إكراهات الحرب تبطئ إيقاع السياحة في الأردن

بدت أعراض تصاعد التوتر في الشرق الأوسط تظهر بوضوح أكبر على أداء السياحة في الأردن، باعتبارها أحد مصادر دخل العملة الصعبة للبلاد، التي تعول عليها الحكومة كثيرا، وسط مساع حثيثة لتدارك الوضع من خلال برامج واتفاقيات شراكة لجذب الزوار.
عمّان - أظهر تقرير الربع الثالث لعام 2024 من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي للفترة الممتدة بين 2023 و2025، ضمن محور “الأردن وجهة عالمية” انحسارا في الإيرادات والزوار خلال أول تسعة أشهر من العام على أساس سنوي.
وتشير البيانات التي أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية الجمعة إلى أن الدخل السياحي بلغ خلال الفترة بين يناير وسبتمبر الماضيين، نحو 3.9 مليار دينار (5.48 مليار دولار) نزولا من 5.82 مليار دولار قبل عام.
وبالنسبة لعدد السياح فقد وصل خلال الفترة المذكورة إلى 4.7 مليون زائر مقارنة مع 5.58 مليون زائر خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وبلغ عدد القادمين إلى البلاد على متن الرحلات منخفضة الكلفة والمنتظم المتعاقد معها للفترة نفسها، نحو 185 ألف راكب عبر 1263 رحلة، في حين بلغت مبيعات التذكرة الموحدة “جوردن باس” نحو 84 ألف تذكرة.
وصار السياح يتجنبون زيارة الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر العام الماضي، وهو ما يشكل خطرا على القطاع في بلدان الأردن ولبنان ومصر التي تعتمد إلى حد كبير على عائدات السياحة الدولية لتمويل خزائنها.
ومنذ بداية 2024 استبعد المسؤولون الأردنيون نموا في القطاع العام الحالي، وحاولوا جاهدين الحفاظ على مستويات 2023 مع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة وتوسعها.
وقال المدير العام لهيئة تنشيط السياحة عبدالرزاق عربيات إن “الأوضاع في المنطقة أثرت على حركة السياح الأجانب إلى الأردن ودخل القطاع تراجع 6 في المئة حتى سبتمبر الماضي رغم استمرار تدفق السياح الخليجيين والعرب”.
وأكد عربيات في تصريحات صحفية الخميس على هامش سوق السفر العربي المقام حاليا في لندن أن بلده رصد ارتفاعا في عدد الخليجيين الذين يشكلون 80 في المئة من حركة السياحة.
وأوضح أن هناك تراجعا في زيارة الأجانب إلى البتراء، لكن النشاط مستمر في العاصمة عمّان وشمال البلاد، مشيرا إلى عودة نشاط شركات الطيران منخفض الكلفة بداية ديسمبر المقبل.
ويعتبر الأردن من مناطق الجذب السياحي في الشرق الأوسط، وهو في منافسة مع وجهات أخرى في المنطقة، ولاسيما دول الخليج، وتعد مدينة العقبة في الجنوب من أهم الوجهات، بالإضافة إلى البتراء ووادي رم والبحر الميت، الذي يشتهر بالسياحة العلاجية.
وإلى جانب ذلك تتمتع البلاد بالعديد من المعالم الأثرية والتاريخية في كل من جرش وعجلون والكرك، والتي تنافس العديد من المعالم في المنطقة العربية.
وتسهم السياحة بنحو 16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفق عربيات، مع الآلاف من فرص العمل بشكل مباشر وغير مباشر يوفرها القطاع الحيوي للبلاد، التي تعتمد بشكل مفرط على المساعدات الخارجية.
نتائج أداء القطاع في أول 9 أشهر
- 5.48 مليار دولار إيرادات نزولا من 5.82 مليار قبل عام
- 4.7 مليون زائر نزولا من 5.58 مليون سائح قبل عام
وفي ضوء تأثيرات الحرب في غزة ولبنان وتصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، وحتى يتم تجنب تفاقم التداعيات، يحاول العاملون في القطاع البحث عن أسواق بديلة لتعويض الانخفاض الملموس للسياحة الأوروبية الوافدة.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل كافحوا أيضا من أجل الحفاظ على الوظائف لتجنب تكرار سيناريو الأزمة الصحية العالمية، والتي أصابت السياحة المحلية بالشلل، مثلما حصل في باقي أنحاء المنطقة العربية والعالم.
وبحسب إحصائيات أوردها التقرير، فقد وصل عدد العاملين في القطاع السياحي خلال أول تسعة أشهر من عام 2024 إلى نحو 56 ألف عامل.
وفي ما يتعلق بتحسين ربط الأردن مع الدول المستهدفة، بين التقرير أنه تم توقيع ملحق للاتفاقية مع شركة طيران راين أير منخفضة الكلفة لإعادة تشغيل الرحلات إلى مدينة عمّان للموسم الشتوي المقبل بداية من شهر ديسمبر من 6 وجهات مختلفة.
وبالنسبة لرحلات شركة ترانسافيا فرنسا، تمت إعادة تشغيل الخط من باريس إلى عمّان منذ بداية شهر سبتمبر الماضي.
وفي سبتمبر الماضي، أعلن رئيس مجلس إدارة هيئة تنظيم الطيران المدني بالأردن هيثم مستو أن خمس شركات دولية أوقفت رحلاتها إلى البلاد.
وعلقت كل من شركتي لوفتهانزا الألمانية والخطوط الجوية النمساوية حتى السادس والعشرين من أغسطس الماضي، وشركة يونايتد أيرلاينز الأميركية حتى منتصف سبتمبر، رحلاتها.
كما أوقفت شركة فيولينغ الإسبانية رحلاتها إلى الأردن حتى نهاية أكتوبر المقبل، فيما أوقفت شركة طيران بحر إيجه اليونانية رحلاتها إلى أجل غير مسمى.
ولكن مستو أكد للصحافيين في ذلك الوقت أن الدول التي تعمل منها هذه الخطوط لديها بديل يوفره مشغلون آخرون. وقال إن “تعليق عدد من شركات رحلاتها إلى الأردن لم يؤثر على حركة الطيران أو حركة المسافرين القادمين والمغادرين”.

وشدد على أن الشركات التي علقت رحلاتها مؤقتا “لم تفعل ذلك جراء مخاطر في أجواء البلد، وإنما لمخاطر في الطريق إلى الأردن”، نظرا للتوترات الإقليمية.
ولكي تحفز القطاع خلال المرحلة المقبلة مع اقتراب عام 2025، ستبرم السلطات مذكرة تفاهم مع شركة طيران الإثيوبية التي تشغل رحلات منتظمة من مدينة أديس أبابا الإثيوبية إلى عمّان بواقع 7 رحلات أسبوعية.
وتتضمن الاتفاقية الجديدة استضافة رحلات تعريفية عن الأردن من إثيوبيا وكينيا ورواندا والبرازيل، وأيضا القيام بحملات تسويقية مشتركة.
وفي ما يخص تطوير المواقع الأثرية والسياحية، تم إدراج موقع أم الجمال الأثري والذي يقع ضمن محافظة المفرق على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في يوليو الماضي.
وتم إعداد خطة شاملة لإدارة الموقع لضمان حمايته والحفاظ عليه بشكل دائم ودعم البحث الأثري والدراسات الأكاديمية والترويج له عبر الالتزام بمعايير اليونسكو والتوافق مع الأطر القانونية وإشراك أصحاب المصلحة وبناء القدرات المحلية.
وأظهر التقرير أنه تم الانتهاء من إعداد الخطة الشمولية الإستراتيجية لقطاع السياحة لسلطة إقليم البترا التنموي السياحي، كما تم الانتهاء من أعمال صيانة موقعي ذيبان ومكاور الأثريين في مأدبا، وترميم وتأهيل الكنيسة البيزنطية وموقع أيلا الإسلامي في العقبة.
وتقول الحكومة إنه تم الانتهاء من حصر الفرص الاستثمارية في القطاع في معظم المحافظات مع تحديد 21 فرصة استثمارية ورفعها على موقع وزارة السياحة، كما تم ترخيص 24 فندقا جديدا و121 مطعما سياحيا و16 متجرا للتحف الشرقية و57 مكتبا سياحيا.