إقالة مدير التلفزيون السوداني تمهد لعهد إعلامي جديد

تسعى الحكومة السودانية من خلال إقالة مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون إسماعيل عيساوي، المعروف بانتمائه إلى الإخوان ومناهضته للحراك الشعبي، لمصالحة الجمهور السوداني مع إعلام بلاده، والوصول إلى “إعلام يحترم الآخر ويقدمه بصورته الإنسانية”.
الخرطوم- أصدر رئيس الوزراء السوداني، عبدالله حمدوك، الأحد، قرارا بإقالة المدير العام لهيئة الإذاعة والتلفزيون إسماعيل عيساوي، الذي عرف بمناهضته للحراك الشعبي.
وذكر بيان صادر عن إعلام مجلس الوزراء السوداني، “إن رئيس مجلس الوزراء قرر إعفاء إسماعيل محمد أحمد عيساوي من وظيفة مدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون، وتعيين الإعلامي إبراهيم محمد إبراهيم البزعي خلفا له”.
ووجه حمدوك وزارتي الثقافة والإعلام والهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والعمل والتنمية الاجتماعية والجهات المعنية الأخرى باتخاذ إجراءات تنفيذ القرار. وتعتبر مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الهيئة الإعلامية الحكومية الأولى في البلاد.
وخلال الأيام الماضية، أثار بقاء عيساوي في منصبه جدلا في وسائل الإعلام المحلية ومواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لدوره في مناهضة الحراك الشعبي. وسادت حالة كراهية عامة لدى السودانيين، تجاه عيساوي المعروف بانتمائه إلى الإخوان، خصوصا بعد أن عرض التلفزيون الرسمي في ديسمبر الماضي، فيلما بعنوان “خفافيش الظلام” تسبب في غضب الشارع السوداني، حيث تمّ بث مجموعة حلقات تضمنت “إساءات للثورة، وإرسال إيحاءات خادشة واتهامات بحق المتظاهرين في ساحة اعتصام القيادة”، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية.
ويقول صحافيون إن الإعلام الحكومي ما زال يعمل بنفس الآلية التي كانت موجودة في عهد البشير، لأنه يدار من قبل رموز ورجال مقربين منه، وهم الذين حرصوا على تصوير الثورة بأنها معارضة لرغبة الشارع السوداني ومصلحته الوطنية.
وتم تعيين عيساوي في إبريل الماضي من قبل المجلس العسكري، عقب عزل البشير في 11 أبريل، تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت في 19 ديسمبر 2018، تنديدا بالغلاء، ثم طالبت بإسقاط النظام الحاكم منذ 30 عاما.
ويرى مراقبون أن إقالة عيساوي تأتي ضمن مساعي الحكومة السودانية لتهدئة الأوضاع الداخلية، والتصالح مع المواطنين الناقمين على إعلام بلادهم.
وطالب وزير الثقافة والإعلام، فيصل محمد صالح، الدولة بتخفيض تكاليف ورسوم الجمارك للصحف، ودعا إلى تعديل قوانين الإعلام، وإعادة هيكلة أجهزة الإعلام الحكومية حتى تواكب المرحلة الجديدة.
وقال فيصل، خلال مخاطبته ورشة “الإعلام في الفترة الانتقالية”، الأحد، والتي نظمها مركز الخرطوم للخدمات الصحافية، بالتعاون مع منظمة فريدريش آيبرت، خلال يومي 15 و16 سبتمبر الحالي، “إنهم بصدد تكوين مجلس استشاري بوزارة الإعلام لوضع خطة وطنية للتدريب”.
حالة كراهية عامة تملكت السودانيين، تجاه إسماعيل عيساوي بعد أن عرض التلفزيون فيلم "خفافيش الظلام"
ودعا وزير الثقافة والإعلام، إلى فتح الساحة للقطاع الخاص للاستثمار في الإعلام، لافتا إلى أهمية الحصول على المعلومات بالنسبة للصحافيين.
وشدّد صالح على ضرورة التغيير في الإعلام السوداني، واستعادة الصورة الإنسانية القائمة على المواطنة بالإضافة إلى الابتعاد عن الصورة النمطية السائدة، قائلا “نريد إعلاما يحترم الآخر ويقدمه بصورته الإنسانية”.
جاء ذلك خلال مخاطبة الوزير اليوم لورشة عمل “مطلوبات تهيئة مناخ السلام”، بحضور منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان.
وأكد خلال ورشة عمل بعنوان “مطلوبات تهيئة مناخ السلام”، سعي وزارته لتهيئة الإعلام ليضطلع بدور في غاية الأهمية، خاصة في ما يتعلق بأولويات المرحلة الحالية بالبلاد والتي على رأسها السلام والتحول الديمقراطي والتنمية المستدامة. وأوضح أن تهيئة الإعلام تستدعي رسم وتوسيع مساحة الحريات، وإزالة القيود.
وأضاف أن صناعة الإعلام الحر تتطلب الشفافية والحرية. كما دعا إلى ضرورة تغيير السياسات الإعلامية بمشاركة القيادات الإعلامية للوصول إلى سياسات وطنية طموحة. ووعد فيصل بوضع خطة وطنية للتدريب الإعلامي بما يسهم في أن تلعب المؤسسات الإعلامية دورا يتسم بالتناغم مع المرحلة المقبلة.
وأكد الاتفاق على الوثيقة الدستورية للمرحلة الديمقراطية، على مجموعة من الحريات العامة وكان من ضمنها حرية التعبير ونشر المعلومات، وهو ما اعتبره بعض الصحافيين فرصة جديدة لممارسة حقوقهم وإنجاز أعمالهم دون التخوف من قمع وتحكم السلطات.