إقالة صنع الله تحدث شروخا في المعسكرين المتنافسين في ليبيا

البرلمان ومجلس الدولة يتفقان على رفض إقالة رئيس مؤسسة النفط.
الجمعة 2022/07/15
صراع بين الفرقاء الليبيين للسيطرة على مؤسسة النفط

مجلس الدولة والبرلمان شرق ليبيا يتفقان لأول مرة على موقف موحد هو رفض إقالة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله، وهو ما تسبب في شروخ داخلية في كلا المعسكرين المتنافسين شرق البلاد وغربها.

طرابلس - تسبب قرار إقالة رئيس المؤسسة الليبية للنفط مصطفى صنع الله من قبل رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، ويرجح أنه بتفاهم مع قائد الجيش المشير خليفة حفتر، في انشقاقات داخل المعسكرين المتنافسين شرق البلاد وغربها؛ حيث اتفق مجلسا النواب والدولة للمرة الأولى على موقف موحد هو رفض الإقالة، رغم اختلاف دوافعهما.

وفاجأ البرلمان الليبي في طبرق الليبيين بموقفه الرافض لتعيين محافظ مصرف ليبيا السابق فرحات بن قدارة رئيسا لمؤسسة النفط وتمسكه بصنع الله الذي يتهم من قبل سياسيين وفاعلين في المنطقة الشرقية بأنه منحاز إلى السلطات في طرابلس منذ تعيينه في المنصب سنة 2015. وكثيرا ما تعالت الأصوات الداعية إلى إقالته.

واعتبرت أوساط سياسية ليبية رفض البرلمان لإقالة صنع الله بمثابة رد فعل على تجاوزه في اتفاق تتواتر الأنباء حوله منذ أيام بين حفتر والدبيبة ينص على إقالة صنع الله وتعيين بن قدارة مكانه وتسديد ديون مستحقة على المؤسسة العسكرية منذ حرب طرابلس، مقابل فك التحالف مع حكومة فتحي باشاغا وإجراء تعديل وزاري يصوت عليه البرلمان، وهو ما سيضمن استمرار الدبيبة في السلطة.

فرحات بن قدارة: أي طعن في التعيين ينبغي أن يكون في المحاكم

وتشير التسريبات في مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن الخلافات بشأن هذا الاتفاق وصلت إلى ابنيْ حفتر صدام وبلقاسم، ففي حين أشرف صدام على الاتفاق مع الدبيبة يتمسك بلقاسم باستمرار حكومة باشاغا.

وقالت حكومة الوحدة في طرابلس إنها نصَّبَت رئيسا جديدا للمؤسسة الوطنية للنفط في المقر الرئيسي للمؤسسة الحكومية الخميس، فيما أكد البرلمان الليبي في بيان أن مجلس إدارة مصطفى صنع الله مازال شرعيا.

وبدوره طالب المجلس الأعلى للدولة -استشاري ومقره طرابلس- الدبيبة بإلغاء قرار تعيين رئيس جديد للمؤسسة الوطنية للنفط، ما يكشف حالة الانقسام والخلافات وصراع النفوذ والمصالح.

ويقول مراقبون إن رفض مجلس الدولة للإقالة مرده رفض تعيين بن قدارة المعروف بقربه من حفتر وبُعده عن تيار الإسلام السياسي.

وتؤجج المنافسة بين المعسكرين الصراع في ليبيا منذ سنوات، وأصبحت تهدد الآن بتقويض الاستقلال الذي حافظت عليه الشركة منذ فترة طويلة بعيدا عن الاقتتال الداخلي بين الفصائل.

ورفض صنع الله، المدعوم من الهيئتين التشريعيتين المتعارضتين في ليبيا، إقالته في خطاب شديد اللهجة، قائلا إن “الدبيبة لا يتمتع بأي سلطة لأن تفويض حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها انتهى”. لكن بيانا للمؤسسة الوطنية للنفط قال إن “مسلحين ملثمين اقتحموا مقر الشركة لتنصيب بن قدارة بشكل غير قانوني”.

وعرضت المؤسسة الوطنية للنفط في وقت سابق ما اعتبرته لقطات لموظفي الشركة وهم يتشاجرون مع مسؤولين من حكومة الوحدة الوطنية كانوا يرافقون بن قدارة.

وبالرغم من ذلك عقد بن قدارة مؤتمرا صُحُفيّا في مقر المؤسسة الوطنية للنفط بعد فترة وجيزة، وقال مراسلون وشهود إن “الوضع هناك يبدو هادئا”.

ونشرت شركتان تابعتان للمؤسسة الوطنية للنفط -هما شركة الواحة للنفط وشركة الخليج العربي للنفط- تغريدات على تويتر لدعم مجلس الإدارة الجديد قبل أن تحذف الواحة رسالتها بسرعة. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الشركات الأخرى التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط قد اعترفت ببن قدارة كرئيس.

خطاب شديد اللهجة
خطاب شديد اللهجة

وكانت السيطرة على عائدات النفط بمثابة الجائزة الكبرى التي سعت الأطراف المتحاربة في ليبيا على مدى سنوات للفوز بها، وقد وصل الإنتاج خلال العام الماضي إلى 1.2 مليون برميل يوميا، أي أكثر من واحد في المئة من إمدادات الخام العالمية.

لكن الإمدادات صارت في حالة تذبذب إثر قيام الفصائل المتنافسة بتعطيل العمليات في الحقول وموانئ التصدير، مستخدمة هذا التعطيل وسيلة في الصراع المستمر منذ سنوات للسيطرة على الحكومة والوصول إلى أموال الدولة.

ولم تتضح الكيفية التي سيؤثر بها الخلاف على رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، في ما يتعلق بالحصار الذي تفرضه الفصائل الشرقية المتحالفة مع حفتر على المنشآت النفطية وأدى إلى خروج 850 ألف برميل يوميا من السوق.

وكان الحصار يهدف إلى إجبار الدبيبة على التنحي عن منصبه لصالح حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا عينها حلفاء خليفة حفتر في البرلمان خلال مارس. ويقول الدبيبة إن حكومته مازالت شرعية.

وقال بن قدارة إن “أي طعن في قيادته للمؤسسة الوطنية للنفط ينبغي أن يكون في المحاكم”، مضيفا أن هناك ما وصفه بأنه أنباء طيبة ستلوح في الأسبوع المقبل وتتعلق بعودة صادرات النفط إلى أقصى مستوياتها.

وقالت الولايات المتحدة -التي تحاول إنهاء التنافس بين الفصائل التي تتناحر من أجل السيطرة على إمدادات النفط، وذلك من خلال آلية جديدة مقترحة للإشراف على مالية الدولة- إنها تتابع بقلق بالغ التطورات، ودعت إلى تجنب اندلاع اشتباكات مسلحة.

4