إيجارات باهظة للباحثين عن ملاذ خارج ضاحية بيروت خوفا من الحرب

الضاحية الجنوبية لبيروت المكتظّة بالسكان تعدّ معقلا لحزب الله المدعوم من إيران، وتضمّ أبرز مؤسساته.
الخميس 2024/08/08
اللبنانيون استنزفوا من المواجهات

بيروت - تجهد بتول بصعوبة لإيجاد شقّة تأوي عائلتها خارج الضاحية الجنوبية لبيروت مع ارتفاع أسعار الإيجارات، فيما يخيم الخوف من اندلاع حرب مع إسرائيل.

وتقول الشابة البالغة من العمر 29 عاما “نحن مع المقاومة، لكن الخوف أمر طبيعي، ولا بدّ للناس أن تحاول البحث عن مأمن”.

وتعدّ الضاحية الجنوبية لبيروت المكتظّة بالسكان، معقلا لحزب الله المدعوم من إيران، وتضمّ أبرز مؤسساته.

وتسبّبت غارة إسرائيلية في الثلاثين من يوليو في الضاحية الجنوبية، قتل فيها القيادي في حزب الله فؤاد شكر، أيضا في مقتل خمسة مدنيين بينهم طفلان. ومذّاك، تعيش البلاد في حالة من الترقب بانتظار الرد الذي توعّد به حزب الله إسرائيل.

وتعززت المخاوف من تصعيد إقليمي خصوصا بعدما توعّدت إيران أيضا بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية إسماعيل هنية في طهران في عملية نسبت إلى إسرائيل.

وترى بتول أن “الحرب إذا اندلعت بلحظة… وعندما نُقصف عشوائيا… سنكون مرغمين على الإخلاء”، معتبرة أن “من يقول إنه يريد البقاء في الضاحية وهي تقصف، إنما يكذب على نفسه”.

ومنذ الأسبوع الماضي، تبحث بتول عن شقة أو منزل في “منطقة آمنة” في مناطق بقيت بمنأى عن الغارات الإسرائيلية، لاسيما ذات الغالبية المسيحية أو الدرزية الواقعة في مناطق جبلية، ولا تبعد كثيرا عن بيروت.

سكان الضاحية الجنوبية الباحثين عن مكان آمن خارج الضاحية يشتكون ارتفاع أسعار الإيجارات الطلب ارتفع السماسرة يطلبون “أسعارا هائلة”

لكن السماسرة يطلبون “أسعارا هائلة”، وفق بتول التي لم تجد حتى الآن مكانا تستأجره.

وتراجع مالك أحد البيوت التي أرادوا استئجارها، في اللحظة الأخيرة، عن تأجيرهم بيتا في بلدة صوفر الجبلية، التي تبعد نحو 20 كيلومترا عن بيروت، بعدما كانوا اتفقوا معه على الدفع مسبقا لمدة ستة أشهر.

ومن جهتها، تعتبر مهى (اسم مستعار) التي تقطن في الضاحية الجنوبية لبيروت، نفسها محظوظة لأنها عثرت على منزل في قرية تبعد نحو 15 كيلومترا عن بيروت مقابل 1500 دولار في الشهر.

وتروي المدرّسة أنها كانت عثرت على منزل آخر على أحد مواقع الإنترنت مقابل 1500 دولار أيضا “لكن حين وصلنا” لمقابلة صاحب المنزل “طلب منا ألفي دولار” في الشهر، وهو مبلغ كبير في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات.

وتقول المرأة البالغة من العمر 55 عاما “يدركون أننا مضطرون، عندما تكون هناك حرب يكون المرء مستعدا للدفع مهما كان الثمن، المهم أن يخرج إلى مكان آمن”.

وتشرح في المقابل أن كثرا “لم يخرجوا” من ضاحية بيروت الجنوبية، “لأنهم لا يريدون المغادرة أو لأنهم غير قادرين” ماديا.

ويشير رياض بو فخرالدين الذي يؤجر شققا وبيوتا لمالكين عبر مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة جبل لبنان، إلى أن الطلب ارتفع كثيرا مؤخرا إلى درجة أن “البيوت تحجز بظرف ساعة أو نصف ساعة”.

التصعيد بين حزب الله وإسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 558 شخصا على الأقلّ في لبنان، بينهم 362 مقاتلا من الحزب و116 مدنيا على الأقل

بعض زبائنه من أصحاب المنازل، طلبوا منه رفع الإيجارات إلى ألفي دولار، فيما قيمتها الحقيقية لا تتجاوز 500 دولار في الشهر، لكنه يرفض.

ويوضح “أقول لهم أنا لا أستغل الأزمة، أنا لا أستغل خوف الناس”.

ويبحث بعض سكان الضاحية الجنوبية عن شقق في العاصمة بيروت أيضا، الأكثر قربا من حيث المسافة.

ويروي علي الذي يؤجر شققا صغيرة مؤثثة في وسط بيروت، أن هاتفه “لم يهدأ” قبيل الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله الثلاثاء.

ويضيف الرجل “لقد أجرت عشر شقق في يومين تقريبا”، موضحا أن “منهم من يحجز في اللحظة الأخيرة، يأتون بدون حجز مسبق… ومنهم من يكلمونني على الهاتف ويأتون بعد ساعة” للحجز.

وخاض حزب الله، القوة السياسية الأبرز التي تحتفظ بترسانة سلاح ضخمة، في العام 2006 حربا مدمرة مع إسرائيل التي قصفت طائراتها الحربية الضاحية الجنوبية لبيروت يوميا على مدى شهر وأدّت إلى تدمير المئات من الأبنية.

حينها، أظهر اللبنانيون تضامنا أوسع مع النازحين من المناطق التي كانت تتعرض للقصف في جنوب لبنان وفي ضاحية بيروت الجنوبية.

لكن في الوقت الحالي، يثير فتح حزب الله جبهة من جنوب لبنان ضد إسرائيل “إسنادا” لغزة، والخشية من تحوّل التصعيد عبر الحدود إلى حرب، انتقادات من معارضيه الذين يؤاخذون على الحزب تفرّده بقرار السلم والحرب.

وأسفر التصعيد بين حزب الله وإسرائيل عن مقتل أكثر من 558 شخصا على الأقلّ في لبنان، بينهم 362 مقاتلا من الحزب و116 مدنيا على الأقل، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس، استنادا إلى السلطات اللبنانية وبيانات حزب الله.

وعلى عكس ما تشعر به اليوم من لامبالاة تجاه الباحثين عن ملاذ خارج مناطق الخطر، تعتبر بتول أن في العام 2006 “لم يكن هناك اصطفاف سياسي في لبنان مثل الآن”.

2