إنجاح القمة العربية ضمن الرهانات الانتخابية لرئيس الحكومة العراقية

دعاية مكثفة للقمة العربية وأهميتها ووعود بجعلها مختلفة عن باقي القمم من حيث طرح المبادرات وإيجاد الحلول العملية.
السبت 2025/05/03
الانتقال من مكان الضيف إلى موقع المستضيف

بغداد – تحوّل إنجاح القمة العربية المنتظر عقدها بالعراق في السابع عشر من شهر مايو الجاري إلى رهان انتخابي لرئيس الوزراء العراقي محمّد شياع السوداني الطامح إلى الفوز بولاية ثانية على رأس الحكومة خلال الانتخابات البرلمانية المقرّرة لشهر نوفمبر القادم، والتي من المنتظر أن يواجه فيها منافسة شرسة من قبل قوى متنفّذة تشاركه الانتماء إلى العائلة السياسية الشيعية.

ولا يعني انعقاد القمّة في بغداد فقط قدرة الحكومة على تنظيم المناسبات السياسية الكبيرة بل يعني أيضا بلوغ العراق مستوى عاليا من الأمن والاستقرار، ومضيه في استعادة مكانته ضمن المنظومة العربية بعد أن فقدها بشكل جزئي جرّاء الظروف الصعبة التي مرّ بها خلال الفترة السابقة، وأيضا بسبب الخيارات السياسية للقوى القائدة له والتي سحبته نحو دائرة التأثير الإيراني على حساب علاقاته مع بلدان محيطه العربي.

ويعرض السوداني ضمن إنجازاته التي يريد أن يواصل على أساسها قيادة السلطة التنفيذية في العراق لفترة ثانية، عمله خلال السنوات الأربع الماضية على إعادة التوازن لعلاقات العراق الإقليمية وتمتين الروابط والصلات مع مختلف دول الإقليم بما في ذلك البلدان العربية ومن ضمنها بلدان الخليج التي لطالما روّجت قوى مشاركة في الحكم بالعراق ومعروفة بولائها لطهران لخطاب سلبي تجاهها.

دعوة الشرع إلى القمة بحدّ ذاتها تعتبر تحدّيا مطروحا على حكومة السوداني كون الرئيس السوري مرفوضا من قبل قوى متنفذة ومشاركة أصلا في تشكيل الحكومة العراقية

وأظهر رئيس الوزراء اهتماما شخصيا بانعقاد القمّة العربية في بغداد وانطلق في حملة دعائية لها تقوم على الرفع من أهميتها وإعلاء سقف الآمال والطموحات المعلّقة عليها بشكل يخالف طبيعة الجامعة العربية وقممها التي تحوّلت إلى مجرّد مناسبات بروتوكولية عديمة التأثير العملي على أرض الواقع والهدف منها توجيه رسائل رمزية بشأن التضامن بين العرب.

وقال السوداني إنّ العراق لن يكون بلدا مستضيفا للقمة العربية فقط، وإنما سوف يكون بلدا مبادرا، يقدم الحلول لمختلف الأزمات والتحديات التي تواجه المنطقة.

وتطرق في مقابلة تلفزيونية أوردتها الجمعة وكالة الأنباء العراقية إلى القضية التي هيمنت على مرحلة التحضير للقمة، بكثرة ما أثارته من جدل، وهي دعوة الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع إلى حضورها، قائلا إنّ “وجود الشرع في القمة مهم بغض النظر عن العملية السياسية في بلاده وطريقة التغيير هناك، وذلك كي يوضح أمام الدول العربية رؤيته لسوريا الجديدة.”

ولفت إلى أنّ “أغلب الدول العربية حريصة على أن تتجاوز سوريا محنتها التي استمرت طيلة عقود، ولن ندخر وسعا في دعمها واحترام خياراتها.”

وتعتبر دعوة الشرع إلى القمة بحدّ ذاتها تحدّيا مطروحا على حكومة السوداني كون الرئيس السوري مرفوضا من قبل قوى متنفذة ومشاركة أصلا في تشكيل الحكومة العراقية وتتهمه بالإرهاب وتقول إنّه مطلوب للقضاء العراقي.

ودار في العراق جدل سياسي حادّ حول طبيعة ومستقبل العلاقات مع الجارة سوريا تحت حكم النظام الجديد المقرّب من تركيا، والذي قام على أنقاض نظام آل الأسد الحليف لإيران وبالنتيجة لقوى سياسية قائدة للنظام العراقي وحليفة بدورها لطهران.

حضوره القمة سيثير الكثير من الجدل
حضوره القمة سيثير الكثير من الجدل

وأذكى الجدلَ التحرّكُ الإيجابي صوب دمشق من قبل حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي حسم الموقف بشأن دعوة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى القمّة العربية القادمة في بغداد كما التقى الشرع في العاصمة القطرية الدوحة، وأوفد رئيس المخابرات العراقية إلى دمشق للتشاور معه بشأن عدّة قضايا.

وهاجم حزب الدعوة الإسلامية بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي السوداني بشدّة لقراره دعوة الشرع إلى القمّة بينما لوّحت ميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي باعتقال الشرع في حال قدومه إلى بغداد كونه بحسب الميليشيا محلّ ملاحقة من قبل القضاء العراقي باعتباره قياديا سابقا في جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة.

ويباهي السوداني في خطابه ذي الخلفيات الانتخابية بتوازن سياساته الخارجية، وقال في المقابلة التلفزيونية “نمتلك علاقات متميزة مع إيران والولايات المتحدة والحوار بينهما خطوة مهمة ونجاح المفاوضات بينهما لن ينعكس على دول المنطقة فقط، وإنما على العراق الذي واجه تحديات بحكم العلاقة المتوترة بين البلدين.”

وأضاف قوله “نمتلك تجربة ناجحة في الملف الأمني بين العراق والولايات المتحدة في قيادة التحالف الدولي لمواجهة داعش، ومن المؤمل أن تكون الجولة الثالثة بين العراق وأميركا في بغداد لإنضاج صيغة عمل مشتركة أمنيا.”

ولم يفت السوداني الالتفات إلى القضية الفلسطينية ذات البعد العاطفي لدى جمهور الناخبين في العراق قائلا إنّ هذه القضية “ستبقى جذر المشكلة في منطقة الشرق الأوسط، وآن الأوان أن يكون هناك حل جذري لها.”

3