إيران تتعمّد قطع المياه عن العراقيين

بغداد - ذكرت وزارة الموارد المائية العراقية الاثنين أن إيران قامت بقطع المياه بشكل كامل عن نهر ديالى مما تسبب في قرب جفاف بحيرة سد حمرين في المحافظة الواقعة على بعد 57 كيلومترا شمال شرقي بغداد، وهو ما يهدد بموجة هجرة قسرية لسكان جنوب العراق.
ويواجه العراق أزمة مياه متفاقمة بسبب موجة الجفاف غير المسبوقة الناتجة عن التغيرات المناخية والاعتداءات الإيرانية، حيث قامت طهران بتغيير مسارات عدد من الأنهار التي تنبع منها، ما تسبب في قطع المياه عن المناطق الحدودية مع العراق.
وقال مستشار وزارة الموارد المائية العراقي عون ذياب عبدالله لصحيفة “الصباح” الحكومية الصادرة الاثنين إن “إيران قطعت المياه بشكل كامل عن العراق، إذ أثر ذلك بشكل مباشر على المناطق الحيوية المهمة في محافظة ديالى وبدرك وجصان وهور الحرية إضافة إلى شط العرب”.
واعتبر عبدالله أن “تصرفات طهران مخالفة للأعراف والمواثيق الدولية وأهمها اتفاقية عام 1975، فضلا عن استغلالها للمياه في أعالي الحوض وعدم مراعاة مصلحة مناطق المصب، حيث بدأ الخزين المائي يتناقص في سد حمرين المقام على نهر ديالى، الذي شارف على الجفاف بسب قلة هطول الأمطار وقطع إيران لمجموعة من الأنهار المغذية لنهر ديالى”.
وقال المسؤول العراقي إن “استمرار انقطاع الواردات المائية عن العراق ربما يؤدي إلى هجرة قسرية من مناطق جنوبي العراق، لاسيما ضمن مناطق الأهوار المهددة بالجفاف”.
وعمدت السلطات الإيرانية إلى تغيير مسارات عدد من الأنهار في داخل حدودها وأهمها تغيير مسار نهر كارون الذي يصب في شط العرب لصالح مناطق في بهمن شهر الإيرانية.

عون ذياب عبدالله: إيران قطعت المياه بشكل كامل عن العراق
وأوضح النائب عن محافظة ديالى في البرلمان العراقي عبدالخالق مدحت في وقت سابق أن “المياه القادمة إلى أنهار ديالى التي تنبع من إيران تؤمن 80 في المئة من حاجة المياه لأهالي المحافظة، ولكن هذه المصادر المائية الآن قد جفت تقريبا وتقلص حجمها بنسب كبيرة”.
وحذر عضو البرلمان العراقي السابق مضر معن في تصريحات لموقع “إيران واير” من خطورة الوضع في محافظة ديالى في حال لم يجر التوصل إلى اتفاق مع طهران.
وتواجه الحكومة العراقية انتقادات متصاعدة لفشلها في دفع طهران إلى تغيير سياسة تعطيش العراقيين من خلال حصر محاولاتها على الدبلوماسية الثنائية التي لم تُؤت أكلها حتى الآن.
وأعلن وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني في أكتوبر الماضي عن اعتزام بغداد اللجوء إلى محكمة العدل الدولية وتقديم شكوى ضد إيران، لكن لم تقم حكومة بغداد حتى الآن بأي إجراءات عملية في هذا الصدد.
في مقابل ذلك حاولت الحكومة تطبيق بعض الخطط للتخفيف من وطأة الجفاف لاسيما على المزارعين، لكن هذه الخطط تلاقي اعتراضات واسعة.
وكانت وزارة الزراعة العراقية أعلنت تخفيض خطتها الزراعية للعام المقبل بمعدل 50 في المئة. ووضعت خطة لتوزيع المياه بين الفلاحين وهو ما قوبل باحتجاجات، حيث شهدت عدة محافظات عراقية الشهر الجاري مظاهرات للمطالبة بزيادة الحصص المائية.
ولا ينحصر التهديد المائي للعراق فقط في الجارة إيران بل أيضا تركيا التي عمدت في السنوات الأخيرة إلى تشييد مشروعات مائية كبرى ما أدى إلى تقليص حصة العراق المائية بنحو 80 في المئة.
وتراجعت كميات الماء المتدفقة من نهري دجلة والفرات والمئات من فروعهما المتدفقة من تركيا بسبب بناء أنقرة لسدود مثل سد إليسو الذي جرى ملؤه عام 2019، وقد بدأت في بناء سد جديد وهو الجزرة الأمر الذي يشكل تحديا كبيرا للعراق.
وحذر البنك الدولي قبل أيام من أن العراق قد يشهد انخفاضا بنسبة 20 في المئة في موارده المائية بحلول العام 2050، لافتا إلى الانعكاسات السلبية خاصة على النمو والتوظيف.
وأوضح البنك في تقرير أنه جراء تراجع المياه العذبة في العراق فإن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد ينخفض بنسبة 4 في المئة أي ما يعادل 6.6 مليار دولار مقارنة بعام 2016.
وأضاف أن “ندرة المياه” بدأت تتسبب في “تهجير قسري محدود النطاق” خاصة في جنوب العراق. وأشار إلى أن “الوضع الحالي للبنية التحتية أدى إلى تملّح يؤثر على 60 في المئة من الأراضي المزروعة، وانخفاض بنسبة تتراوح بين 30 و60 في المئة في مستوى المحاصيل”.
ويشترك العراق بحوالي 50 نهرا مع تركيا وإيران، وتوفر الأنهار القادمة من تركيا إمدادات مائية تتجاوز الأربعين نهرا المشتركة بين العراق وإيران.
ويحذر الخبراء من أن العراق أمام وضع مائي كارثي ومتوقع أن يتفاقم أكثر في ظل عدم امتلاك الحكومة العراقية لأوراق قوة يمكن من خلالها الضغط على الدولتين الجارتين لثنيهما عن سياسة تعطيش العراقيين، لافتين إلى أن الخيار الأمثل هو السير في تدويل القضية، ولكن إلى حد الآن تبدو بغداد مترددة في الإقدام على هذه الخطوة لاعتبارات سياسية.