إمام أوغلو خطر على أردوغان: العين على الرئاسة بعد البلدية

برلين - لا يخفي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انزعاجه من شعبية رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو خاصة أن النجم الصاعد في المشهد السياسي يقدم نفسه كشخصية مغايرة لشخصية الرئيس التركي، فهو يميل إلى الهدوء والحوار بدل الصدام والتصريحات النارية، أي أنه يُقدَّم إلى الأتراك كنقيض للرئيس أردوغان، وربما بديلا عنه في الانتخابات القادمة.
وقدّمت مجلة “دير شبيغل” الألمانية ملاحظات لافتة خلال مقابلة واسعة لها مع أكرم إمام أوغلو، عمدة بلدية إسطنبول الكبرى، حيث نشرت المقابلة تحت عنوان مميز هو “اليوم البلدية، غداً أكثر! لقد أثبت رئيس بلدية إسطنبول أنه يشكل خطراً على أردوغان”.
وقالت المجلة إن إمام أوغلو تحول إلى نجم سياسي وربما إلى منافس بارز للرئيس التركي في الانتخابات المقبلة. وفي حديثه إلى دير شبيغل، تحدّث إمام أوغلو عمّا يفعله بشكل صحيح وما هي الأخطاء التي يقوم بها أردوغان.
ووصفت المجلة تفاصيل مكتب إمام أوغلو، وكشفت عن وجود صورة لمصطفى كمال أتاتورك بجوار العلم التركي خلف مكتبه، حيث أبدى رئيس بلدية إسطنبول إعجابه بمؤسس الجمهورية التركية خاصة لكونه يستمع إلى المواطنين بشكل جيد.
إمام أوغلو تحول إلى نجم سياسي وربما إلى منافس بارز للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقبلة
وبينما ورد في المقال أنه قبل عام 2019 لم يكن إمام أوغلو معروفًا على الصعيد السياسي في تركيا “لكنه أصبح رئيسًا لبلدية إسطنبول، ومنذ ذلك الحين، كان اسمه دائمًا مرشحًا ضد أردوغان في الانتخابات الرئاسية عام 2023”. وقالت المجلة الألمانية إنّ إمام أوغلو مرشح يشكل خطرا واسعا على أردوغان وربما ينضم إلى السباق قبل الانتخابات.
ولم تنجح الاتهامات التي وجهها الرئيس التركي وأنصاره إلى رئيس بلدية إسطنبول في إبعاد الناس عنه، وعلى العكس، فقد زادت في شعبيته. وكلما زاد غضب الناس من سياسات أردوغان زاد اقترابهم من خصومه، وخاصة خصمه الشاب النظيف الذي يتحدث بطلاقة ويصارح الناس ويقترب من قضاياهم.
وكان أردوغان هدد بمحاسبة إمام أوغلو، متهما إياه بتأييد أعضاء شبكة محظورة بزعامة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة عبدالله غولن. كما حاولت بعض وسائل الإعلام الموالية للحكومة تلطيخ صورة إمام أوغلو بالقول إنّه مدعوم من اليونان الغريم التاريخي لتركيا أو أنه نفسه يونانيّ. لكن كل ذلك قد صب في فائدته.
وزاد غضب أردوغان على إمام أوغلو بعد أن قال إن حزب العدالة والتنمية الحاكم لم يترك في موازنة إسطنبول ما يكفي لدفع رواتب الموظفين وبعجز مالي يقدر بنحو 2.1 مليار يورو.
ويقول مراقبون إنه إذا نجحت المعارضة في فرض إجراء انتخابات مبكرة بسبب عجز الحكومة عن السيطرة على الأزمة الاقتصادية في البلاد، فإن حظوظ إمام أوغلو ستكون كبيرة في منافسة أردوغان، معتبرين أن الوضع الاقتصادي يخدم رئيس بلدية إسطنبول، فالناس يبحثون عن مرشح يتوسمون فيه الخير لإخراج البلاد من النفق.
ووفقاً لدير شبيغل هناك مشترك بين إمام أوغلو وأردوغان، فكلاهما ترأس بلدية إسطنبول من ذلك أن الرئيس التركي كان شغل منصب رئيس للبلدية وأن حزبه حكم إسطنبول لمدة 15 عاما دون انقطاع.
وأعرب إمام أوغلو عن أن الاقتصاد هو أكبر مشكلة وأن الحكومة تحاول تشتيت الانتباه من خلال إنشاء “أجندات مصطنعة”، وقال “الأزمة الاقتصادية ليست بالأمر الجديد، فهي مستمرة منذ 4 إلى 5 سنوات. وارتفعت نسبة البطالة بسبب الوباء، وخاصة بطالة الشباب. وهذا يضع عبئاً على العائلات”. وأشار إلى أن البلدية تساعد العائلات أيضاً لتحسين ظروفها المعيشية اليومية.
وبينما تستمر النقاشات حول من سيكون مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أو تحالف الأمة في الانتخابات الرئاسية القادمة، كشفت مصادر حزبية عن وجود هوة بين مؤيدي كمال كليجدار أوغلو وأكرم إمام أوغلو عمدة إسطنبول داخل حزب الشعب الجمهوري، وأن الهوة تزداد عمقا.
وخلصت استطلاعات الرأي، التي تحمل عنوان “من هو الأكثر حظًا ضد أردوغان”، إلى أن أولئك الذين يرون أن إمام أوغلو ويافاش (عمدة أنقرة) وكلاهما من حزب الشعب الجمهوري، قد حصلوا على المزيد من أصوات الناخبين، فيما البعض يقول لإمام أوغلو “حتى لو كنت بمفردك، إذا دخلت الانتخابات، فستفوز”.
وكان رئيس حزب الشعب الجمهوري قد دافع مؤخرا عن إمام أوغلو بقوله “هناك اتهامات ظالمة ضد رئيس بلدية إسطنبول.. والعالم كله يعرف أن كل هذه اتهامات غير عادلة”.
وفي سبتمبر 2020 أطلق المرشح الرئاسي السابق عن المعارضة التركية محرم إنجه حزب “حركة الوطن”، متعهدا بإيجاد طريق لخلاص البلاد مما وصفه بـ”حكم الرجل الواحد” وذلك في أعقاب ما قيل عن تهميشه من قبل حزب الشعب الجمهوري الذي انشق عنه.
وخسر إنجه انتخابات 2018 بحصوله على أكثر من 30 في المئة من أصوات الناخبين مقابل حصول أردوغان على أكثر من 52 في المئة.
وتوقّعت عدّة استطلاعات رأي هزيمة أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مبرزة رئيسي بلديتي إسطنبول وأنقرة المنتميين إلى حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش كمرشحين لهما حظوظ في الجولة الثانية.
وأظهرت دراسة أجراها معهد “متروبول” للإحصاءات في أكتوبر أن 55 في المئة من الناخبين يعتبرون أن المعارضة عاجزة عن حل الأزمة الاقتصادية، مقابل 64 في المئة يعتقدون أن الحكومة الحالية عاجزة عن ذلك.