إيرادات تجارة الذهب في السودان تسير عكس منغصات الحرب

الخرطوم- أظهرت إحصائيات حديثة أن تجارة الذهب في السودان تسير عكس منغصات المستمرة منذ شهر أبريل 2023، حيث نمت المبيعات الخارجية خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي بشكل قياسي.
وأكد مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة المملوكة للدولة محمد طاهر عمر خلال منتدى اقتصادي احتضنته العاصمة الخرطوم هذا الأسبوع أن صادرات البلاد من الذهب عبر القنوات الرسمية استمرت في الارتفاع.
والشركة هي الآلية الإشرافية الحكومية على موارد التعدين في البلاد، كما أنها الجهة المعنية بالرقابة على قطاع التعدين، وبمثابة ذراع فنية للحكومة لمراقبة إنتاج الذهب.
وقال عمر إن “كميات الذهب المصدرة من خلال القنوات الرسمية بلغت 26 طنا، محققة إيرادات بلغت 1.5 مليار دولار للفترة بين يناير وأكتوبر،” منوها بأن الإنتاج الفعلي يتجاوز 50 طنا.
وأشار إلى أن السلطات اتخذت إجراءات لتشجيع المعدنيين على تصدير إنتاجهم عبر القنوات الرسمية، مؤكدا أن هذه الإجراءات ساهمت في زيادة العائدات بشكل واضح، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء السودانية الرسمية.
ورغم ارتفاع الصادرات، لكن المسؤولين لا يخفون مسألة تراجع الإنتاج من المعدن الأصفر بسبب توقف الأعمال في عدد من المناجم أو خروجها عن الخدمة بشكل كلي، وخاصة في إقليم دارفور غرب البلاد بسبب الصراع المسلح.
وقال عمر “لقد خرجت مناجم في مناطق الصراع مثل دارفور عن سيطرة الحكومة بعد أن سيطرت قوات الدعم السريع على معظم مناطق الإقليم، مما جعل هذه الموارد بعيدة عن متناول الدولة.”
وكان إنتاج البلد من الذهب قد وصل إلى ذروته في الفترة الفاصلة بين عامي 2017 إلى 2022 بمتوسط يبلغ سنويا 107 أطنان، وفق بيانات سابقة للشركة السودانية للموارد المعدنية.
ويعتمد السودان على صادرات الذهب بصورة رئيسية للحصول على النقد الأجنبي. وبحسب مجلس الذهب العالمي، احتل البلد في 2022 المركز السادس عشر عالميا في الإنتاج والمركز الرابع بين أكبر الدول المنتجة في أفريقيا بعد غانا ومالي وجنوب أفريقيا.
وفي العام 2022 تصدر الذهب أعلى صادرات البلاد غير النفطية بنسبة 46.3 في المئة من إجمالي الصادرات بقيمة تخطت الملياري دولار، وفق احصائية سابقة لبنك السودان المركزي.
وتشير أرقام وزارة المعادن إلى أن إنتاج الذهب بالبلاد خلال ذلك العام بلغ حوالي 41.8 طنا بعوائد بلغت 44 في المئة من إجمالي الإيرادات الكلية التي بلغت 3.6 مليار دولار.
وفي شهر سبتمبر العام الماضي، أعلنت السلطات السودانية أن إنتاج البلاد من معدن الذهب تراجع إلى طنين فقط، بعد خمسة أشهر من اندلاع الحرب.
وتسعى شركة الموارد المعدنية إلى مواصلة اهتمامها بقطاع التعدين التقليدي، الذي يسهم بدوره بنسبة 60 إلى 80 في المئة من إنتاج السودان من الذهب.
وتشكو الحكومة من عدم قدرتها على تحديد إنتاج الذهب بدقة، نتيجة تهريبه إلى الخارج من قبل الأفراد، والذي يتم عبر 800 موقع تنتشر في جميع أنحاء البلاد.
ويُضيّع هذا الوضع على الدولة إيرادات سنوية تقدر بحوالي خمسة مليارات دولار. وترى الأوساط الاقتصادية المحلية أن هذا المبلغ كفيل بتغطية العجز التجاري أو جزء كبير منه.
ويستحوذ القطاع غير المنظم للتنقيب عن الذهب على أغلبية الإنتاج، الذي يصعب إحصاؤه بسبب عمليات بيعه وتهريبه بعيدا عن القنوات الرسمية، رغم أن السودان يعتبر من كبار المنتجين على مستوى العالم.
وفي العام 2017، أشارت هيئة الأبحاث الجيولوجية، التابعة لوزارة المعادن أن احتياطات الذهب المؤكدة في البلاد تبلغ 533 طنا، فيما تبلغ الاحتياطيات تحت التقييم أكثر من 1.1 ألف طن.
ووفقا لتقارير صادرة في وقت سابق عن الأمم المتحدة، فإن الاقتصاد السوداني تراجع بنسبة تصل إلى 42 في المئة جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.