إيران تتبرأ من أحداث الساحل السوري في ظل محاصرتها بالاتهامات

مسؤول أمني في اللاذقية يقول إن حزب الله ودول خارجية تقدم الدعم لبعض الجهات وفلول النظام في مناطق الساحل.
الاثنين 2025/03/10
سوريا ساحة صراع نفوذ أم فوضى ممنهجة

طهران - رفضت إيران الإثنين اتهامها بالضلوع في أعمال العنف في المنطقة الساحلية في غرب سوريا، وذلك في محاولة لنأي بنفسها عن التصعيد، بعد أن ألمحت تقارير صحافية الى دور لطهران في اشتباكات هي الأعنف في البلاد منذ الإطاحة بحليفها بشار الأسد.

الى ذلك، شددت الجمهورية الإسلامية على عدم وجود "مبرر" لأعمال العنف التي شهدتها مناطق الساحل السوري في الأيام الماضية، وأسفرت بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مقتل أكثر من ألف شخص بينهم مئات من أبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية اسماعيل بقائي في مؤتمر صحافي إن "هذا الاتهام سخيف ومرفوض بالكامل، ونعتقد أن توجيه أصابع الاتهام الى إيران وأصدقاء إيران هو أمر خاطئ... ومضلل مئة بالمئة".

وكانت تقارير صحافية في وسائل إعلام في المنطقة تحدثت عن دور لإيران ومجموعات حليفة لها، في أعمال العنف التي اندلعت الخميس.

ويجد البحث عن دور إيران وراء هذه الهجمات التي شنها مقاتلون علويون في مناطق الساحل السوري، تزامنا مع بدء الوزارة المرحلة الثانية من العملية العسكرية ضد فلول النظام السابق، ما يبرره، فقد أشارت الإدارة السورية الجديدة إلى أن الاشتباكات التي استهدفت قواتها ليلة الخميس، كانت معدة مسبقا و"منسقّة".

وفي خطاب الأحد، لمّح الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع الى ضلوع "جهات خارجية" في العنف، دون تسميتها.

وقال في خطاب متلفز "نجد أنفسنا أمام خطر جديد يتمثل في محاولات فلول النظام الساقط ومن ورائهم من الجهات الخارجية خلق فتنة جديدة وجر بلادنا إلى حرب أهلية بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها.

وأكد أن "سوريا ستظل صامدة ولن نسمح لأي قوى خارجية أو أطراف محلية بأن تجرها إلى الفوضى أو الحرب الأهلية".

وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد أدلى بتصريحات قبل أيام واحتج فيها على الدور الإيراني، ما يكشف أن الاستخبارات التركية كانت على علم مسبق بوجود مثل هذا التحرك.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في حسابه على منصة إكس إن العملية كانت منظمة بشكل كبير، "ما يدل على وقوف جهة ما خلفها، قد يكون حزب الله عمل على تسهيل مرور السلاح، وربما طرف آخر، لكن هناك من يساند هذه المجموعات."

وتزامن الهجوم مع ظهور تشكيل مسلح أعلن عنه فجأة تحت مسمى "المجلس العسكري لتحرير سوريا".

 وجاء في بيان انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن تشكيل "المجلس" يهدف إلى تحقيق عدة أهداف من بينها "تحرير كامل التراب السوري من جميع القوى المحتلة والإرهابية"، و"إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس وطنية وديمقراطية"، و"إسقاط النظام القائم وتفكيك أجهزته الطائفية القمعية".

كما أشار البيان الخاص بـ"المجلس" إلى الإجراءات والقرارات التي تتخذها الإدارة السورية الجديدة، موجها لها لغة هجومية وقائمة على التهديد والوعيد.

واللافت أن البيان كان ممهورا باسم القيادي السابق في "الفرقة الرابعة"، غياث دلا، وهو الذي اختفى بعد سقوط نظام الأسد إلى جانب العشرات من القادة الكبار (أمنيين وعسكريين).

ويرى متابعون للشأن السوري أن الهجمات تأتي ضمن مناخ من التحريض السياسي والإعلامي في إيران ضد التغيير الذي حدث في سوريا، وفي ظل تصريحات رسمية تتحدث عن ردّ فعل من "شرفاء سوريا"، كما جاء في كلمة للمرشد الأعلى علي خامنئي في ديسمبر الماضي حين قال "أتوقع أن يشهد المستقبل ظهور مجموعة شريفة وقوية في سوريا أيضًا."

ووصفت أغلب وسائل الإعلام الإيرانية، خاصة المرتبطة بالحرس الثوري، القوات الحكومية السورية بـ"عناصر الجولاني"، وفلول الأسد بـ"قوات المقاومة"، ضمن تغطية تبشر بتغيير الوضع لصالح حلفاء إيران.

وكشف مسؤولون أمنيون سوريون في اللاذقية سابقا تورط حزب الله وجهات خارجية في الأحداث التي اندلعت منذ الخميس الماضي. وقال المسؤول الأمني في اللاذقية، ساجد الديك، "حزب الله ودول خارجية تقدم الدعم لبعض الجهات وفلول النظام في مناطق الساحل".

ويرتبط خطاب الانتقام المتبادل بين أنصار الإدارة الجديدة وفلول الأسد، بالصراع التركي – الإيراني غير المعلن على سوريا، وهو ما نجحت أنقرة وطهران في إخفائه منذ تدخل إيران في صف الأسد ودعم تركيا المباشر للمعارضين وتدريبهم وتسليحهم، وأن ما يجري فيه مسعى من طهران للرد على أنقرة التي كانت وراء سقوط الأسد وخسارة الإيرانيين لنفوذهم.

ووفرت طهران دعما سياسيا وماليا وعسكريا لبشار الأسد منذ اندلاع النزاع في بلاده عام 2011، في مواجهة الفصائل المعارضة التي تمكنت من الإطاحة به في الثامن من ديسمبر الماضي.

كما ارتبطت الجمهورية الإسلامية تاريخيا بعلاقات وثيقة مع سوريا منذ الثمانينات من القرن الماضي، في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد والد بشار.

وبدأ التوتر الخميس في قرية ذات غالبية علويّة في ريف محافظة اللاذقية الساحلية بغرب سوريا على خلفية توقيف قوات الأمن شخصا مطلوبا، وما لبث أن تطوّر الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلّحين علويين النار، وفق المرصد السوري الذي تحدث منذ ذلك الحين عن حصول عمليات "إعدام" طالت المدنيين.

وأورد المرصد السوري الأحد أن 973 مدنيا قُتلوا منذ السادس من مارس على يد قوات الأمن السورية ومجموعات رديفة لها في منطقة الساحل، متحدثا عن "عمليات قتل وإعدامات ميدانية وعمليات تطهير عرقي".

كما قتل في الاشتباكات مئات من عناصر قوات الأمن السورية والمسلحين الموالين للأسد، بحسب المرصد.

وأثارت التقارير عن مقتل مئات المدنيين العلويين تنديدا دوليا ودعوات الى وقف فوري لأعمال العنف.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الإثنين "لا يوجد أي مبرر للهجمات على بعض العلويين والمسيحيين والدروز والأقليات الأخرى".

واعتبر أن ذلك "أحزن المشاعر وضمير الدول في المنطقة والعالم".

وتعهدت السلطات الجديدة في سوريا بضمان حقوق كل مكونات المجتمع ذي التركيبة العرقية والدينية المتنوعة.

وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع الماضي إن بلاده ليست على عجلة من أمرها لإقامة علاقات مع السلطات الجديدة.

وقال عراقجي لوكالة الصحافة الفرنسية الجمعة إن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست حاليا سوى مراقب للقضايا السورية، وليس لدينا أي علاقة مع الحكومة السورية الحالية، ولسنا في عجلة من أمرنا في هذا الصدد".