إيران تبرر عدم ردها على اغتيال هنية بتعرضها لخداع غربي

واشنطن - اتهم الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان الغرب وخصوصا الولايات المتحدة بتقديم وعود زائفة بوقف إطلاق النار، مقابل عدم رد طهران على مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، وذلك في محاولة لتبرير تأخر وعد بلاده الانتقامي.
وتزامنت هذه الاتهامات مع تحذير وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إيران والجماعات المسلحة التي تدعمها من مهاجمة أميركيين في الشرق الأوسط بعد مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
وقال بزشكيان خلال اجتماع مجلس الوزراء عقد الأحد بحسب التلفزيون الرسمي الإيراني إن "ادعاءات قادة الولايات المتحدة والدول الأوروبية الذين وعدوا بوقف إطلاق النار مقابل عدم الرد الإيراني على اغتيال الشهيد هنية، محض أكاذيب".
وتابع "إعطاء الفرصة لهؤلاء المجرمين لن يفعل شيئا سوى تشجيعهم على ارتكاب المزيد من الجرائم".
وأثارت تصريحات الرئيس الإيراني جدلا في البلاد، ما أدى إلى احتشاد مجموعة من المتظاهرين أمام مبنى المجلس الأعلى للأمن القومي ليلا وطالبت السلطات بالرد على هذه التصريحات.
وكانت إيران قررت الرد على إسرائيل بعد اغتيال هنية في العاصمة طهران في 31 يوليو، وأثناء ذلك ترددت ادعاءات بأن طهران ستتخلى عن نيتها الهجوم مقابل وقف دائم للهجمات الإسرائيلية على غزة.
ومقابل هذه المزاعم ذكرت الحكومة الإيرانية أن "القرار المتخذ بمعاقبة إسرائيل التي هددت سيادتها الوطنية بالهجوم، وجهود وقف إطلاق النار في غزة قضيتان منفصلتان، لكنها تأمل بعدم إضرارها بعملية وقف إطلاق النار".
وتأتي الأحداث بعد فترة من التصعيد بين إسرائيل وحركة حماس، حيث شهدت المنطقة سلسلة من المواجهات العسكرية والضربات الجوية المتبادلة، ما أدى إلى زيادة الضغط الدولي من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، لا سيما في اتساع رقعة الحرب التي طالت لبنان.
وكانت عدة دول غربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، قد دعت في الأسابيع الأخيرة إلى التهدئة وإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.
ويبدو أن خروج الرئيس الإيراني في هذا التوقيت لكيل الاتهامات للغرب يندرج في سياق تبرير عدم ردها على اغتيال هنية، رغم توعد أغلب المسؤولين الإيرانيين بالرد الانتقامي، وهو ما يفتح باب التساؤل ما إذا كانت جادة في الثأر لاغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله وعباس نيلفوروشان نائب قائد الحرس الثوري الإيراني في ضربة إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في مؤتمر صحافي أسبوعي اليوم الاثنين إن إيران لن تترك أيا من "الأعمال الإجرامية" لإسرائيل تمضي بدون رد، في إشارة إلى مقتل أمين عام حزب الله ونائب قائد الحرس الثوري الإيراني في لبنان.
وندد المسؤولون الإيرانيون بشدة باغتيال نصر الله، حيث قال الرئيس مسعود بزشكيان لشبكة "سي إن إن" الأميركية، إنه "إذا لم يوقف المجتمع الدولي إسرائيل، وواصل السماح لها بفعل ما تريد، فإن إيران سترد الرد المناسب".
كما أكد نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف، الأحد، أن الرد الإيراني "سيأتي في الوقت المناسب الذي تختاره إيران، وإن القرارات ستُتخذ بالتأكيد على المستوى القيادي، على أعلى مستوى من الدولة".
ويقلل مراقبون من لهجة الوعيد الإيرانية لا سيما وأن طهران تدرك جيدا أن مشاركتها في الحرب بشكل مباشر يعني تصعيد الصراع إلى مستوى إقليمي وهو ما تخشاه إيران التي رغم امتلاكها لترسانة ضخمة ومتنوعة من الأسلحة إلا أنها لن تستطيع مواجهة الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل.
ويرى محللون أن إيران تتحرك بحذر منذ اندلاع الحرب في غزة، وتحاول إظهار قوتها من دون إثارة رد فعل من الولايات المتحدة.
حتى خلال أول هجوم مباشر لها على الإطلاق على إسرائيل في أبريل، ردا على غارة جوية نسبت إلى إسرائيل على مبنى ملحق بالسفارة الإيرانية في دمشق، اعترضت دفاعات الدولة العبرية والقوات المتحالفة معها معظم الصواريخ والمسيّرات.
وقالت إيران حينها إنها أبلغت الولايات المتحدة وأعطت الدول المجاورة تحذيرا قبل 72 ساعة مما وصفته بهجومها "المحدود" على إسرائيل.
ومع ذلك، فإن إدارة الرئيس جو بايدن تشعر بالقلق من تخطيط إيران لشن هجوم، في أعقاب مقتل نصرالله، على أيدي إسرائيل، وفق ما أكد مسؤول أميركي مساء الأحد الذي قال إن واشنطن تعمل مع إسرائيل في شؤون الدفاع.
ونقلت شبكة "سي إن إن" الاخبارية الأميركية اليوم الاثنين عن المسؤول قوله، إنه يجرى حاليا إعداد الدفاعات المشتركة للتصدي لهجوم، مع وجود تغييرات في الموقف العسكري الأميركي.
وكانت إدارة بايدن قد قادت قوات دفاع عن إسرائيل متعددة الجنسيات في منتصف أبريل الماضي، عندما أطلقت إيران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصواريخ على إسرائيل ردا على القصف الإسرائيلي لكبار ضباط الحرس الثوري الإيراني في سوريا.
ورفض المسؤول الأميركي تحديد نوع الهجوم المتوقع من جانب إيران، أو تحديد التحركات التي يقوم بها الجيش الأميركي.
وتصاعدت المخاوف بشأن حرب إقليمية أوسع نطاقا في الشرق الأوسط، خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل تكثيف إسرائيل لهجماتها على حزب الله في لبنان، وتعهد الجماعة المدعومة من إيران بمواصلة قتالها، حتى بعد مقتل عدد متزايد من كبار قادتها.
وحذر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إيران والجماعات المسلحة التي تدعمها من مهاجمة أميركيين في الشرق الأوسط بعد مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله.
وقال الميجور جنرال بات رايدر، المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في بيان الأحد إن "الوزير أوستن أوضح أنه إذا استخدمت إيران أو شركاؤها أو وكلاؤها هذه اللحظة لاستهداف أشخاص أميركيين أو مصالح أميركية في المنطقة، فإن الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن مواطنيها".
وأشار رايدر إلى أن الولايات المتحدة "تحتفظ بقدرتها على نشر قوات في وقت قصير"، قائلا إن مجموعة حاملة الطائرات ابراهام لينكولن ستظل في مسرح القيادة المركزية الأميركية، والذي يغطي منطقة الشرق الأوسطـ، ومجموعة "يو اس اس واساب البرمائية الجاهزة" "سوف تواصل العمل في شرق البحر المتوسط".
وأضاف رايدر أن الوجود البحري الأميركي مدعوم بطائرات مقاتلة وهجومية و"سوف نعزز قدراتنا في الدعم الجوي الدفاعي في الأيام المقبلة".
ولم تطالب وزارة الخارجية الأميركية حتى الآن الأميركيين بمغادرة لبنان لكن مسؤولين أميركيين قالوا لرويترز الأسبوع الماضي إن البنتاغون سيرسل بضع عشرات من القوات الإضافية إلى قبرص لمساعدة الجيش على الاستعداد لاحتمالات منها إجلاء الأميركيين من لبنان.
وقال البنتاغون إنه يجري تجهيز القوات الأميركية للانتشار إذا لزم الأمر.
وقال رايدر في بيان "رفع (وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن) استعداد المزيد من القوات الأميركية للانتشار مما يعزز استعدادنا للاستجابة لمختلف حالات الطوارئ".