إنتاج القمح في عُمان يتضاعف لكنه بعيد عن الأهداف

زراعة القمح محط اهتمام الكثير من المزارعين في البلد باعتباره محصولا غذائيا مهما يدخل في سلة الأمن الغذائي للسكان.
الثلاثاء 2024/01/16
رحلة الحصاد الكبير لم تبدأ!

مسقط - تفرض الانعكاسات المستمرة للأزمات العالمية وتغير المناخ نفسها بقوة على سلطنة عمان الطامحة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية الإستراتيجية، في ظل محاولات السلطات توفير كافة الظروف والإمكانيات اللازمة لبلوغ المستهدف.

وتعد زراعة القمح محط اهتمام الكثير من المزارعين في البلد باعتباره محصولا غذائيا مهما يدخل في سلة الأمن الغذائي للسكان، فيما تعمل وزارة الزراعة على تقديم الدعم للقطاع بالتزامن مع تنمية المشاريع وتشجيع المستثمرين.

ورغم أن إنتاج القمح زاد الموسم الماضي، لكنه لا يزال بعيدا عن أهداف الحكومة مما يترك البلد بحاجة إلى الاستيراد رغم التحفيزات للتوسع في المساحات المزروعة.

وسجلت البلاد ارتفاعا في محصول الموسم 2022 – 2023 مع زيادة الإنتاج بنحو 229 في المئة على أساس سنوي، لتتجاوز كميات القمح نحو 7.1 ألف طن، وفق بيانات نشرتها وزارة الزراعة الاثنين.

والمحصول يبدو قليلا رغم محاولات زيادته، إذ تظهر التقديرات أن الاستهلاك المحلي يبلغ 350 ألف طن سنويا، وتسعى الحكومة إلى تحقيق إنتاج يبلغ 10 في المئة من الطلب السنوي ببلد يبلغ تعداد سكانه أكثر من 5.1 مليون نسمة وفق إحصائيات 2023.

◙ 7.1 ألف طن محصول الموسم الماضي بينما الاستهلاك السنوي يبلغ 350 ألف طن

ويشكل منتصف شهر نوفمبر من كل عام موعدا لزراعة القمح في معظم محافظات البلاد، فيما يتبع البعض من المزارعين مواعيد تمتد من منتصف أكتوبر إلى منتصف ديسمبر بحسب موسم الأمطار وتوفر المياه وظروف المزارع.

وتظهر الإحصائيات التي نشرتها وكالة الأنباء العمانية الرسمية أنّ إجمالي الأراضي المزروعة بالقمح في الموسم الماضي بلغت نحو 2573.5 هكتارا ارتفاعا بنحو 160 في المئة بمقارنة سنوية، بينما زاد عدد المزارعين بواقع 24 في المئة.

وأفادت البيانات بأن محافظة ظفار تصدرت المرتبة الأولى من حيث المساحة المزروعة بأكثر من ألفي هكتار بنسبة 80 في المئة من إجمالي مساحات القمح المزروعة، والأولى من حيث الإنتاجية حيث بلغت 5940 طنّا بنسبة 83 في المئة من إجمالي إنتاج البلاد.

ولا تعد السلطنة بلدا منتجا للقمح، وهي تعاني مثل باقي دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من تبعات التقلبات في العالم، وأيضا من شح الأمطار بسبب موجات الجفاف.

ومع ذلك، يبذل المسؤولون العمانيون جهودا للارتقاء بالقطاع، ويعملون على رفع معدلات الاكتفاء الذاتي من القمح وتقليل الفجوة في الإنتاج وتحسين الجودة لهذا المحصول وزيادة إنتاجيته ورفع قيمته الاقتصادية.

ولدى مسقط قناعة بأن تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء يمران من بوابة الزراعة لزيادة مستويات الإنتاج في المستقبل عبر دعم المشاريع الناشئة، التي توفر بدورها فرص عمل جديدة في السوق.

ولذلك تولي وزارة الزراعة اهتماما كبيرا للنهوض بمحصول القمح بالتعاون مع المنظمات والمراكز البحثية الدولية والإقليمية والمحلية عبر تنفيذ برامج بحثية وإرشادية لتطوير أصناف القمح المحلية وإدخال أصناف مستوردة لتجربتها تحت الظروف السائدة بالسلطنة.

وتقوم الوزارة من خلال أجهزتها المختلفة بتشجيع المزارعين على زراعة القمح عبر إمدادهم بتقاوي الأصناف المحسنة عالية الإنتاجية. كما توفر آلات الحصاد وأكياس التعبئة، بالإضافة إلى الدعم الإرشادي والفني والإشراف المباشر على الحقول.

◙ الحكومة العمانية تسعى لتحقيق إنتاج يبلغ 10 في المئة من الطلب السنوي في بلد يبلغ تعداد سكانه أكثر من 5.1 مليون نسمة

ووضعت المديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية العمانية تطوير أصناف جديدة مقاومة لظروف الإجهاد المائي والأمراض من أولوياتها من خلال تحسين وتطوير زراعة القمح لتقليل الفجوة في الإنتاج وتحسين الجودة والتغلب على التحديات.

والتوسع في إنتاج الأصناف المحلية المحسّنة من القمح أحد المشاريع الرئيسية التي يمولها صندوق التنمية الزراعية والسمكية، ويعتبر مكملا لمشاريع سابقة لهذا المحصول الإستراتيجي.

ويؤكد يحيى السعدي، رئيس قسم المحاصيل البستانية بوزارة الزراعة، أن هدف الخطوة توفير 54 طنا سنويا من تقاوي القمح المحسنة للمزارعين بنظام الدعم لتحسين الإنتاجية وتمكين المستثمرين العمانيين من الاستمرار في الإنتاج خلال السنوات القادمة.

ويتضمن المشروع ثلاث مراحل رئيسة ممثلة في شراء معدات حديثة لزراعة وحصاد القمح وتدريب وتأهيل الموظفين على استخدام الحصادات والبذارة الآلية، وتوفير خدمة حصاد القمح من قبل الوزارة بالمجان.

وتأكيدا لأهمية الإستراتيجية لمحصول القمح ودوره في تعزيز منظومة الأمن الغذائي في السلطنة وتحقيقا لأهداف رؤية 2040، شرعت مسقط العام الماضي في تنفيذ خطة دعم إنتاج القمح المحلي بتكلفة 5 ملايين ريال (13 مليون دولار) لمدة خمسة أعوام تستمر حتى 2027.

وتتراوح مساهمة القطاع الزراعي مع الثروة السمكية في البلاد بين 2.1 و2.5 في المئة، وهو معدل يقول خبراء إنه ضعيف خاصة مع خطط الدولة لتنويع الاقتصاد من خلال مجالات كانت منسية على مدى عقود للابتعاد تدريجيا عن إيرادات الوقود الأحفوري.

11