إنهاء العمليات العسكرية في الساحل السوري بعد تصعيد راح ضحيته المئات من المدنيين

 1454 شخصا بينهم 231 عنصرا من قوات الأمن و250 من المسلحين الموالين للأسد قتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية من جانب قوات الأمن ومجموعات رديفة.
الثلاثاء 2025/03/11
عمليات "إعدام" طالت مدنيين خصوصا من الطائفة العلوية

دمشق- أعلنت السلطات السورية الاثنين انتهاء العملية العسكرية في منطقة الساحل بغرب البلاد، بعد تصعيد دامٍ منذ الخميس راح ضحيته نحو ألف مدني غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية.

وفي ظل تقارير عن عمليات “إعدام” للمدنيين على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها أثارت صدمة في الداخل وردود فعل منددة في الخارج، تعهد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع الأحد بمحاسبة المتورطين، وعدم السماح لأي “قوى خارجية” بجرّ سوريا إلى “الحرب الأهلية”.

وتعدّ أعمال العنف التي شهدتها المنطقة الساحلية الأعنف منذ الإطاحة بالرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر. ووجّهت ضربة لمحاولات السلطة الانتقالية الجديدة، كسب ثقة المجتمع الدولي.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع السورية حسن عبدالغني الاثنين “نعلن انتهاء العملية العسكرية” بعد “نجاح قواتنا… في تحقيق جميع الأهداف المحددة.”

◄ منذ وصولها إلى السلطة سعت الإدارة الجديدة المنبثقة عن هيئة تحرير الشام إلى طمأنة الأقليات الدينية ومختلف مكونات المجتمع

وأضاف “تمكنا… من امتصاص هجمات فلول النظام البائد وضباطه، وحطمنا عنصر مفاجأتهم وتمكنا من إبعادهم عن المراكز الحيوية،” مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية ستعمل “في المرحلة القادمة على تعزيز عملها لضمان الاستقرار وحفظ الأمن وسلامة الأهالي.”

وبدأ التوتر في السادس من مارس في قرية ذات غالبية علوية في ريف اللاذقية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، ما لبث أن تطوّر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلحين علويين النار على القوات، وفق المرصد السوري الذي تحدّث لاحقا عن وقوع عمليات “إعدام” بحقّ المدنيين خصوصا من الطائفة العلوية التي ينتمي إليها بشار الأسد.

وفي أحدث حصيلة الأحد، أورد المرصد أن 973 مدنيا معظمهم من العلويين “قتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية من جانب قوات الأمن ومجموعات رديفة” منذ الخميس، متحدثا عن “عمليات قتل وإعدامات ميدانية.”

وبذلك، تبلغ الحصيلة الإجمالية 1454 قتيلا على الأقل، بينهم 231 عنصرا من قوات الأمن و250 من المسلحين الموالين للأسد، وفق المرصد السوري.

وروى الكثير من سكان المنطقة الساحلية تفاصيل مروعة عن هجوم القوى الأمنية والجماعات الرديفة وعمليات التمشيط الأمنية.

وقال شاب من جبلة عبر الهاتف هو يبكي “قتل أكثر من 50 شخصا من عائلتي وأصدقائي ولم يسمح لنا بالخروج ودفن الموتى… لملموا الجثث بالجرافات ودفنوهم في حفر جماعية ولم يسمحوا للهلال الأحمر بالدخول.”

حسن عبدالغني: نعلن انتهاء العملية العسكرية بعد نجاح قواتنا… في تحقيق جميع الأهداف المحددة

ومن بين القتلى مسيحيون، وفق ما قال بطريرك الروم الأرثوذكس يوحنا يازجي في عظة الأحد، من دون أن يحدد عددهم.

وأوضح “كانت المناطق المستهدفة هي أماكن العلويين والمسيحيين. وقد سقط أيضاً العديد من القتلى المسيحيين الأبرياء.”

وقتل رجل مع ابنه في مدينة اللاذقية، وتمّ دفنهما السبت، وفق نعي نشره أقرباء العائلة المسيحية على فيسبوك. كما نعى مستخدم عمته وثلاثة من أفراد عائلتها، قائلا إنهم قتلوا في منزلهم.

والاثنين، بقيت حركة السير خفيفة في اللاذقية، خصوصا في الأحياء ذات الغالبية العلوية وتلك القريبة منها، ونشرت قوات الأمن حواجز في الأحياء العلوية حيث بدأت الحياة تعود تدريجيا لكن بشكل خجول.

وقالت فرح (22 عاما) التي تدرس الطب وطلبت عدم كشف اسمها كاملا “أدنى مقومات الحياة غير متوافرة.” وأضافت “ليس هناك ماء أو كهرباء منذ خمسة أيام. نحضر مياه الشرب من البئر الذي في حارتنا… لا يوجد غذاء في الحارة. المتاجر فارغة، نحن غير قادرين على شراء الأكل والخضار.” وتابعت “الوضع متوتر جدا، بعد الساعة السادسة لا ترى أحدا في الشارع، نغلق الأبواب والستائر، ونطفئ الأنوار.”

ومنذ وصولها إلى السلطة، سعت الإدارة الجديدة المنبثقة عن هيئة تحرير الشام (جماعة جهادية كانت تسمى جبهة النصرة في السابق وتتبع لتنظيم القاعدة)، إلى طمأنة الأقليات الدينية ومختلف مكونات المجتمع.

والأحد، تعهّد الشرع بمحاسبة كل من “تورط في دماء المدنيين.” وقال “نحن نقف في هذه اللحظة الحاسمة لنجد أنفسنا أمام خطر جديد يتمثل في محاولات فلول النظام الساقط ومن ورائهم من الجهات الخارجية خلق فتنة جديدة وجر بلادنا إلى حرب أهلية بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها،” مشددا على أن سوريا “ستظل صامدة ولن نسمح لأيّ قوى خارجية أو أطراف محلية بأن تجرها إلى الفوضى أو الحرب الأهلية.”

وفي حين لم يسمّ الشرع هذه الأطراف، نشرت وسائل إعلام إقليمية تقارير تحمّل إيران، حليفة الأسد، مسؤولية الضلوع في أعمال العنف في غرب سوريا. ورفضت طهران هذه الاتهامات الاثنين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي “هذا الاتهام سخيف ومرفوض بالكامل، ونعتقد أن توجيه أصابع الاتهام إلى إيران وأصدقاء إيران هو أمر خاطئ… ومضلل مئة بالمئة.”

 

2