إيرانيو المهجر بين مرحب ومندد بالهجوم الإسرائيلي على إيران

شق من الإيرانيين المقيمين في الخارج يرون في الهجوم الإسرائيل على إيران عدوان وانتهاك صارخ للمواثيق الدولية وآخرون يعتبرونه خيارا للخلاص من النظام وهيمنة رجال الدين على السلطة.
الثلاثاء 2025/06/17
الحرب الاسرائيلية على ايران تثير مشاعر متناقضة لدى ايرانيي المهجر

فرانكفورت (ألمانيا) – يشكل الإيرانيون في المهجر شريحة واسعة ومتنوعة تتراوح آراؤهم ومواقفهم بشكل كبير حيال الهجوم الإسرائيلي على إيران. وهذه التناقضات نابعة من خلفياتهم المختلفة وتجاربهم الشخصية ومواقفهم السياسية تجاه النظام الحاكم في طهران.

ومع تصاعد الهجمات غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران، تتنازع الإيرانيين في المهجر مشاعر متناقضة ما بين الأمل في تغيير النظام في طهران والتنديد بعنف الحرب التي تحاصر أقرباءهم المقيمين في الجمهورية الإسلامية، وفق شهادات جمعتها وكالة فرانس برس.

وسواء في فرانكفورت أو برلين أو لندن أو ستوكهولم أو المنطقة الباريسية، يتساءل الإيرانيون بقلق حول مستقبل بلادهم والشرق الأوسط عموما، على وقع التصعيد الذي بدأ بهجوم إسرائيلي واسع الجمعة، ورد طهران بإطلاق صواريخ ومسيرّات. وأوقع التصعيد العديد من الضحايا وألحق أضرارا فادحة حتى الآن.

وقال حميد ناصري الموظف في شركة أدوية ويقيم في فرانكفورت، العاصمة المالية لألمانيا، "أشعر بنزاع داخلي"، مضيفا "أبكي بالطبع الضحايا في إيران"، لكن رؤية إسرائيل تهاجم "الحكومة الإسلامية المعروفة هي نفسها بأساليبها الوحشية، يبعث فيّ قدرا من التفاؤل".

ولخص هذه المشاعر المتضاربة مشبها الوضع الحالي بوضع ألمانيا النازية المهزومة أمام الحلفاء في 1945، وقال "كان السؤال المطروح في ذلك الحين: هل هي هزيمة أم تحرير؟ اليوم إسرائيل تهاجم إيران: هل هو عدوان أم خلاص من النظام؟"، لكنه يبقى "مقتنعا بأن الديمقراطية الحقيقية تأتي من الداخل" ولا تفرض من الخارج.

وهو تحفظ يعبر عنه العديد من الإيرانيين. وقال أحدهم وهو يدير مطعما في فرانكفورت "ينبغي أن يقرر الإيرانيون بأنفسهم كيف يتخلصون من رجال الدين، بدون تدخل أجنبي"، مبديا "غضبه" حيال الضربات الإسرائيلية.

وقال حميد رضا جاودان الممثل والمخرج المتحدر من طهران والمقيم في منطقة باريس، "إنها مسيرة التاريخ" معربا عن "أمله" في انتقال سياسي.

وتشن إسرائيل منذ 13 يونيو هجوما على إيران غير مسبوق من حيث حجمه، مستهدفة على وجه الخصوص مواقع عسكرية ونووية، بهدف معلن هو منع طهران من امتلاك القنبلة الذرية. وترد الجمهورية الإسلامية التي تنفي سعيها لتطوير أسلحة ذرية، بإطلاق دفعات من الصواريخ على إسرائيل.

وقالت بهران كاظمي (42 عاما) وهي مؤلفة كتب للأطفال سويدية إيرانية تقيم في ستوكهولم، "كنت أخشى هذه للحظة منذ وقت طويل جدا، لكن مشاهد مدينتي تحترق تبدو لي خيالية".

وقالت باريا (32 عاما) مديرة مطعم إيراني في لندن "ثمة أبرياء يموتون، لكن الحرب تبدو الحل الوحيد حتى يحصل تغيير حقيقي. كم من التظاهرات جرت؟ ولم يحصل شيء"، في إشارة خصوصا إلى التظاهرات التي أعقبت وفاة مهسا أميني أواخر العام 2022 وقابلتها السلطات الإيرانية بقمع شديد.

وإن كانت والدتها منى (65 عاما) المقيمة في لندن منذ ثلاثين عاما تتمنى تغيير النظام، إلا انها تبدي "قلقا حيال ما سيلي ذلك".

ويقترن هذا الخوف من المجهول بالخشية على الأقرباء المقيمين في إيران. وقالت باريا "بعض افراد عائلتي لم يردوا على رسائلنا، وآخرون غادروا طهران".

وروى جاودان أن شقيقه اتصل به الإثنين ليبلغه بأن الوضع يحتم إخلاء العاصمة، بعد إصدار الجيش الاسرائيلي إنذارا. وقال "شقيقي من ذوي الاحتياجات الخاصة ولا يمكنه مغادرة طهران بسهولة. ثم هناك عشرة ملايين نسمة في طهران، إلى أين سيذهبون؟".

كما أبدى علي المقيم في لندن قلقه على عائلته وقال "إنني مضطرب حقا ... لدي أقرباء في إيران، في كرمنشاه (غرب) التي تتعرض للقصف".

وأضاف الرجل البالغ 49 عاما "لم أدعم يوما النظام الإيراني، لا أحب هذا النظام" لكن "من الذي سيعاني؟ الشعب".

وقالت محامية سويدية إيرانية عمرها 34 عاما إن "إسرائيل لا تحترم القانون الدولي وارتكبت مذبحة بحق سكان غزة"، مضيفة "هذا يبعث قلقا كبيرا من احتمال أن تخوض إسرائيل حربا من النوع ذاته في بلدي الثاني إيران".

وأكد مترجم إيراني في برلين طلب عدم ذكر اسمه، أن لا أمل لديه وقال "فلتسقط هذه الحرب نظام رجال الدين، هذا ما أتمناه من كل قلبي. عندها لن يكون كل هؤلاء القتلى سقطوا سدى".