إيران تتملص من دعم لبنان وغزة بمقاتلين لمواجهة إسرائيل

طهران ستحاول نقل آلاف المقاتلين إلى المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا، فيما سيتحول العراق وسوريا إلى قنوات رئيسية لنقل الأسلحة لحزب الله.
الاثنين 2024/09/30
إيران بحالة ضعف وحزب الله تحت الصدمة

طهران - أكدت وزارة الخارجية الإيرانية الإثنين أنّ طهران لن ترسل مقاتلين إلى لبنان وغزة لمواجهة إسرائيل، وذلك بينما تنفذ الدولة العبرية ضربات على الجماعات التي تدعمها إيران في المنطقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي، إنّ "حكومتي لبنان وفلسطين لديهما القدرة والقوة اللازمتين لمواجهة عدوان النظام الصهيوني، ولا داعي لنشر قوات إيرانية مساعِدة أو تطوعية".

وتشن إسرائيل في الأيام الأخيرة ضربات عنيفة ضدّ الجماعات الحليفة والمدعومة من إيران، من بينها حزب الله في لبنان والمتمرّدين الحوثيين في اليمن.

واغتيل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة في غارة اسرائيلية استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية التي تعدّ معقلا للحزب الشيعي المسلّح والمموّل من الجمهورية الإسلامية.

وأضاف كنعاني "لم نتلقَّ أيضا أي طلبات ونعلم أنّهم لا يحتاجون إلى مساعدة من قواتنا".

وأدّت الغارة ذاتها إلى مقتل نائب قائد عمليات الحرس الثوري عباس نيلفوروشان.

وتعهّد كنعاني أنّ "النظام الصهيوني الغاصب لن يبقى من دون عقاب على الجرائم التي ارتكبها ضدّ الشعب الإيراني وقوى المقاومة والمواطنين والجنود الإيرانيين".

وزار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الإثنين مكتب حزب الله في طهران لـ"التعزية" بأمينه العام، حسبما أفاد بيان نُشر على الموقع الإلكتروني للحكومة.

وأكد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي أنّ اغتيال نصرالله "لن يذهب سدى"، بينما توعد نائب الرئيس محمد رضا عارف بأنّ هذا الاغتيال سيؤدي إلى "زوال" إسرائيل.

وكان رئيس لجنة دعم الشعب الفلسطيني في الرئاسة الإيرانية، آية الله محمد حسن أختري أعلن، السبت الماضي، أن بلاده ستفتح باب التطوع لإرسال مقاتلين إلى لبنان لمساندة حزب الله في حربه ضد إسرائيل.

فيما أطلق بعض النواب في إيران دعوات للجهات العسكرية بفتح باب التطوع للإيرانيين للتوجه إلى لبنان لمساندة حزب الله الذي يتعرض لضربات موجعة.

ويأتي ذلك فيما ذكرت وسائل إعلام غربية نقلا عن مسؤولين أن حزب الله اللبناني ما زال تحت الصدمة، وأنه مع حليفته إيران في حالة ضعف ولم يعد أمامهما سوى خيارات قليلة، ومن غير المرجح أن يصعدا الصراع.

 ونقلت وكالة بلومبيرغ عن مسؤولين أميركيين وعرب أنه من غير المرجح أن يؤدي اغتيال نصرالله لإشعال حرب مباشرة مع إيران.

وأضاف المسؤولون أن طهران ستركز على إعادة بناء حزب الله والحفاظ على شبكتها من وكلائها في المنطقة.

من جهته، قال مصدر مطلع للوكالة الأميركية إن إيران ستحاول نقل آلاف المقاتلين إلى المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا، مضيفا أنه سيتحول كل من العراق وسوريا إلى قنوات رئيسية لنقل موارد إلى حزب الله.

وأشار المصدر إلى أن حزب الله بنى شبكة أنفاق على الحدود السورية اللبنانية وأن بعض قادته فروا إلى سوريا.

وقالت دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية "ستضطر إيران إلى الرد، مع مطالبة المزيد من الناس بالانتقام". لكن هذه الإدارة لا تريد التورط في صراع لا يمكنها الفوز فيه. ولذلك سيتعين عليها قياس استجابتها.

وتشير الدلائل المبكرة من المسؤولين إلى أن الجمهورية الإسلامية ستمارس نفس النوع من ضبط النفس الذي أظهرته بعد الاستفزازات الإسرائيلية الأخرى الأخيرة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى تفوق إسرائيل عسكريا وقيام الولايات المتحدة بنشر المزيد من القوات في المنطقة لردع أي هجوم كبير على حليفتها.

وقال محمد جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الإستراتيجية، في تصريحات صحفية أدلى بها، الأحد، خلال مشاركته في مراسم تأبين نصرالله، بمكتب الحزب في طهران إن رد فعل طهران على جرائم إسرائيل "سيأتي في الوقت المناسب ووفقا لاختيار إيران".

وشدد   خامنئي في بيانه الأول السبت على أن حزب الله لديه ما يكفي من الأشخاص ليحلوا محل نصرالله وأن "محور المقاومة هو الذي سيقرر مصير المنطقة".

ويعكس خطاب طهران رغبة المؤسسة الدينية والعسكرية في إبقاء الحرب بعيدة. وستكون المهمة المباشرة هي استعادة قوة الجماعات المسلحة التي تدعمها في المنطقة والتأكد من عدم جرها إلى حرب واسعة النطاق.

وفي لبنان، الأولوية هي الحفاظ على ما تبقى من حزب الله، وفقا لفالي نصر، المستشار الكبير السابق لوزارة الخارجية الأميركية وأستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة جونز هوبكنز.

وقال نصر "الأولوية بالنسبة لإيران هي الردع – فهي لا تريد حرباً أكبر في الوقت الحالي وتشتبه في أن إسرائيل تريدها". مضيفا "الأمر لا يتعلق بالانتقام لنصرالله، بل يتعلق بإعادة بناء موقفهم".

وليس هناك ما يخفي ضعف إيران في الآونة الأخيرة، وسط سلسلة من الهجمات الكبرى التي استهدفت حلفاءها وأفرادها، بعدما توفي الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، مما أدى إلى انتخابات أدت إلى وصول الزعيم الإصلاحي بيزشكيان إلى السلطة في يوليو. ومع ذلك فإن الضعف يعود إلى أبعد من ذلك.

فوفاة نصرالله تعيد أصداء قيام الولايات المتحدة بإطاحة قاسم سليماني، أبرز جنرال في إيران وبطل قومي، في أوائل عام 2020، ذلك خلال رئاسة دونالد ترامب.

وفي حين أن خسارة نصرالله واستنزاف المناصب العليا في حزب الله يمثل خسارة كبيرة لكل من المنظمة وإيران، فمن المرجح أنها لن تؤدي إلى تغيير أو إعادة تفكير في سياسة إيران الخارجية والإقليمية.

وقد حصل بيزشكيان على دعم ضمني من خامنئي لاتباع سياسة التعامل الحذر مع الغرب من أجل ضمان تخفيف العقوبات الاقتصادية.

ويتطلب ذلك ضمان عدم تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا أكثر حتى مع استمرار إسرائيل في الضغط على إيران عسكرياً.

وعلى حد تعبير ميري آيسن، العقيد المتقاعد في الاستخبارات الإسرائيلية والمتحدث الرسمي السابق لرئيس الوزراء إن "الضربة على بيروت واغتيال نصرالله ليسا بمثابة "كش ملك".

وقالت آيسن "هذا لا يقضي على حزب الله"، مضيفة أن "ترسانة حزب الله تعادل 10 أضعاف ما كانت تمتلكه حماس على الإطلاق. ولا يزال حزب الله يحظى بدعم النظام الإسلامي في إيران والطريق مفتوح له".

وكشف قصف قيادة حزب الله وأعضائه مرة أخرى عن حدود الجمهورية الإسلامية عندما يتعلق الأمر بالرد على إسرائيل.

كان الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران في أبريل، والذي أحبطته إسرائيل بمساعدة حلفائها، هو مدى رد إيران على إسرائيل حتى الآن، على الرغم من تحذير جنرالاتها في كثير من الأحيان من انتقام "ساحق" أو "شديد". وأثار ذلك تساؤلات حول ما إذا كانت إيران تمتلك بالفعل القدرة على متابعة التهديدات.

وقالت باربرا سلافين، الزميلة المتميزة في مركز ستيمسون، وهو مركز أبحاث متخصص في الشؤون الخارجية في الولايات المتحدة "من الواضح جدًا أن إيران أيضًا مندهشة إلى حد ما من كل هذا وتحتاج إلى وقت لإعادة تجميع صفوفها".

وأوضحت "نفهم أن إسرائيل لا تزال في مزاج للتصعيد والضرب. سيعودون إلى تكتيكات حرب العصابات والصبر الاستراتيجي".