إنذار أميركي بشلّ سلاح الطيران العراقي بسبب عجز بغداد عن لجم الميليشيات

وزارة الدفاع العراقية: طائرات أف – 16 مهمة جدا وذراع العراق في مقاتلة ومحاربة الإرهاب.
الأربعاء 2021/05/12
دون الدعم التقني الأميركي تغدو المقاتلات العراقية مثل نسور بلا مخالب

بغداد - قرّرت شركة لوكهيد مارتن الأميركية سحب فرق الصيانة الخاصة بطائرات أف – 16 المتمركزة في قاعدة بلد الجوية شمالي العراق لأسباب أمنية.

وجاء ذلك بمثابة إنذار أميركي للسلطات العراقية بسبب عجزها عن لجم الميليشيات الشيعية الموالية لإيران التي كثّفت بشكل ملحوظ استهدافها لمواقع تواجد الجنود والخبراء والتقنيين الأميركيين على الأراضي العراقية.

ويرتهن العراق في مجال سلاح الطيران إلى حدّ كبير بالولايات المتّحدة؛ حيث تمثّل الطائرات الأميركية المروحية والنفاثة، بما في ذلك طائرات أف – 16، المكوّن الرئيسي في ترسانته الجوية الصغيرة التي يحتاج إليها بشدّة في حربه المتواصلة ضدّ تنظيم داعش.

وما يجعل قرار الشركة الأميركية ذا تأثير محتمل في الوضع الأمني بالعراق أنّه جاء في فترة تسجّل فيها عودة ملحوظة من قبل التنظيم لتهديد الاستقرار الهشّ في البلد من خلال تكثيفه عملياته في مناطق شمال وغرب البلاد، بالتوازي مع تكثيف القوات العراقية بالتعاون مع قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة عمليات تعقّب وضرب فلول التنظيم وأوكاره.

وكثيرا ما يعتمد في تلك العمليات على الطائرات كون فلول داعش تتحصّن في الغالب بمناطق نائية ووعرة يصعب الوصول إليها، ولذلك يتم اللجوء إلى استطلاعها بالطيران وقصفها عن بعد من الجو والأرض.

وقال جوزيف لاماركا جونيور مسؤول الاتصالات بالشركة في بيان إنه “بالتنسيق مع الحكومة الأميركية ومع اعتبار سلامة الموظفين على رأس أولوياتنا، تقوم لوكهيد مارتن بنقل فريق أف – 16 الذي يتخذ من العراق مقرا له”.

ولم يحدد البيان الذي نشرته وسائل إعلام أميركية عدد الموظفين ولا وجهتهم التي ينتقلون إليها.

وتستضيف قاعدة بلد الجوية في محافظة صلاح الدين شمالي العراق متعاقدين من الشركة المصنعة للأسلحة يلعبون دورا حاسما في دعم طائرات أف – 16.

جوزيف لاماركا: نقلنا فريق أف – 16 من العراق بالتنسيق مع الحكومة الأميركية
جوزيف لاماركا: نقلنا فريق أف – 16 من العراق بالتنسيق مع الحكومة الأميركية

وفي 24 أبريل الماضي أكد مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي عدم وجود قوات أجنبية قتالية في قاعدة بلد الجوية، مشيرا إلى أن شركات أجنبية مدنية تتولى مهمة تدريب العراقيين على صيانة الطائرات.

وفي الـ18 من الشهر نفسه استهدف هجوم صاروخي قاعدة بلد الجوية ما تسبب بإصابة عنصرَيْ أمن وفق وزارة الدفاع العراقية.

وعلى مدى الأشهر الماضية تعرضت قواعد عسكرية تضم قوات أميركية في العراق لهجمات بالصواريخ اتهمت واشنطن فصائل مسلحة موالية لإيران بالمسؤولية عنها.

وينتشر في العراق نحو ثلاثة آلاف جندي من قوات التحالف الدولي، بينهم 2500 جندي أميركي، لمحاربة تنظيم داعش في البلاد.

وتعليقا على قرار سحب موظّفي الشركة الأميركية قالت وزارة الدفاع العراقية الثلاثاء إن انسحاب الشركات الخاصة بصيانة طائرات أف – 16 سيترك تأثيرات مباشرة على سلاح الجو التابع لها وبناء قدراته.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع اللواء تحسين الخفاجي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية إن طائرات أف – 16 مهمة جدا والعمود الفقري للقوة الجوية العراقية وذراع العراق في مقاتلة ومحاربة الإرهاب.

وأوضح أن “الشركات العاملة في صيانة هذه الطائرات لها تأثير مباشر في عملية إعداد الفنيين والتقنيات”، معتبرا أنّ “أي توقف في الجدول الزمني لعملية الإعداد سيؤثر سلبا على عمليات التدريب واكتمال قدراتنا وبناء إمكاناتنا الهندسية والفنية”.

وتقوم الميليشيات باستهداف مصالح الولايات المتّحدة في العراق بما في ذلك سفارتها في بغداد، بهدف دفعها إلى سحب قواتها من العراق وهو هدف يرى مراقبون أنّ إيران تقف خلفه في إطار صراع النفوذ الذي تخوضه في البلد، لكنّ العديد من القوى العراقية ترى أنّ الحاجة إلى تلك القوات لا تزال قائمة بسبب عدم استكمال القضاء على تنظيم داعش.

وتخوض الحكومة العراقية منذ أشهر سلسلة من المفاوضات مع نظيرتها الأميركية في إطار ما يُعرف بالحوار الإستراتيجي الذي يمثّل وضع قوات التحالف الدولي ضدّ داعش في العراق بندا رئيسيا على أجندته.

ويرى حلفاء إيران في العراق أنّ واشنطن بصدد المماطلة في سحب قوّاتها وأنّها تبحث عن صيغ للإبقاء عليها رغم تقليص عددها إلى الحدود الدنيا. وعلى هذه الخلفية تواصل الميليشيات استهداف مواقع تمركز الخبراء والجنود الأميركيين.

ومن جهتهم يقول خبراء الشؤون العسكرية إنّ الولايات المتّحدة قد تكون معنية فعلا بالحفاظ على قدر من الحضور العسكري في العراق بهدف عدم إخلاء الساحة بشكل كامل أمام إيران وميليشياتها، خصوصا وأنّ للجيش الأميركي حضورا في سوريا المجاورة ويحتاج إلى إسناد من داخل العراق في إطار جهود قطع خطّ التواصل الحرّ الذي تعمل طهران على تأمينه ليربط الأراضي العراقية بالسورية فاللبنانية، حيث تنشط في الساحات الثلاث ميليشيات مسلّحة تابعة لإيران وتحتاج بشكل مستمر إلى إمدادها بالسلاح الإيراني.

ويعتقد الإيرانيون وحلفاؤهم في الداخل العراقي أنّ واشنطن تتّجه نحو اتّخاذ أراضي إقليم كردستان العراق موطنا بديلا لقواتها المنسحبة من باقي المناطق العراقية، وعلى هذا الأساس وسّعت الميليشيات الشيعية دائرة استهدافها لمواقع القوات الأميركية لتشمل القاعدة العسكرية في مطار أربيل بمركز الإقليم والتي تعرّضت منذ شهر أكتوبر الماضي للقصف ثلاث مرات آخرها قصف تمّ منتصف أبريل الماضي بطائرة مسيّرة محمّلة بالمتفجّرات، فيما كان القصف الأعنف ذلك الذي تعرّضت له القاعدة ومحيطها في فبراير الماضي وأدى إلى مقتل متعاقد مدني أميركي إضافة إلى إحداثه خسائر مادية.

3