إياد علاوي يعود إلى الساحة السياسية العراقية قائدا لتجمع سياسي جديد

المدنيون في محاولة يائسة لإيجاد موطئ قدم في ساحة تهيمن عليها الأحزاب الدينية.
الاثنين 2025/02/17
محاولة قد تكون الأخيرة

تأسيس تجمع سياسي مدني في العراق بقيادة السياسي المخضرم إياد علاوي يأتي كمحاولة جديدة من أصحاب التوجه المدني لتجاوز الخيبات الانتخابية الأخيرة واستئناف البحث عن موطئ قدم لهم على الساحة العراقية، بعـــــد مرور أكثر مـــــن عقدين على هيمنـــــة الأحزاب الدينية الشيعية على السلطة واستخدام مواقعها فيها لحفظ مكانتها وفرض رؤاها على الدولة.

بغداد – قطع السياسي المخضرم إياد علاوي غيابه عن المشهد السياسي في العراق وعاد قبل أشهر على الانتخابات البرلمانية ليجعل من شخصه نواة لجمع القوى المدنية الساعية لتدارك خيباتها الانتخابية الأخيرة واستئناف البحث عن موطئ قدم في ساحة احتكرتها إلى حدّ كبير الأحزاب الدينية الشيعية.

وأُعلن في العاصمة العراقية بغداد عن تشكيل التجمع المدني الوطني العراقي لـ”يكون إطارا جامعا لكل من يؤمن بضرورة بناء دولة القانون والمؤسسات التي تقوم على العدل والمساواة وتحترم حقوق الإنسان وتضمن تكافؤ الفرص للجميع”، بحسب إياد علاوي رئيس التجمع الجديد.

ولم يتمكّن علاوي الشيعي انتماءً طائفيا، والعلماني فكرًا سياسيا منذ خسارته سنة 2010 لامتياز تشكيل الحكومة رغم حصوله على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، من القيام بأي دور مؤثر على الساحة العراقية. وحتى حصوله سنة 2014 على منصب نائب رئيس الدولة لم يكن له أي أثر فعلي نظرا لكون ذلك المنصب بحد ذاته شرفيا إلى حدّ بعيد.

صالح المطلك: ضرورة إصلاح النظام ونبذ الحقد والطائفية في بناء الدولة
صالح المطلك: ضرورة إصلاح النظام ونبذ الحقد والطائفية في بناء الدولة

وخسر علاوي ذلك الامتياز بفعل إصدار المحكمة الاتحادية تفسيرا لمعنى الكتلة البرلمانية الأكبر صبّ في مصلحة منافسه نوري المالكي أحد رموز التشيع السياسي في العراق، وكان ذلك مظهرا على هيمنة الأحزاب الدينية وتراجع القوى المدنية.

ومثّلت انتفاضة سنة 2019 أكبر هزّة لحكم القوى الشيعية في العراق بأن أظهرت وجود رأي عام مضاد لها ما منح المدنيين الأمل في التقدّم إلى واجهة المشهد السياسي، لكن تشتتهم وضعف تنظيمهم في مقابل تشبّث القوى الدينية الشيعية بالسلطة واستخدامها لمقدّرات الدولة في الحفاظ على مكانتها أحبط مساعي القوى المدنية للمشاركة في قيادة الدولة والمساهمة في صناعة قرارها والتأثير في سياساتها.

واستكملت القوى المدنية العراقية تراجعها في الانتخابات المحلية التي أجريت في شهر ديسمبر 2023 وتمكنت الأحزاب الشيعية من خلالها من إعادة بسط هيمنتها مجدّدا على غالبية الحكومات المحلية لاسيما في محافظات الوسط والجنوب.

وقد مثّل المدنيين في تلك الانتخابات كل من تحالف الأساس وتحالف قيم الذي لم يحصد سوى عدد محدود من مقاعد مجالس المحافظات لم يؤهله للمشاركة في تشكيل الحكومات المحلية، وذلك على الرغم من أن التحالف الأخير ضمّ عددا كبيرا من الأحزاب والحركات المدنية من بينها الحركة المدنية العراقية والحزب الشيوعي العراقي وحركة المثقف العراقي والريادة العراقي والتجمع الجمهوري والتيار الديمقراطي والحزب الشيوعي الكردستاني وحركة تنوير والبيت الوطني والتيار الاجتماعي الديمقراطي وحركة نازل آخذ حقي، ما جعل ذلك الفشل الانتخابي فشلا عاما لأصحاب التوجه السياسي المدني في البلاد.

وجاء الإعلان عن تشكيل التجمع المدني الوطني العراقي قبل بضعة أشهر على الانتخابات البرلمانية المقررة في العراق أواخر شهر أكتوبر القادم ليؤكّد وجود أهداف انتخابية وطموحات سياسية للمشاركين فيه والذين يأملون في الاستفادة من خبرة علاوي وأيضا من سمعته كسياسي معتدل ومعارض لتوجهات الأحزاب الدينية وسياساتها في البلاد.

وقال إياد علاوي في بيان أوضح فيه دوافع وحيثيات تأسيس التجمّع الجديد إنّ الأخير “هو تعبير عن إرادة وطنية خالصة تسعى إلى الإصلاح والتغيير ضمن إطار القانون والدستور والعمل على بناء المؤسسات الناجزة وترسيخ مبادئ الديمقراطية الحقيقية.”

علاوي يمتلك خبرة محدودة زمنيا في قيادة السلطة التنفيذية تعود إلى توليه منصب رئيس الحكومة العراقية المؤقتة تحت حكم بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق آنذاك

ويمتلك علاوي خبرة محدودة زمنيا في قيادة السلطة التنفيذية تعود إلى توليه منصب رئيس الحكومة العراقية المؤقتة من يونيو 2004 وحتى أبريل 2005 تحت حكم بول بريمر الحاكم المدني الأميركي للعراق آنذاك.

وضمّ التجمع المدني الوطني عددا من الشخصيات السياسية العراقية المعروفة من بينها السياسي السني صالح المطلك ورائد فهمي سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي وجعفر علاوي وهناء إدورد وعدنان الدنبوس والوجه الرياضي البارز عدنان درجال، وحسن شويرد ومجموعة من الكوادر الأكاديمية ورؤساء جامعات.

ودعا علاوي “أبناء العراق إلى الوقوف معا لتحويل هذا المشروع الوطني إلى واقع ملموس يحقق تطلعات شعبنا في الأمن والعدالة والتنمية المستدامة.” ورأى أنه “لا بديل اليوم عن مشروع وطني حقيقي يضع الأسس الراسخة لدولة مدنية ديمقراطية تحمي حقوق مواطنيها، وتعمل على استعادة الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة.”

وقال إنّ التجمع “يهدف إلى توحيد الجهود الوطنية المخلصة لبناء عراق قوي ومستقر منفتح على العالم ومبني على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء، بعيدا عن المحاصصة والجهوية والتدخلات الخارجية.” كما وصف التجمع المدني بأنّه “محاولة أخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وبمثابة سفينة النجاة لبعث الأمل عند العراقيين.”

وعاد صالح المطلك في كلمته بمناسبة إنشاء التجمّع الجديد إلى حادثة استبعاد علاوي سنة 2010 من تشكيل الحكومة وقال إن “العراق كان قادرا على أن يكون دولة أفضل فيما لو تمكنت القائمة العراقية حينها (قائمة علاوي) من تشكيل حكومة أغلبية بعيدا عن المحاصصة السياسية والطائفية.”

وأضاف “اليوم من الضروري أن يلتف العراقيون الشرفاء حول مشروع وطني حقيقي يعيد للعراق مكانته كدولة مؤسسات”، داعيا إلى “الابتعاد عن الحقد والطائفية في بناء الدولة، والعمل على محاربة الفساد وإصلاح النظام لتحقيق الاستقرار والعدالة الاجتماعية.”

3