إيران تتحدّى الحظر بشحن كميات نفط كبيرة إلى الصين

إيران التي تملك رابع أكبر احتياطيات النفط في العالم تعتمد بشدة على إيرادات الخام لكن العقوبات منعتها من ضخه.
السبت 2022/01/22
الالتفاف على قيود الحظر الأميركي

لندن – كشفت مصادر وبيانات تُعنى بتتبع إمدادات الخام العالمية أن إيران استطاعت الالتفاف على قيود الحظر الأميركي، حيث قامت بشحن كميات نفط قياسية إلى الصين.

وقال مصدر تجاري وشركة تتبع الشحنات فورتكسا أناليتكس لوكالة رويترز إن “الصين أفرغت ما يقرب من أربعة ملايين برميل من الخام الإيراني في صهاريج الاحتياطيات الحكومية في مدينة تشانجيانغ الساحلية بجنوب البلاد خلال الأسابيع القليلة الماضية”.

ويأتي ذلك فيما تخوض قوى عالمية مفاوضات صعبة مع طهران لإحياء اتفاق عام 2015 النووي بما يشمل رفع العقوبات الأميركية عن النفط الإيراني، بعدما انسحبت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق وأعادت فرض العقوبات.

تيلاك دوشي: الصينيون يختبرون ردّ واشنطن بتوريد 4 ملايين برميل من إيران

وتعتمد إيران، التي تملك رابع أكبر احتياطيات النفط في العالم، بشدة على إيرادات الخام، لكن العقوبات منعتها من ضخه بمستويات تقترب من طاقتها الإنتاجية منذ 2018.

وتأتي إعادة ملء الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية للصين أيضا قبيل خطة للسحب من مخزون الطوارئ لديها، في تنسيق نادر الحدوث مع الولايات المتحدة يهدف إلى المساعدة في خفض أسعار النفط العالمية التي بلغت أعلى مستوى في سبع سنوات هذا الأسبوع.

وكانت الصين تستورد النفط الإيراني في السابق سرا دون أن تشير بيانات الجمارك الرسمية إلى الشحنات مع خشية المشترين من الوقوع تحت طائلة العقوبات الأميركية.

وأعلنت الجمارك الصينية الخميس الماضي عن أول واردات صينية من الخام الإيراني منذ عام بالرغم من العقوبات المستمرة.

وأظهرت بيانات الإدارة العامة للجمارك أن الصين استوردت أكثر من 260.3 ألف طن أي ما يعادل 1.9 مليون برميل من النفط الخام الإيراني في ديسمبر الماضي.

وكان آخر ما سجلته الإدارة من تدفق للنفط الإيراني إلى البلاد في ديسمبر 2020 وبلغ مثلي الكمية الجديدة.

وأكد مصدر تجاري كبير على علم بالشحنة لم تكشف رويترز هويته، أن الصين أفرغت الشحنة في موقع للاحتياطيات الحكومية في تشانجيانغ في أواخر ديسمبر 2021.

وبحسب فورتكسا أناليتكس المتخصصة في تتبع السفن، فقدأعقب ذلك تفريغ شحنة مماثلة في الحجم في نفس الميناء من أجل المخزون الاحتياطي.

وقال تيلاك دوشي المدير في دوشي للاستشارات في سنغافورة لرويترز “وردت تقارير عن استيراد الخام الإيراني في وقت سابق، لكن بتكتم نوعا ما. الآن أعتقد أن الصينيين يختبرون علانية رد فعل الولايات المتحدة”.

ولم تعلق وزارة النفط الإيرانية رسميا على ذلك، لكن مسؤولا كبيرا بالوزارة قال لرويترز إن بلاده “قالت علانية إن صادراتها من النفط ارتفعت ارتفاعا حادا”.

وأضاف “لا نكشف إلى أي دولة بسبب عقوبات الولايات المتحدة لكن الصين من الدول التي تشتري نفط إيران. يظهر ذلك أن العقوبات أصبحت غير فعالة”.

وقال مسؤول إيراني ثان “سياستنا هي تحسين تجارتنا، بما يشمل النفط، مع دول غير غربية”.

وردت وزارة الخارجية الأميركية عندما سئلت عن تخزين الصين نفطا إيرانيا في احتياطاتها الحكومية وذكره في بياناتها الجمركية، إن “عقوبات الولايات المتحدة لا تزال سارية وستطبق”، لكن واشنطن تعتقد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لمعالجة الأمر.

وقال متحدث باسم الوزارة طالبا عدم نشر هويته “نعلم بأمر مشتريات الشركات الصينية من النفط الإيراني. استخدمنا سلطات العقوبات الخاصة بنا للرد على مراوغة العقوبات الإيرانية، بما يشمل من يمارسون أعمالا تجارية مع الصين، وسنواصل فعل ذلك إذا لزم الأمر”.

الصين كانت تستورد النفط الإيراني سرا
الصين كانت تستورد النفط الإيراني سرا 

وأضاف “لكننا نتناول الأمر دبلوماسيا مع الصينيين في إطار حوارنا عن السياسة الخاصة بإيران، ونعتقد بوجه عام أن ذلك السبيل أكثر فعالية للتعامل مع مخاوفنا”.

وبينما لم تعلق الهيئة الوطنية للأغذية والاحتياطيات الاستراتيجية بالصين على الأمر، قال متعامل كبير في النفط طلب عدم نشر هويته لأنه ليس مخولا له الحديث لوسائل الإعلام “هذه محاولة (الصين) لتهدئة أسعار النفط”.

وأضاف أن “الهدف الأساسي هو أن تظهر للعالم أن هناك المزيد من الإمدادات حتى وإن كانت متاحة لها فقط”.

واستمرت واردات الصين من نفط إيران رغم العقوبات الأميركية التي، إذا طُبقت، فستسمح لواشنطن بعزل منتهكيها عن الاقتصاد الأميركي.

وكانت رويترز قد ذكرت في نوفمبر الماضي أن حجم الشحنات تجاوز نصف مليون برميل يوميا في المتوسط بين أغسطس وأكتوبر من عام 2021، إذ اعتبر المشترون أن ميزة الحصول على الخام بأسعار زهيدة تفوق مخاطر انتهاك العقوبات الأميركية.

وقال متعاملون في وقت سابق إن الخام الإيراني يُصدر للصين على أنه نفط من عُمان والإمارات وماليزيا لتفادي العقوبات، مما يقلص الإمدادات من البرازيل وغرب أفريقيا.

وتفيد بيانات شحن وتقديرات متعاملين بأن الواردات من إيران شكلت نحو 6 في المئة من واردات الصين من النفط الخام.

ومن المتوقع أن تسحب الصين بعضا من مخزوناتها الاستراتيجية قرب بداية السنة القمرية الجديدة.

10