إقالة وزير الداخلية في تونس تعكس صراعا بين "قرطاج" و"القصبة"

تونس - أقال رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الثلاثاء وزير الداخلية توفيق شرف الدين، المقرب من الرئيس قيس سعيد، في خطوة تظهر على ما يبدو عمق الصراع بين رأسي السلطة في البلاد.
وقالت الحكومة في بيان على صفحتها بموقع فيسبوك إن "رئيس الحكومة هشام المشيشي قرر إعفاء توفيق شرف الدين وزير الداخلية من مهامه على أن يتولى رئيس الحكومة الإشراف على وزارة الداخلية بالنيابة في انتظار تعيين وزير داخلية جديد".
ولئن لم تحدد بعد أسباب الإقالة، فإن بعض المتابعين للشأن العام في تونس يرون أنها كانت تطبخ على نار هادئة منذ أشهر، حيث كان منتظرا قيام المشيشي بتعديل وزاري يستثني فيه الوزراء المحسوبين على الرئيس التونسي قيس سعيد من بينهم وزير الداخلية.
وتعيش تونس منذ أشهر أزمة سياسية غير معلنة بين الرئيس ورئيس الحكومة بسبب التحالفات السياسية، لكن الإقالة ستجعل على الأرجح الصراع معلنا بين الجانبين، وقد تؤدي إلى محاولات لإسقاط الحكومة.
وقال هيكل المكي النائب في البرلمان عن الكتلة الديمقراطية ورئيس لجنة المالية بالبرلمان، إن "رئيس الحكومة هشام المشيشي أسير الحزام السياسي.. ربي يفك أسره".
وأضاف المكي أنه من حق رئيس الحكومة إجراء تحوير على تركيبة حكومته لكن عندما يبنى التحوير على فرض أسماء بعينها تمس حقائب بعينها على غرار وزارة الداخلية تصبح الحكومة سياسية.
وأكد النائب البرلماني فيصل التبيني الثلاثاء أن سبب الإقالة جاء على خلفية إيقاف رجل أعمال وهو صاحب نزل بمدينة سوسة الساحلية لتعمده عدم احترام منع الجولان والبروتوكولات الصحية، حيث تعمد تقديم الخدمات بعد انطلاق توقیت حظر التجوال لغیر المقیمین بالنزل مع تمكینھم من وثائق تفید بأنھم مقیمون به.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادرها أن خلفية الإعفاء هي خلافات بين المشيشي ووزير داخليته، بسبب عقده لقاءات متتالية مع نظرائه الوزراء دون الرجوع إلى مقر الحكومة، وهو ما اعتبره المشيشي حركات استفزازية من شرف الدين عن قصد.
ومن المتوقع أن يجري رئيس الحكومة في الفترة المقبلة تعديلا وزاريا جزئيا وسط مطالب من الأحزاب التي تدعمه بإدخال وجوه سياسية في الحكومة، وهو ما ترفضه أحزاب المعارضة والرئاسة.
وقد تولى المشيشي إدارة وزارة الداخلية بنفسه، وهي سابقة في تاريخ تونس منذ أواسط الثمانينات، عندما تولى الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية في ذات الوقت.
ويرى مراقبون أن المشيشي يكون بقراره إعفاء شرف الدين قد بعث برسالة واضحة للرئيس سعيد تأخذ بعين الاعتبار حسابات الواقع السياسي المتغير، وما يلحق بها من توازنات تتداخل فيها الكثير من العوامل السياسية والحزبية، وخاصة أن شرف الدين فرضه عليه قيس سعيد فرضا مثله مثل عدد من الوزراء الآخرين.
ويبدو أن تلك الحسابات تدفع بقوة إلى الذهاب نحو إجراء تعديل وزاري واسع أصبح الحديث حول قرب الإعلان عنه يتردد بقوة لإبعاد الوزراء المحسوبين على قيس سعيد، لتتحول بذلك الحكومة إلى حكومة سياسية بحزام حزبي له قاعدة برلمانية تتجاوز الـ120 نائبا سيوفرها الائتلاف الحزبي الثلاثي.