إلغاء تدشين قناة تلفزيونية خليجية: مناخ معادٍ للإعلام يسيطر على لبنان

التهديدات لم تستهدف وسائل الإعلام العربية فقط، بل طالت إعلاميين لبنانيين صاروا يتعرضون للشيطنة.
الخميس 2024/06/13
مناخ معاد للمستثمرين الأجانب

دبي – ألغت مجموعة الحبتور التي يملكها رجل الأعمال الإماراتي خلف أحمد الحبتور، ومقرها دبي، خطة لإطلاق قناة تلفزيونية جديدة في لبنان بعد أن واجهت المجموعة وموظفوها تهديدات جسدية، ما يكشف عن حقيقة أن لبنان يسيطر عليه مناخ معاد للإعلام وللمستثمرين الأجانب في وقت يعاني فيه البلد من أزمات اقتصادية ومالية حادة وتفشي البطالة وغياب فرص العمل.

وقالت المجموعة إنها ألغت إطلاق القناة التلفزيونية التي كانت تستهدف بث برامج ثقافية واجتماعية ورياضية.

وأضافت المجموعة، في بيان على موقعها في الإنترنت، أن هذا القرار جاء “نتيجة للتحديات الأمنية التي واجهت المشروع، بما في ذلك التهديدات الجسدية التي تعرض لها المؤسس والموظفون، مما يجعل الاستمرار في لبنان غير ممكن”.

وقالت إنها قدمت شكاوى “جزائية ومدنية في لبنان وخارجه ضد بعض المتورطين في هذه الحملات والتهديدات”. وجاء في بيان مجموعة الحبتور أن “الحملات الممنهجة ضد المجموعة التي تلت إعلان المشروع شملت سلسلة من الاتهامات والافتراءات وحملات التخوين والتهديدات”.

ولم تشر المجموعة إلى الجهة التي عرقلت بعث القناة، لكن متابعين للشأن اللبناني يفسرون القرار بأنه كان متوقعا خاصة أن لبنان لم يعد بلدا منفتحا وآمنا، وأن التهديدات والعراقيل لم تكن تستهدف فقط وسائل الإعلام العربية ومراسليها في لبنان، بل طالت أيضا الإعلاميين اللبنانيين الذين يتعرضون لحملات شيطنة وتخوين من قبَل أذرع حزب الله.

وسبق أن أغلقت مجموعة إم.بي.سي مكاتبها في لبنان بمعداتها وموظفيها وتوجهت إلى السعودية قبل أكثر من عامين، بالتزامن مع تصريحات وزير الإعلام اللبناني آنذاك جورج قرداحي التي اعتبرت مسيئة للسعودية، وساهمت في نفور رأس المال الخليجي من المساهمة في الإعلام اللبناني.

ويرى مراقبون أن إغلاق فضائية متخصصة في مجالات بعيدة عن السياسة يُظهر مدى معاداة المستثمرين الأجانب في لبنان، وخاصة منهم الخليجيين، ويمثل رسالة سلبية ستقنع المستثمرين أو المانحين بالتريث قبل اتخاذ أي خطوة للعمل في لبنان ومساعدته على الخروج من أزماته الحادة.

وتوجه الرسالة السلبية أيضا إلى دول إقليمية (خليجية بالأساس) وأخرى غربية تحاول جمع السياسيين اللبنانيين وإلزامهم بتوافق الحد الأدنى لإنقاذ الاقتصاد ومساعدة اللبنانيين وتحسين ظروف عيشهم.

وقال خلف الحبتور، وفقا لبيان الشركة على الإنترنت، “واجهنا عقبات جمة تجاوزت ما يمكن تحمله بما يخص سلامة فريقنا وأمنه. بعد دراسة متأنية وفي ظل غياب الاستقرار الأمني المطلوب لأي استثمار، وجدنا أنفسنا مضطرين لإيجاد بديل عن إطلاق المشروع من لبنان”.

إغلاق فضائية متخصصة في مجالات بعيدة عن السياسة يُظهر مدى معاداة المستثمرين الأجانب في لبنان، وخاصة منهم الخليجيين

وقال الوزير اللبناني زياد مكاري إنه يأسف لقرار الحبتور. وردا على سؤال حول التهديدات الموجهة ضد الحبتور وموظفيه، قال مكاري لرويترز “نحن كدولة قدمنا له كل شيء وكنا مستعدين حتى لمعالجة التهديدات، إنْ وُجدت، من أجل أن نؤمّن له كل الظروف الملائمة وكل التسهيلات”.

وكان من المقرر أن توفر القناة الفرص لأكثر من 300 لبناني في مجالات مثل الصحافة والإنتاج التلفزيوني والفني، وغير ذلك، ما يعزز البيئة الإعلامية ويُسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي.

وإضافة إلى القناة عملت المجموعة الإماراتية على تطوير مدينة أستوديوهات على مساحة 100 ألف متر مربع،  كانت ستصبح مركزا رئيسيا لإنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية، وهو ما من شأنه أن يدعم جاذبية البلد كوجهة مفضلة لصناع الأفلام الدوليين.

وتشمل المصالح التجارية لمجموعة الحبتور البناء والعقارات والضيافة في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة. وتمتلك المجموعة فندقي هيلتون في لبنان.

وكانت دول الخليج، ومنها الإمارات، من المستثمرين الرئيسيين في لبنان ذات يوم لكنها تتجنبه الآن إلى حد كبير بسبب جماعة حزب الله التي يشارك حزبها السياسي أيضا في البرلمان.

وعُرف الحبتور بانتقاده لحزب الله. وقال في عام 2018 إن الأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين قادرون على تفكيك تهديد حزب الله وإنقاذ اللبنانيين، بحسب الموقع الإلكتروني لمجموعة الحبتور. وأضاف في مؤتمر آنذاك أن اللبنانيين سجناء في بلدهم وأعضاء حزب الله يشكلون الحكومة في لبنان وإنه لا يستطيع فهم ذلك ويجب عدم قبوله.

1