود والاحتجاجات، من الأفراد أو العشائر، على الضربات الأميركية والبريطانية التي طالت مواقع مختلفة في اليمن.
وأطلق الحوثيون طائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل بشكل منتظم منذ بدء حرب غزة في أكتوبر 2023. واستهدفوا سفن شحن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متوجهة إليها في البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى تعطيل هذا الطريق التجاري الحيوي بشكل كبير.
وقال عبدالملك الحوثي “آمل من الجميع في الجيش وعلى المستوى الشعبي أن ندرك مسؤوليتنا لنبذل الجهد ونستعين بالله ليعيننا على فعل ما هو أقوى وأكبر ضد العدو الإسرائيلي.” وتابع “نسعى في جبهة الإسناد في اليمن بإذن الله إلى فعل أقصى ما نستطيعه لنصرة الشعب الفلسطيني.”
وستعمل إيران، بالتوازي مع الإبقاء على جبهتي اليمن والعراق مفتوحتين على مقاربة “إسناد غزة”، على ترك بوابة سوريا مفتوحة، ولو بالحد الأدنى من أجل تنفيذ هجمات وإطلاق صواريخ لتأكيد الحضور وترك هذه البوابة مهيأة لعمليات تهريب الأسلحة إلى حزب الله ولو على مراحل متباعدة.
وسيستفيد الإيرانيون في ذلك من الوضع الحالي للرئيس السوري بشار الأسد الواقع تحت ضغوط متعددة، وإن كانت مصالحه تكمن في الحياد والنأي ببلاده عن الحرب ووقف مسبباتها -بما في ذلك منع تهريب الأسلحة إلى حزب الله- وتهدئة الجبهة مع إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي الأربعاء إنه دمر أحد مواقع الصواريخ الإستراتيجية المهمة التابعة لحزب الله قرب الحدود مع سوريا.
وذكر أن طائرات مقاتلة إسرائيلية قصفت مجمعا تحت الأرض يُستخدم في إنتاج صواريخ سطح – سطح وتخزين أسلحة دقيقة بمساعدة من إيران.
وأضاف الجيش “تم رصد الموقع في مجمع تحت الأرض قرب الحدود السورية. كان الموقع بسبب قربه نقطة مركزية يتم من خلالها تهريب الآلاف من مكونات الأسلحة، بل وأفراد إرهابيين، من سوريا ولبنان.”
والثلاثاء أعلن الجيش الأميركي أنّه قصف في سوريا مستودع أسلحة تابعا لمجموعة “تدعمها إيران”. وأضاف أنّ الهدف من هذه الضربة هو الحد من قدرة هذه المجموعة “على التخطيط أو شنّ هجمات ضدّ القوات الأميركية وقوات التحالف الموجودة في المنطقة.”